إدلب.. اتفاق سوتشي في مهب رياح حلف أستانة

فريق التحرير21 نوفمبر 2018آخر تحديث :
رويترز

أحمد زكريا – حرية برس

تفيد الأنباء الواردة من منطقة إدلب عن مساعٍ إيرانية لتخريب الاتفاق الذي تم في “سوتشي” بين تركيا وروسيا بخصوص إقامة منطقة منزوعة السلاح، وبحسب مصادر محلية، فإن قوات الأسد وداعمتها إيران مستمرة في خروقاتها وفي محاولات التقدم على عدة جبهات ومنها جبهة “ريف حماة” الداخلة ضمن الاتفاق.

وقال “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” في دراسة نشرها، 12 تشرين الثاني /نوفمبر الحالي، إن “منطقة خفض التصعيد الرابعة تشكل اليوم تحدياً كبيراً يحدد النجاح أو الفشل في التعامل معه مصير الحل السياسي في سورية، وهذا ما يتطلب تكريس جهود محلية ودولية لدعم تنفيذ الاتفاق كمرحلة أولى، ومن ثم تأمين استقرار المنطقة عبر عملية إعادة الهيكلة السياسية والعسكرية والإدارية، الأمر الذي يتطلب تنحية الملف السوري عن قائمة الملفات الخلافية مع تركيا، والتعامل مع المنطقة كآخر مناطق الثورة السورية وليس كمنطقة نفوذ تركي”.

وخَلصت الدراسة في بعض نقاطها، إلى أن “شبح احتمال شن حملة عسكرية على إدلب لا يزال قائماً، خاصةً في ظل مواقف الفصائل المتشددة في المنطقة من الاتفاق، والإصرار الروسي على استعادة إدلب واعتبارها الاتفاق مؤقتاً، حيث تراهن موسكو على العقبات والإشكاليات التي تعاني منها إدلب، والتي يصعب على تركيا منفردة أن تضطلع بها في حدود الإطار الزمني المرسوم لتنفيذ الاتفاق”.

وفي ظل تلك التطورات، تشير أصابع الاتهام إلى أن المحرض الرئيس لخرق اتفاق ادلب هي إيران، في حين يتساءل مراقبون عن مصير اتفاق إدلب في ظل استمرار تلك الخروقات؟ وما هو السبب الرئيس وراء المساعي الإيرانية لخرق الاتفاق؟ وما هو موقف موسكو من هذه الخروقات؟ وما هو موقف الأتراك من تصريحات إيران الأخيرة بأنها تنوي إرسال قوات حفظ سلام إلى تلك المنطقة بناء على طلب من النظام؟

الاتفاق يهدد إيران والأسد

الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن التركي “طه عودة أوغلو” قال: إن إيران وميلشياتها في سوريا، تعمل منذ اللحظة الأولى لإبرام اتفاق سوتشي على إحباطه بكل الوسائل المتاحة لها، مستفيدة من عدم وجود آليات للمراقبة والمحاسبة بالنسبة لمن يخرق الاتفاق، لذا فهي ترى أن أي اتفاق لوقف القتال هو خطوة أولى في إنهاء وجود نظام بشار الأسد، لأن الاستقرار يعني البدء بالحل السياسي وهو حل مهم لكن لن يبقي على النظام، كما أن نجاح الاتفاق يعنى أيضا إخراج إيران من المعادلة السورية والبدء بتنفيذ المطالب الأمريكية بضرورة إنهاء الوجود الإيراني من الأراضي السورية، و لهذا السبب الفوضى وعدم الاستقرار على الأرض يصب في مصلحة إيران وبقاءها في سوريا.

وأضاف “عودة أوغلو” في حديثه لحرية برس: أن روسيا في الأصل غير راضية تماماً عن اتفاق سوتشي لكن كما نعلم جميعا بأن هذا الاتفاق يبقى الحل الأمثل لها بهدف الحفاظ على علاقتها مع أنقرة، وعدم خروج تركيا عن سيطرتها في الوقت التي شهدت فيه العلاقات التركية الروسية تقاربا ملحوظاً، كما أن الروس حاليا ليس من مصلحتهم نسف الاتفاق الأمر الذي سيعرضها لضغوط دولية مكثفة هي في غنى عنها في ظل التوتر الروسي الأوروبي، بل على العكس تسعى حالياً لكسب المجتمع الدولي، والتأكيد بأن هذا الاتفاق هو مقدمة لحل سياسي حقيقي في سوريا.

