وسائل الإعلام تتحول للمحقق كونان

هدى أبو نبوت16 أكتوبر 2018آخر تحديث :
وسائل الإعلام تتحول للمحقق كونان

هل كل صحفي هو جمال خاشقجي؟ وهل يجب أن يكون كذلك حتى تتحول كل وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية للمحقق كونان للكشف عن مصيره؟

بكل تأكيد إن اختفاء جمال خاشقجي في قنصلية بلده واحتمال قتله جريمة أخلاقية وإنسانية قبل أن تكون جريمة رأي ومصادرة حريات، فالقتل وإزهاق الروح أقذر فعل يلجأ إليه البشر للتخلص من أعدائهم المحتملين، فكيف إذا كان السبب وراء القتل هو مصادرة رأي فقط لأنه يعارض فئة او سلطة أو ما إلى ذلك؟!

لا شك أن مهنة الصحافة هدفها الرئيسي كشف الحقيقة العارية للجمهور من أجل إحداث تأثير وتغيير في الرأي العام تجاه قضية ما، لكن هل هذا حقاً ما حدث بالتغطية الإعلامية لاختفاء جمال خاشقجي؟

منذ اليوم الأول للحادث لم تتوانَ وسائل الإعلام التركية والأمريكية والغربية عن تناول القضية من مبدأ المحقق وليس ناقل الأخبار؛ وعملت بصورة مكثفة ومدروسة لحشر السعودية في الزاوية قبل أن تظهر النتائج الرسمية للتحقيق لتفتح بازاراً سياسياً واضحاً بين الدول الفاعلة بالقضية، وقد ساهمت كبرى وسائل الإعلام بمقاطعة منتدى “دافوس في الصحراء” حتى يتم الكشف عن مصير خاشقجي وهو توجه سليم ووسيلة ضغط مشروعة ومحقة، ولكن لماذا لم يتم التعامل بالمثل مع قضية اعتقال صحفيين وناشطي مجتمع مدني وزجهم في السجون السعودية فقط لأنهم يرفعون صوتهم برأي مخالف كما فعل خاشقجي؟

هل السبب أن خاشقجي شخصية مشهورة ويكتب في صحيفة أمريكية عالمية “واشنطن بوست”؟هل بسبب علاقاته السياسية الجيدة مع تركيا التي تمت فيها الجريمة؟ أم أن هناك بازاراً سياسياً أهم يعتمد على كل ما سبق؟

نستطيع أن نستنتج أن استثمار اسم جمال خاشقجي جاء في الوقت المناسب لجميع الأطراف؟ ولكن السؤال كيف تم تغيير دفة الجريمة الأخلاقية إلى اتجاه آخر؛ من المسؤول عن هذا؟ أليست وسائل الإعلام ذاتها؟

ومن هنا نعود لنسأل هل ما درسناه في الكتب الجامعية عن الصحافة والحرية والحيادية يتم تطبيقها في الواقع العملي

للأسف إن الصحافة في الواقع لا تتمتع بهامش كبير من الحرية والاستقلالية والحيادية بل هي تتبع لأجندات سياسية ولكن في الآونة الأخيرة باتت مكشوفة لدرجة أن المتلقي بات يشكك بكل خبر أو تقرير أو حادثة ويتساءل عن حجم الفبركة أو الغاية من تسليط الضوء على قضية بعينها وهذا شيء إيجابي ومفيد، ربما تعيد الوسائل الإعلامية أوراقها من جديد وتحترم جمهورها أكثر وتعود لأخلاق المهنة التي هدفها الأول والأخير الحقيقة فليس كل صحفي جمال خاشقجي وليست كل دولة السعودية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل