ياسر محمد – حرية برس
نشرت صحيفة الشرق الأوسط، أمس الثلاثاء، مضمون رسالتين وجههما وزير خارجية نظام الأسد، وليد المعلم، وسفير النظام لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حول رؤية نظام الأسد للجنة الدستورية ودور الوسيط الدولي في تلك العملية.
وكان لافتاً في الرسالتين الإصرار على تحجيم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، وتحديد دور المبعوث القادم، غير بيدرسون، كـ”ميسر” لعمل اللجنة الدستورية، أما الأهم والذي يُعتبر محور الرسالتين وهدفهما، فهو سحب البساط من مسار “جنيف” الأممي، وإعطاء الدور كاملاً لمسار “أستانا” وضامنيه الثلاثة، (روسيا وإيران وتركيا)، إذ يعول النظام على غلبة رأي الروس والإيرانيين في هذا المسار الثلاثي.
رسالة “المعلم” الخطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكدت على مبادئ أربعة يجب التمسك بها خلال تشكيل اللجنة الدستورية، وهي: “أولاً: ضرورة الالتزام القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً وأنْ لا مكان للإرهاب على الأراضي السورية. ثانياً: يجب أن تتم العملية كلها بقيادة سورية وملكية سورية وعلى أساس أن الشعب السوري صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبله من دون تدخل خارجي ذلك انطلاقاً من أن الدستور وما يتصل به شأن سيادة بحت يقرره السوريون بأنفسهم. بالتالي لا يمكن القبول بأي فكرة تشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية السورية أو قد تؤدي إلى ذلك. ثالثاً: يجب عدم فرض أي شروط مسبقة أو استنتاجات مسبقة في شأن عمل اللجنة والتوصيات التي تقررها، اللجنة هي سيدة نفسها التي تقرر ما يصدر عنها وليس أي دولة ولا أي طرف مثل المجموعة الصغيرة التي حددت في شكل مسبق نتائج عملها (لجنة الدستور). رابعاً: يجب عدم فرض جداول زمنية أو مهل مصطنعة فيما يخص اللجنة… بل يجب أن تكون خطواتنا مدروسة وأن تشبع نقاشاً لأن الدستور سيحدد مستقبل سوريا لأجيال قادمة. لذلك يجب عدم الاستعجال”.
ويُفهم من اشتراطات النظام أن الشريك (المعارضة) هو مجرد طرف “إرهابي” أو داعم للإرهاب، كما أن النظام عندما يتحدث عن “الدولة” فإنه يعتبر نفسه ممثلاً شرعياً ووحيداً لها، فيما يأتي التأكيد على ضرورة عدم وضع جدول زمني لعمل اللجنة، لتمييع العملية وحرفها عن مساراتها عبر اللعب على عامل الوقت، وهو أمر لطالما برع النظام فيه.
كما تضمنت رسالة وزير خارجية النظام تضميناً صريحاً لنسف عملية “جنيف” الأممية التي تُعتبر أساس الحل السياسي السوري، والاستعاضة عنه بمسار “أستانا”، وجاء في الرسالة بهذا الخصوص: “الاقتراح الذي قدمناه للمبعوث الخاص (دي مستورا) أن يتم العمل مع ضامني آستانة في شأن إعداد القائمة الثالثة (المستقلون) بالتنسيق معنا ومع الأمم المتحدة هو اقتراح عملي ونابع من حقيقة أن فكرة تشكيل لجنة لمناقشة الدستور جاءت بعد اتفاق السوريين في مؤتمر سوتشي ضمن سياق تفاهمات مسار آستانة الذي كنا وما زلنا جزءاً منه. بالتالي لا يمكن تقليل أو تجاهل دور الدول الضامنة”، إضافة إلى قولها إنه بالنسبة إلى دور مبعوث الأمم المتحدة “نرحب بدوره كميسر لأعمال اللجنة، لكن لا يمكن أن يكون طرفاً ثالثاً على قدم المساواة مع الحكومة والمعارضة… ونعتقد أن يمكن أن يلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف وتسيير وضع هذه القائمة بالتنسيق مع الدول الضامنة والأطراف السورية المعنية”.
يُذكر أن الدول الضامنة لمسار “أستانا”، والمجموعة المصغرة (أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية ومصر والأردن) طالبوا المبعوث الأممي المستقيل، ستافان دي مستورا، بتشكيل اللجنة الدستورية قبل نهاية العام الجاري، إلا أن الأخير أوضح لجميع تلك الأطراف أنه بعد تقديم النظام والمعارضة لوائح بأسماء المرشحين للجنة (50 عضواً من كل طرف)، ما زالت لائحة (المستقلين) تشكل عائقاً أمام استكمال تشكيل اللجنة، إذ يرفض النظام أن تقوم الأمم المتحدة ومبعوثها بتسمية هذا الثلث، مشترطاً موافقته عليه، وهو ما يتنافى مع مخرجات “مؤتمر سوتشي” الذي انبثقت عنه فكرة اللجنة الدستورية ونظام تشكيلها.
عذراً التعليقات مغلقة