منذ بداية الحملة العسكرية في سوريا والسلطات الروسية لم تعترف بمقتل جنود من شركات أمنية روسية خاصة في الحرب، بل وحتى لم تعترف بوجود هذه الشركات أصلا.
وقال ديمتري بسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي قبل أيام:” ليس لدينا مثل هذه الكيانات”.
وقد تحدثت بي بي سي الروسية لشخص سافر لسوريا خلال العام الحالي، والذي قال : “إن مرتزقة روس من شركة بي ام سي فاغنر الخاصة شاركوا في عمليات منذ بداية عام 2018 في سوريا وشرق أوكرانيا، ثم توجهوا للسودان وجمهورية افريقيا الوسطى وسيتوجهون قريبا جدا لليبيا.”
وأضاف نيكولاي أفرين، وهذا ليس اسمه الحقيقي:” يوجد نحو 80 منهم في السودان، وقد أخذوا مؤخرا في التجمع للتوجه لليبيا.”
وقبل الالتحاق بفاغنر عمل أفرين كجندي مرتزق في الشيشان في بداية الألفية،
عملية التجنيد
ويقول أفرين إن العمل لحساب فاغنر يمثل مصدر دخل جيد للغاية حتى لو ام تكن هناك مهام قتالية، ولكن في المقابل لا يوجد استقرار فمن عاد من رحلة الصيف لسوريا أنفق المال، والكثيرون يبحثون عن عمل حاليا.
وتابع قائلا إنه في بداية الحرب في سوريا كانت مدة الرحلة تصل إلى 6 أشهر، ولكن جميع الرحلات الآن لا تستغرق أكثر من 3 أشهر.
وحول طريقة الالتحاق بالشركة قال إن “المتطوع” يقوم بملء وثائق التوظيف في قاعدة التدريب بمولكينو.
ومضى يقول إنه عقب ذلك يمر “المتطوع” الجديد بعدة مراحل من الفحص تشمل في البداية فحص اللياقة البدنية، ثم يتلقى الفحص الطبي وأغلب حالات الرفض تكون بسبب الالتهاب الكبدي، ثم فحص تعاطي المخدرات.
وأضاف قائلا إنه بعد ذلك يقوم “المتطوع” بكتابة كل التفاصيل الخاصة بأسرته وأصدقائه ومعارفه ومن يجب أن تدفع لهم الشركة التعويض في حالة موته خلال العمل، ويطلب منه أيضا إمداد الشركة بكل كلمات المرور الخاصة به على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد ذلك يجري “لقاء عمل” مع مسؤول أمني متخصص.
وقال إنه في حالة اجتياز كل هذه المراحل يتم ضم “المتطوع” للشركة ويبدأ في تلقي راتبه بعد استلام رقمه الشخصي.
وبعد ذلك يوقع مقاتل فاغنر عقدا لمدة عام براتب شهري قدره 80 ألف روبل ويشمل العقد تعويضا قدره 300 ألف روبل في حالة الإصابة و2 مليون روبل تعويضا للأسرة في حالة الوفاة. وارتفع تعويض الوفاة لاحقا إلى 5 مليون روبل.
وأقيمت بالقرب من أحد المنتجعات في روسيا كنيسة تخليدا لضحايا فاغنر في سوريا بالقرب من معسكر التدريب الخاص بهم في مولينكو. كما أقيمت نصب تذكارية في بعض المناطق السورية وشرق أوكرانيا لإحياء ذكرى ضحاياهم.
طباخ بوتين
وقد أشارت تقارير إعلامية عديدة إلى وجود مقاتلي فاغنر في سوريا وشرق أوكرانيا وحتى في مختلف الدول الافريقية.
ففي 30 يوليو/تموز الماضي لقي الصحفيون الروس أورخان جمال وكيريل رادشينكو وأليكسندر راستورغوف حتفهم في جمهورية افريقيا الوسطى وهم يصورون فيلما عن نشاط المرتزقة الروس هناك.
ويتردد أن رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين الشهير بطباخ بوتن هو مؤسس شركة فاغنر، والذي من جانبه نفى ذلك.