مخاوف من انهيار الاتفاق

 

وفيما يتعلق بمصير اتفاق إدلب في ظل استمرار الخروقات من نظام الأسد وداعميه أوضح “عودة أوغلو”، أنه وعلى خلفية القصف والهجمات المستمرة من قبل النظام السوري والميليشيات الإيرانية ضد فصائل المعارضة خلال الأيام الأخيرة، يمكن القول بأن اتفاق سوتشي بات مهدداً بالانهيار، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن تركيا لن تسمح بانهياره وقال: لاحظنا خلال الفترة الماضية تحركات تركية نشطة في كل الاتجاهات لضمان عدم انهيار الاتفاق، خاصة أن ذلك سيشكل نكسة لكل الجهود التي بذلتها لتعزيز وجودها في إدلب، ومنع حدوث موجات نزوح إلى أراضيها.

وعن رأيه في التصريحات الإيرانية مؤخراً فيما يخص إرسالها قوات حفظ سلام إلى منطقة إدلب قال “عودة أوغلو”: إنه وعلى الرغم من التطور الكبير في العلاقات التركية الإيرانية خصوصاً على الصعيد الاقتصادي خلال الفترة الأخيرة، إلا أن هذا لا يعنى بأن أنقرة ستغض الطرف عن أي تحركات إيرانية جديدة في سوريا في المستقبل، بل هي أكدت أكثر من مرة عبر كبار مسؤوليها بضرورة انسحاب الميليشيات الإرهابية التابعة لإيران في سوريا، وهي رسالة واضحة على الرفض التركي للوجود الإيراني في سوريا.

خلافات روسية تركية

وفيما يتعلق بموقف موسكو من الخروقات من قوات النظام وخاصةً إيران، رأى الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشؤون التركية والروسية الدكتور “باسل الحاج جاسم”، أن هناك اختلافات تكثر يوماً بعد يوم بين موسكو وطهران في الساحة السورية، بسبب نظرة كل طرف منهما إلى مستقبل سورية، وكلما اقتربت المعارك من الانتهاء واقتربنا من تسوية ما تظهر أكثر تلك التباينات إلى السطح، إلا أن كل ذلك لم يرتق إلى مستوى خلاف حتى اليوم.

 

وأضاف “جاسم” في حديثه لحرية برس، بأنه يصعب الاعتقاد أن طهران يمكن أن تتقدم إلى مناطق مجاورة لتركيا بدون تنسيق ورضى أنقرة، فاليوم أمام البلدين امتحان كبير وهو معركة شرق الفرات، لذلك أي خطوة من هذا النوع حتمًا سيكون هناك تنسيق عليها.

.

.

تحرك أمريكي يقلق موسكو

وقال “هشام اسكيف” نائب رئيس المكتب السياسي للواء “السلام” في تصريحات لحرية برس: إنه بالنسبة لمصير الاتفاق، فإنه ساري المفعول مادامت موسكو لا تستطيع إنجاز غيره ولن تستطيع لعدة أسباب، أهمها أن الولايات المتحدة بدأت تتحرك بشكل يؤرق موسكو، وقد أصبح لديها استراتيجية محددة ومزمنة بتواقيت وأهداف وليس كما كان من قبل.

ويرى “اسكيف” أن الخروقات تلك تستخدم من قبل موسكو كساحة للمناورة، والسبب أن الأهداف الأمريكية تتعاكس مع أهداف موسكو، وهناك فرص لعودة الدفء للعلاقات التركية الأمريكية، وهذا أيضاً يزعج الروس الذين يريدون إرسال تنبيه خشن للأتراك أنهم في سعيهم تجاه الأمريكان قد يخسرون، ولكن موسكو لا تستطيع ولن تستطيع سوى المناورة إذ إن بدء معركة شاملة تعيد خيوط اللعبة إليها أمر في غاية الصعوبة.

أما بالنسبة لإيران، فيرى “اسكيف” بأن إيران محشورة في زاوية العقوبات وتحاول تجميع الأوراق بيدها، فهي تحاول المناورة في اتفاق سوتشي وتشاغب عليه، فتارةً تعطل الحكومة اللبنانية وتراها تعيق الحكومة العراقية وأيضًا في اليمن، إذن هذه هي أهداف إيران.

ولفت في ختام حديثه، إلى أن الأيام القادمة ستشهد محاولات روسية للتخلص من مأزق اللجنة الدستورية، التي تعهدت أن تكون برعاية أممية، ولكنها ملزمة بذلك والعين الغربية تضعها تحت المجهر.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل