خواطر عن المؤتمر الوطني [2/2]

زكي الدروبي27 أكتوبر 2018آخر تحديث :
خواطر عن المؤتمر الوطني [2/2]

تحدثت في الجزء الماضي من المقال عن مطلب تجميع قوى الثورة والمعارضة الوطنية الديمقراطية وضرورة عقد مؤتمر ينتج وثائقاً وبرامج وخططاً وقيادة جامعة لكل العمل الثوري والسياسي، وأوضحت أن قوى الإسلام السياسي كانت أحد معيقات الوصول لهذه الوحدة، بالإضافة للأمراض الموروثة من نظام الاستبداد الأسدي، من الذاتية والأنا المتضخمة، وعدم قبول الآخر والسعي للهيمنة، وكانت جميع طلباتنا بضرورة عقد هذا المؤتمر تقابل بالاستغراب والاعتبار بأننا أشخاص حالمون.

اليوم ومع القبول الشعبي والاقتناع بضرورة عقد مؤتمر وطني بدأت تتكاثر الدعوات، وتقف قوى الإسلام السياسي وراء بعض هذه الدعوات، وتقف وراء أخرى قوى فصائلية عسكرية تريد إعادة إنتاج فشلها وخيبتها من خلال السياسة، وثالثة تقف وراءها قوى عشائرية أو أفراد، وكل مجموعة أصبحت تعتقد نفسها الأحق بقيادة المرحلة، وشرف تنظيم مؤتمر وطني، وهكذا سنستمر في الانقسام والتشظي، ومع الدعوات المتكررة التي نشهدها حالياً لإسقاط مؤسسات الثورة السورية (هيئة تفاوض وائتلاف) مستفيدين من الأخطاء التي يقعون بها، والتي تتقاطع مصالح الصهاينة – هذه معلومات وليست تحليل – وأعداء الثورة مع هذه الشعارات والدعوات، وتهدف لدفع قوى الثورة والمعارضة السورية إلى مزيد من الانقسام والتشظي، خصوصاً في ظل توقف الصراع العسكري والانتقال للصراع السياسي، كي لا يكون هناك قوى تمثل الثورة، وكي يدفعوا هيئة التفاوض والائتلاف إلى مزيد من الخضوع والتنازل، وقد وقع الكثير من الناس في هذا الفخ بسبب حماسهم الثوري وأخطاء هيئة التفاوض.

أعتقد أن الذهاب مباشرة إلى مؤتمر وطني أمر خطير في ظل هذا التشظي، ويترتب عليه تبعات كبيرة وزيادة في الانقسام الوطني، ولن ينتج أي جديد، بل على العكس، سيؤدي الفشل والانقسامات إلى زيادة الإحباط لدى جمهور الثورة، وابتعادهم عن الثورة في مقابل نظام مجرم مدعوم دولياً، لديه قيادة واحدة تقود المعركة ضد الثورة السورية، وتستخدم كل الأدوات والأساليب مهما كانت قذرة في سبيل منع الشعب السوري من الوصول لأهدافه في إسقاط نظام الاستبداد الأسدي والانتقال لنظام ديمقراطي تعددي.

يمكن القول من خلال ما خضناه خلال السنوات الماضية من عمر الثورة السورية، أن تجميع القوى الوطنية الديمقراطية المؤمنة بوحدة سوريا أرضاً وشعباً، وبضرورة إسقاط النظام وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات أمام القانون، والمؤمنة بضرورة إبعاد الغرباء عن بلادنا، جيوشاً وميليشيات وأفراد، ومحاربة التطرف بكل أشكاله وألوانه، أمراً ليس بالسهل أبدا، فلم يحدث أن التقت هذه القوى خلال كل سنوات الثورة الماضية، وهناك الخصوصية السورية التي لازالت تعلي من شأن الأنا وتبتعد عن الـ نحن، ويجب أن نعمل للوصول إلى مؤتمر وطني على مراحل، نبدأها بعقد لقاء تشاوري يجمع كل القوى السياسية الوطنية الديمقراطية للتشاور والتباحث في قضايا الثورة وإشكالياتها، وتوضح المشتركات والخلافات والاختلافات الموجودة، بحيث نعظم من نقاط الالتقاء المشتركة بينها، ونبحث في الخلافات ونجري تقارباً حولها، ونبتعد عن الاختلافات التي لا يمكن التقارب حولها حالياً، ونؤجلها لأوقات لاحقة فيما بعد، ويمكن من خلال تكرار اللقاءات بين هذه القوى السياسية الوطنية الديمقراطية أن تتوضح صورة وشكل المؤتمر الوطني وشروط عقده وتفاصيله والمشاركين و…، وبحسب معلوماتي فإن هناك دعوتان للقاء تشاوري لهذه القوى السياسية، الأولى أتت من مجموعة قوى وفعاليات سياسية عديدة منها إعلان سوريا وحزب اليسار الديمقراطي السوري وغيرهم من القوى السياسية الموجودة في تجمع “الطريق إلى المؤتمر الوطني” وهناك دعوة من حركة ضمير واللقاء التشاوري في باريس، وتبحث حالياً ترتيبات دعوة مشتركة بين المجموعتين وأسماء القوى التي ستشارك في اللقاء التشاوري المزمع عقده، والذي إن نجحت هذه القوى في عقده فسيكون أول لقاء للقوى السياسية الوطنية الديمقراطية في تاريخ الثورة السورية.

عانت الثورة السورية منذ انطلاقتها من غياب القيادة السياسية الموحدة التي كان يجب أن تحمل على عاتقها عبء تبني مهام الثورة للوصول إلى تحقيق أهدافها فهل سنبقى في ظل هذه المعاناة أم يتخلى الجميع عن الأنا المتضخمة لديهم ويبحثون مع بقية أفرقاء الثورة والمعارضة السورية سبل الالتقاء وتكوين جبهة موحدة ضد نظام الأسد وأعداء الثورة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل