هل الحلّ بيد “إسرائيل”؟

زكي الدروبي3 نوفمبر 2018آخر تحديث :
هل الحلّ بيد “إسرائيل”؟

كانت النظرة من عامة الشعب السوري إلى الكيان الصهيوني نظرة عداء، وهذا ما سهل على نظام الأسد المتاجرة بالقضية الفلسطينية معتمداً على المشاعر الوطنية للشعب السوري وتاريخه النضالي، فمن منا لا يذكر المناضلين الأوائل الذين سافروا من سوريا إلى فلسطين للمشاركة في الدفاع عنها ضد غزوات عصابات الهاجاناه وآراغون وشتيرن وغيرها، من منا ينسى فوزي القاوقجي الضابط في الجيش السوري وقائد جيش الإنقاذ ومن منا لا يذكر عز الدين القسام وغيرهم الكثير من المناضلين الأبطال الذين شاركوا بالدفاع عن عروبة فلسطين.

من منا ينسى الدور الوظيفي للكيان الصهيوني بكونه مخفراً متقدماً للإمبريالية العالمية وظيفته منع أي تقدم أو قوة للوطن العربي وشعوبه المختلفة قد يؤثر سلباً على نهبهم لثروات هذا الوطن.

من منا ينسى أن الكيان الصهيوني يعبر بصراحة بأنه دولة يهودية، وبالتالي فهو دولة أقلية دينية لا يمكن لها أن تعيش ضمن بيئة محيطة تتسم بالديمقراطية والتعددية لأنها ستكون بيئة معادية تقليدياً لها، وبالتالي فهي ستبذل جهدها لمنع قيام أي دولة ديمقراطية بجانبها وستحاول جاهدة دفع الدول المحيطة بها لمزيد من الانقسام والصراعات على أسس مذهبية وطائفية فالكيان الصهيوني يرغب بمحيط من دول ضعيفة مفككة كي يستطيع العيش كدولة أقلية يهودية.

ومن ينسى بأنه كيان بني على الاعتداء والعدوان وأن جميع محاولات السلام معه باءت بالفشل بسبب طبيعة تكوينه ككيان عنصري عدواني، فقد ذهب السادات بما يمثله كرئيس أكبر دولة عربية إلى “إسرائيل” محاولاً مد جسور السلام ولم يفلح، وذهبت القيادة الفلسطينية ووقعت اتفاقيات سلام تنازلت فيها كثيراً عن حقوقها المعطاة لها بموجب قرارات من الأمم المتحدة، ولم يلتزم هذا الكيان العنصري في تطبيق أيّ من هذه الاتفاقيات، ويؤكد مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الفلسطينية بأن عدد المستوطنين في الضفة ارتفع من 111 ألفاً إلى 750 ألفاً بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وأضاف في مؤتمر صحفي عقده في رام الله بيونيو حزيران من العام الماضي – مستنداً إلى إحصائية جديدة بعنوان “إحصاءات وحقائق بعد مرور 50 عامًا على النكسة” – بأن عدد المستوطنات الصهيونية تضاعف منذ توقيع اتفاق أوسلو حتى تاريخ إعلان الإحصائية بمعدل سبع مرات بعد توقيع اتفاقية أوسلو، أي أن وتيرة الاستيطان ارتفعت بالأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن اتفاقيات السلام أكثر منها خلال الحروب.

الكيان الصهيوني الذي يضرب بعرض الحائط كل قرارات الأمم المتحدة ويتهرب من تنفيذ كل اتفاقيات السلام، ويعمل على تقويض السلام والأمن في المناطق المحيطة به لأنه كيان يعتاش على الحرب والعنصرية أصبح عند البعض حمامة سلام يعيش ضمن محيط من الأعداء الأشرار، معتقداً أنه حين يهرول مسرعاً لهذا الكيان العنصري يعرض عليه السلام فسيلقى الترحاب، وينسى كل التاريخ القذر لهذا الكيان العنصري، وينسى كل عروض السلام التي قدمتها الدول العربية.

البعض يناور تحت شعارات ومزاودات باحثاً عن دور العمالة لهذا الكيان العدو مروجاً لأكذوبة اسمها السلام كي يمرر مشروعه في الخيانة والعمالة، مبرراً ذلك بأن الملوك والرؤساء العرب والقادة الفلسطينيين هم من هرولوا باتجاه “إسرائيل”، وأن نظام الأسد تاجر بالقضية الفلسطينية، وبالتالي من الأفضل السعي لعقد سلام مع “إسرائيل” كي ترضى عنّا وتسقط نظام الأسد، متناسين أن الأسد الأب باع الجولان كي يصل إلى حكم سوريا، وأن الأسد الابن استقبل ضباطاً صهاينة في غرفة العمليات الروسية في حميميم لتنسيق الطلعات الجوية بين طائرات الدول المختلفة التي تطير في سماء سوريا.

يتساءل ثائر حر؛ منذ متى كان قادة دولنا يعبرون عن المواقف الوطنية الحقيقية للشعوب، وهل عمالة القادة تسمح لأفراد بأن يكونوا عملاء؟ أليس التقاء أفراد سوريين مع ممثلين رسميين عن دولة تحتل أرضنا خيانة عظمى تستوجب المساءلة في المحاكم الثورية؟ وهل أصبح لدينا دولة مستقرة وحكومة منتخبة بشكل ديمقراطي كي تقرر السير بمفاوضات تسفر عن عملية سلام مع الكيان الصهيوني، أم أن العمالة والخيانة أصبحت وجهة نظر في هذا الزمن التعيس؟
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل