ياسر محمد – حرية برس
دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران حيز التنفيذ، أمس الاثنين، مستهدفة القطاعات الحيوية (الطاقة، النفط، الخدمات المصرفية، الشحن..)، بما وُصف بأنه “العقوبات الأقسى في التاريخ”، بغية “تعديل سلوك النظام الإيراني” وليس تغييره، وفق ما قالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن سلوكيات النظام الإيراني التي يجب تغييرها -وفق الرؤية الأمريكية- التدخل في شؤون البلدان العربية وبلدان الشرق الأوسط، وعلى رأسها سوريا، التي دخلتها إيران بقوة، داعمة نظام الأسد ضد الثورة الشعبية التي اندلعت ضد نظام حكمه.
ومع سريان العقوبات، أصدرت الجهات المسؤولة في الإدارة الأمريكية بيانات أوضحت حجم الدعم المالي الإيراني لنظام الأسد، الذي مكّنه من الصمود، ومكّن إيران من التمدد والتغلغل في سوريا ودول الجوار.
وقال “فريق التواصل الإلكتروني” في وزارة الخارجية الأمريكية في بيان نشره أول من أمس الأحد: إن النظام الإيراني أنفق أكثر من 16 مليار دولار لدعم النظام السوري والميليشيات الموالية له في المنطقة، وأشار التقرير إلى أن إيران أنفقت 6.4 مليار دولار لدعم نظام الأسد، و700 مليون دولار سنوياً لتمويل الميليشيات في لبنان (حزب الله).
وأكد الفريق الإلكتروني أن هذه الأموال الطائلة جاءت من العوائد الإضافية التي حصلت عليها طهران من الاتفاق النووي، وكرستها من أجل أجندتها في تقويض استقرار منطقة الشرق الأوسط، بدلًا من تحسين الوضع المعيشي للشعب الإيراني.
وقبل سريان العقوبات بيوم، وفيما يبدو تغيراً في لهجة التحدي التي تصر إيران على انتهاجها، أكد نائب القائد العام لـ”الحرس الثوري الإيراني” العميد حسين سلامي في تصريحات أبرزتها وسائل إعلام إيرانية، أن قوات بلاده “ليس لديها أي خطة للبقاء طويلاً في سورية”. وكرر دفاعه عن الوجود الإيراني، مشيراً إلى أنه “كان بطلب من الحكومة السورية (نظام الأسد)، وليس لدينا أي خطة بعيدة الأمد للبقاء في هذا البلد”.
ورأى متابعون ومتخصصون في الشأن الإيراني أن حرمان نظام طهران من عوائد الاتفاق النووي ستعطل كثيراً من خططه، وتضطره للانسحاب والانكماش داخل حدود بلده، وهو ما تريد الولايات المتحدة تحقيقه دون تدخل عسكري.
هذا التوجه كشف عنه الموفد الأميركي إلى سورية، السفير جيمس جيفري، الذي قال للصحفيين مطلع الشهر الجاري: “موقفنا أن كل القوات الإيرانية عليها أن تغادر، ولكن من الواضح أنها لن تغادر إلا بعد أن يتم الحل السياسي والعسكري للصراع السوري، ونحن نتمنى مغادرتهم غداً، والروس أوضحوا ذلك أيضاً. ولكن من الواضح أن ذلك جزء من أي مسار سياسي سلمي كما ينصه القرار ٢٢٥٤ لمجلس الأمن.. ينبغي مغادرة جميع القوات الأجنبية التي لم تكن هناك عندما اندلعت الحرب في سورية عام ٢٠١١”.
ويبدو أن خطة واشنطن تقوم على حرمان إيران من مصادر تمويل ميليشياتها المنتشرة في سوريا، إضافة إلى إطلاق يد “إسرائيل” التي تشن منذ خمس سنوات هجمات مدمرة على المواقع الإيرانية في سوريا، إذ أكد جيفري أن “إسرائيل” لم تتوقف عن شن الهجمات على تلك المواقع بعد وصول صواريخ “إس 300” الروسية إلى سوريا.
ويرى اقتصاديون أن العقوبات الجديدة ستؤثر بشكل حاد في الوضع الإيراني الهش أساساً، وتفسح في المجال لانتفاضة شعبية عارمة ضد نظام الحكم، حيث جاء في تقرير لمؤسسة “فيتش” الشهر الماضي: “نرى أن إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران ستسبب تباطؤاً حاداً في الاقتصاد الإيراني عام 2018 وستُحدث ركوداً عام 2019، مع انخفاض الصادرات والتدفقات الاستثمارية، وارتفاع التضخم والبطالة وتراجع الاستهلاك”.
عذراً التعليقات مغلقة