علاء فطراوي – إدلب – حرية برس:
لا تزال بعض المهن القديمة في الشمال السوري المحرر حاضرة رغم ندرتها، إلا أنه أصبح من الضروري الاعتماد عليها، ومنها تصليح مواقد ’’بوابير‘‘ الكاز القديمة، التي لا يزال البعضُ يلجأ إليها في الشتاء البارد.
’’أبو علاء بري‘‘ أحد أقدم العاملين في مهنة تصليح بوابير الكاز القديمة، ويملك محلاً في بلدة كفردريان بريف إدلب الشمالي، ولايزال مستمراً في مزاولة هذه المهنة كمن يسعى إلى تذكير الجيل الجديد بوسائل كانت شبه وحيدة للإضاءة وللطبخ والغسيل وحتى للاستحمام، فيما يقصده الناس اليوم بشكل مستمر.
ويقول ’’أبو علاء‘‘ في حديثه لحرية برس، ’’أعمل بهذه المهنة منذ عشرين عاماً أنا وأخوتي، تعلمتها عن طريق شقيقي الكبير الذي كان يتقنها بشكل جيد‘‘، لافتاً إلى أنه كان موظفاً بإحدى الدوائر سابقاً وكان يذهب إلى محله بعد الوظيفة في مدينة حلب.
وأشار أبو علاء إلى أنه بعد عام 2011 ونتيجة ماتعرضت له مدينة حلب من بطش وتدمير من قوات نظام الأسد، عاد إلى قريته ليعمل من جديد، حيث افتتح محلاً صغيراً بأحد الشوارع.
ونوّه أبو علاء إلى أن ’’هذه المهنة كانت ستندثر بشكل كامل كما اندثرت غيرها من المهن، لكن الوضع الاقتصادي والحصار المفروض وارتفاع أسعار اسطوانات الغاز دفع الاهالي إلى العودة لهذه الأشياء القديمة والبسيطة‘‘.
وحول أهم الصعوبات التي تواجع عمله أوضح أبو علاء قائلاً: ’’صعوبة تأمين القطع من روؤس البوابير وغيرها،
فهذه المهنة كغيرها ستندثر مع الأيام إذا لم يوجد أشخاص يتقنوها، فإذا لم أورثِها لأولادي وغيري كذلك فإنها ستختفي بشكل كامل‘‘.
وأضاف أبو علاء أن أجرة التصليح لا تتجاوز 500 ليرة سورية، في حين أن “رأس البابور” يبلغ سعره 1800 ليرة حيث أنه قطع التبديل يتم جلبها عن طريق التجار من مدينة حلب.
وعن أسعار بضاعته ذكر أبو علاء أن “البابور الجديد ثمنه يبلغ حوالي 4 آلاف ليرة (16 دولار) وهذا أقل من ثمن القديم المستعمل الذي يصل سعره حتى 10 آلاف (40 دولار)، أما أجرة تصليح البابور فتتراوح بين 200 – 3500 ليرة (1- 12.5 دولار) حسب العطل، فالكثير من المواد التي تستخدم في التصليح والتي كنا نشتريها سابقا من مدينة حلب أصبحنا نشتريها الآن من بلاد أخرى، مثل تركيا، وهذا يرفع من الكلفة‘‘.
وانتشرت مهنة تصليح البوابير في بلاد الشام بعد استعماله لأول مرة إبان الحرب العالمية الثانية، ولم يبق إلا القليل ممن يعملون فيها، ومازالت تقاوم الحداثة ومخرجاتها، فيما يرى أصحابها في بقائها حية بين الناس انتصاراً لها بل ويحافظون عليها باستماتة عملاً بالمثل الشعبي القائل ’’الي ماله قديم ماله جديد‘‘.
عذراً التعليقات مغلقة