يبدو أن إعادة تلميع نظام الأسد قد بدأت في أروقة بعض الدول فيما تتشاور بأمره أخرى ممن كانت تطالب برحيله، فمع انطلاق الثورة السورية وارتفاع وتيرة المظاهرات وحين قال الشعب كلمته وقفت تلك الدول موقفاً ضبابياً، فتارةً تقول لا شرعية لنظام الأسد الذي يقتل ويشرد ويدمر وتارةً أخرى تدعو للتهدئة. وفي أوج الثورة السورية والانتصارات التي حققتها بدأت الصيحات تعلو من أروقة الدول بأنه على الأسد الرحيل، واخترعوا كذبة سميت بأصدقاء الشعب السوري ما كانت إلا وبالاً على الثورة السورية، ففي وقتها احتضنت كل دولة من هذه الدول فصيلاً معيناً أو حزباً بعينه وبدأت عملية تفتيت الثورة وتشتيت الشعب عن الهدف الذي خرج لأجله.
بعد ذلك عاد نظام الأسد وبمساعدة نفس الدول ليستولي على مناطق الثورة وهنا بدأت الوجوه تنكشف والأقنعة تتساقط، وبعد أن تشرذمت الفصائل وذهب قسم منها لصف النظام وبات عناصرها مجرد خدم عند ضباطه عاد زعماء الدول للهتاف: “يجب على الشعب السوري تقرير مصيره”.
لربما كانت الاجتماعات الأخيرة والحركة الدبلوماسية التي تشهدها عدة بلدان بما يخص الشأن السوري أكبر دليل، وهذا ما ثبت على لسان رؤساء دول كفرنسا وألمانيا وأمريكا.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لا زال الشعب السوري قادراً على تقرير مصيره؟
ربما لم يعد لدى الشعب القدرة على قول كلمته بعد استيلاء نظام الأسد على مدن كانت خاضعة لسيطرة الثوار، وبعد تمكنه من إعادة القبضة الأمنية وتشديد الأمن وكثرة الاعتقالات، حتى لو تم الاتفاق على انتخابات مبكرة سيصوت كل من هم في مناطق سيطرته لصالحه.
وقد يقول قائل: إذا تمت الانتخابات تحت رقابة الأمم المتحدة ستتغير النتائج، لكن كلنا نعرف حجم الخوف الذي وصل في نفوس من هم تحت حكم نظام الأسد الذي وصل لحدود اللامعقول، فقد يفكر أحدهم بأنه إذا ما فكر باختيار اسم آخر غير اسم بشار سوف يغيب وراء الشمس، وقد وصل الخوف لدى البعض بأن يحذر من مجرد التفكير المسموح به.
لو كانت دول أصدقاء الشعب السوري صادقة لكانت وقفت بجانبه في قوة الثورة ولقالت إن الشعب قد قال كلمته وقرر في الساحات العامة وفي المظاهرات التي كانت تخرج بالملايين وقوبلت بالرصاص ليقتل كل من يقول لا لهذا النظام، ولكن ما نستشفه من سكوتهم على ما حصل والمراوغة في القرارات هو أن اللعبة والمؤامرة على الشعب، الذي ما عاد قادراً على قول كلمته بعد أن أنهكته سنين الحرب وبعد أن تغلغل في نفوس نسبة لا بأس بها منه الخوف من الاعتقال، ولا ننسى الآخرين ممن هجروا أو كان موقفهم بالأصل ضبابياً.
عذراً التعليقات مغلقة