“نحن هدمنا مزرعة بيت الأسد
نحن الآن نبني وطن ونغير التاريخ
نحن مستمرين بثورتنا لحتى نوصل للدولة الحلم، سوريا ديمقراطية للكل
إذا أردنا أن تكون النتائج عظيمة يجب أن تكون التضحية عظيمة
السلاح لا يقتل الفكرة وإن فني جسد الفارس”
هذه هي كلمات الشهيد رائد الفارس قالها قبل اغتياله، اليوم نبكيه ونرثيه مثله مثل شهداء الثورة السورية الذين سبقوه، ولكن رائد لم يستشهد بفعل إجرام الأسد، بل بأيادي غدر طالته مع زميله ورفيق دربه حمود جنيد.
رغم معرفتنا بأن ما حصل مع رائد وحمود هو حقيقة وأمر محتوم، إلا أننا حتى الأن لا نصدق أنهما قد رحلا عن هذه الأرض، رحلا قبل أن يشاهدا الأسد يسقط كما سقط القذافي وعلي عبدالله صالح وزين العابدين وحسني مبارك، رحلا قبل أن يشاهدا سوريا الحرة والديمقراطية التي كانا يحلمان ويخططان لها، في يوم الجمعة الذي كانا بالتأكيد ينتظرانه بفارغ الصبر، حتى تصدح به حناجر الحرية وتعلو الهتافات، رحلا في اليوم الذي أحباه سوياً والذي كنا نرى فيه هندسة رائد في اللافتات، وإبداع حمود بالتقاط الصور.
الكثير منا، بما فيهم نفسي، لم نكن على علاقة شخصية برائد أو حمود، الثورة من عرّفتنا على هذين الثائرين، أوائل الثوار المدنيين، اللذين ساهما بإبداع وعطاء غير متناهي لأجل ثورة الحرية والكرامة، لأجل الشعب السوري، لأجل سوريا الحرة والديمقراطية.
لا يوجد هناك كلمات تعزينا بفقدان شخص بحجم رائد، شخص بحجم ثورة، فارس اللافتات، شهيد كفرنبل الجميل، رائد الثورة وفارسها، الذي لم يستطع الأسد ونظامه إسكاته عن فضح إجرامه طيلة السنوات السبع، وإسكات قلمه عن خط لوحاته الجميلة، لم يستطع كتم أفكاره الحالمة بالحرية للشعب السوري، إلا أن خفافيش الظلام، أيادي الغدر والخيانة استطاعت ذلك، وأطفأت شمعة الثورة التي كانت تنير الدرب بكلماتها، وقتلت رائد.. وحمود أيضاً.
كان أملنا بمن بقي ولم يغادر، لكنهم للأسف يرحلون، يقتلونهم ويغتالونهم، يقتلونهم ليطفؤوا فوانيس قلوبنا، ليدفنوا آخر بريق من أمل في سوريا الحرة والديمقراطية، يقتلون من شاركنا لحن الأمل، يكتمون صوت كل من يحاول أن يحلم بسوريا جديدة قائمة على المبادئ المدنية، يقتلون كل من لديه صوت حر وأفكار سلمية وحضارية، حتى لا يبقى للشعب أي منارة تضيئ دربه، ليعود إلى الظلام من جديد، يقتلون فينا البسمة، والتفاءل، والجمال، والأمل بإسقاط النظام، يقتلون من أبقى تلك الثورة متقدة ودافع عنها وثبت على مبادئها وأهدافها، ومن كتب لنا فليسقط العالم جميعاً، يقتلون رائد الفارس.. وحمود أيضاً.
كل الذين مثل رائد لا يمكن أن يُسكت حناجرهم إلا الموت، ولكن الفكرة التي لا تموت ستظل تقاوم، ولم يكن غريباً أو مفاجئاً أن يموت رائد أو حمود بهذه الطريقة القذرة كفاعليها، ولكن هل يعقل أن يكون رحيلهما بهذا الهدوء وبهذا القدر من البساطة والعبثية دون أن يحدث شيء؟ أم أنه سيكون مثل أول اغتيال حدث ومر هكذا بهدوء واستسلام، دون أن تنكسر اليد السوداء الآثمة المجرمة.
الحزن اليوم كثيف جداً، يخنق قلوبنا، لا نحن قادرون على الصراخ والبكاء، ولا على الانتقام أو حتى التعبير، فاجعة جديدة تضاف إلى سجلات مآسينا، ترجل الفارس والجنيد وبقيت جدران كفرنبل أعظم ماحصل في الثورة السورية، تحكي قصة أبطال عشقوا الحرية ورسموا على جدرانها حكاياتهم بدمائهم الزكية.
ستبقى لافتات رائد الشهيرة في كفرنبل، وستبقى لقطات حمود شاهدةً إلى الأبد على الجرائم التي اقترفها نظام الأسد بحق الشعب السوري، سيبقون شعلتنا ونور طريقنا، ستبقى كلمات رائد التي غزت أحشائنا ورسخت أفكارنا مصممةً لبلوغ الحرية، ولن تسقط راية الثورة التي حملوها سويةً، ولن يسكت الهتاف الذي كانوا دائماً شاهدين عليه، ولن تنسى الكلمات التي أرعبت أنظمة الفساد، قد خطت بقلمٍ حر ودم حرٍ.
وفي وداع الفارس أقول: يا نجمة الثورة فوق كفرنبل علّيتي، الفارس أخذتي والأنذال خليتي.
Sorry Comments are closed