وكان الرئيس الروسي بوتين قد سئل عن بريغوزين فقال إنه يعرفه، ولكنه ليس صديقه.
وبريغوزين مدرج على لائحة العقوبات الأمريكية بسبب صلته بالانفصاليين في شرق أوكرانيا.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في ديسمبر/ كانون الأول 2016، إن بريغوزين لديه “معاملات تجارية واسعة” مع وزارة الدفاع الروسية وكان مرتبطاً ببناء قاعدة عسكرية جديدة بالقرب من أوكرانيا.
ونسبت صحيفة “واشنطن بوست” لمصادر استخباراتيةالقول إن بريغوزين كان على اتصال وثيق بالكرملين في الفترة التي سبقت الهجوم على قاعدة قوات سوريا الديمقراطية العسكرية في السابع من فبراير/شباط 2018 في دير الزور التي تقع فيها حقول النفط.
ووفقا للتقرير، أظهرت الاتصالات التي تم رصدها أن بريغوزين شارك أيضاً في التخطيط العملي مع المسؤولين السوريين، قبل بدء الهجوم. ونفى الكرملين أن تكون هناك أي قوى عسكرية روسية منظمة للقيام بتلك العملية واعترفت بسقوط عشرات القتلى والجرحى الروس دون إعطاء المزيد من المعلومات حول ذلك.
وقال زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني إن شركات بريغوزين باتت تسيطر على كل عقود وزارة الدفاع الروسية. وأشارت الشركة على موقعها على شبكة الانترنت أنها أضافت مؤخراً مجالات التعدين وانتاج الغاز والنفط إلى قائمة مجالات أنشطتها، وافتتحت مكتبا لها في العاصمة السورية دمشق.
ويعرف بريغوزين أيضاً باسم “طباخ بوتين”، الذي يورد مستلزمات الأطعمة للحفلات في الكرملين. ثم توسعت أعماله من سلسلة مطاعم فاخرة إلى خدمة القوات المسلحة الروسية.
شركات واجهة
وقد توصلت بي بي سي الروسية إلى أن شركة بي ام سي فاغنر منذ بدايتها تستخدم شركات أخرى كواجهة لها ولا تربط نفسها بشكل مباشر بأعمال بريغوزين.
ومن بين هذه الشركات الواجهة شركة “أدوية” تحمل اسم كونتور والتي سجلت عام 2014 في سان بطرسبرغ برأسمال 10 آلاف روبل ويعمل بها 4 موظفون وزاد رأس المال إلى 300 مليون روبل عام 2014 ثم 1.9 مليار روبل عام 2017.
وكان مدير عام كونتور أندريه كاتشينكو قد وافق على إجراء حوار مع بي بي سي الروسية ثم اعتذر وسافر.
وكان هناك شركة أخرى تحمل اسم كيو ام اس انطلقت ككيان قانوني عام 2014 وظلت كذلك لمدة عامين ولكنها لم تعد مسجلة بعد ذلك. ووجدت بي بي سي الروسية أن مقر الشركة كان غرفة في مبنى وبجوارها مركز للشرطة.
وكان هناك شركة أخرى حملت اسم اس ام كي وكان دينيس بريبيلوف البالغ من العمر 44 عاما هو آخر مدير لها وقد وافق على لقاء بي بي سي الروسية.
وقال:” شاهدت إعلانا يطلب مديرا فتقدمت وقبلت وكان الراتب 12 ألف روبل وقد انضمت زوجتي لي، ولكننا غادرنا لاحقا”.
وعندما علم بريبيلوف من بي بي سي الروسية أنه كان قبل 3 سنوات قائدا على الورق لجيش خاص لم يبد امتعاضا وقال:” سمعت شيئا عن فاغنر في التلفزيون.” وأضاف:” لقد فقدت صديق طفولتي في شرق أوكرانيا كان يقاتل هناك.”
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت في يونيو/حزيران 2017 فاغنر على قائمة الأفراد والكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات بسبب مشاركتها في الصراع الأوكراني. وقالت إن فاغنر أرسلت جنوداً للقتال إلى جانب الانفصاليين الأوكرانيين في شرق أوكرانيا.
المصدر: شبكة الـBBC
Sorry Comments are closed