أحمد زكريا – حرية برس
تفيد الأنباء الواردة من ريف الرقة الغربي، عن عودة حملة التجنيد التي تشنها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية، وبحسب مصادر محلية، فإن عدد من تم اعتقالهم لسوقة للتجنيد خلال الحملة الماضية بريف الرقة الشمالي، مؤخرًا، وصل إلى نحو 200 شاب.
وتسود حالةٌ من الاحتقان والغضب الشعبي بين سكان أرياف مدينة الرقة، بسبب ممارسات تلك الميليشيا والتي تشكل الوحدات الكردية عموها الفقري، والتي تشن حملات اعتقالات طالت عددًا من الشباب، بهدف زجهم في خدمة التجنيد الإجباري بين صفوفها، بحسب ناشطين.
وزادت حملات التجنيد الإجباري بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بحق الشباب في مناطق سيطرة “قسد”، في حين أرجعت صفحة “الرقة تذبح بصمت” على فيسبوك، والتي تهتم بتغطية أخبار الرقة وريفها، أرجعت سبب ذلك إلى قيام ما يسمى بالمجلس التشريعي التابع لتلك القوات، بتاريخ (21 أيار/مايو الماضي) بالمصادقة على النظام الداخلي للدفاع الذاتي أو ” التجنيد الإجباري” في مدينة الرقة، الأمر الذي لم يلقَ أي قبولٍ أو ترحيب من قبل سكان تلك المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” بل زاد من حدة الاحتقان الشعبي ضد ممارساتها، بحسب ذات المصدر.
واجب الدفاع الذاتي
وقال “محمد الصالح” الناطق باسم “حملة الرقة تذبح بصمت” لحرية برس: إن ميليشيا قسد اتبعت سياسة فرض واجب الدفاع الذاتي والتجنيد الإجباري، لكل الشبان المتواجدين في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة الرقة، مبينًا أن حملة التجنيد الاجباري منتشرة في أرياف الرقة الغربية والشمالية والشرقية باستثناء الرقة المدينة.
وأضاف، أنه ومنذ حوالي سنتين تم فرض حملات التجنيد الاجباري بحق الشبان ممن يتراوح مواليدهم بين 1996 و2000، مبينًا أن مدة الخدمة الإلزامية في صفوف “قسد” هي سنة بالنسبة للنظاميين، أما المتخلفون عن الخدمة فتصل إلى حدود 15 شهرًا بالإضافة إلى غرامة مالية تفرض عليهم.
ووصف “الصالح” التجنيد الذي تفرضه قسد، بأنه يشبه إلى حد كبير عملية التجنيد المتبعة بمناطق سيطرة النظام من حيث الهيكلية واصدار دفاتر الخدمة العسكرية والتأجيل الإداري، لافتًا الانتباه إلى أن الشاب حتى لو أدى الخدمة الإلزامية في مناطق قسد فإن ذلك لا يعفيه من أداء الخدمة في صفوف قوات النظام والعكس صحيح.
الهدف زيادة عدد المقاتلين وتشكيل جيش يتبع لقسد
وتطلق ميليشيا “قسد” حملات التجنيد الاجباري كل ستة أشهر، ويتم اعتقال ما يقارب من 500 إلى شاب، وفق تقديرات الناطق باسم حملة الرقة تذبح بصمت، والذي أشار إلى أن تلك القوات تلجأ أيضًا للضغط على شيوخ العشائر لأخذ عدد معين من شبان القرى وسوقهم للتجنيد الاجباري، أو تقوم باعتقال الشبان عشوائيًا أثناء مرورهم على الحواجز المنتشرة التابعة لها، في حين أن هناك عدد من الشبان يذهبون للخدمة بشكل طوعي تحت عدد من المغريات من أهمها الراتب الشهري الذي يصل إلى نحو 105000 إضافة لسلة غذائية وتعويض محروقات وغيرها.
وبيّن “الصالح” أن الهدف الرئيس من حملات التجنيد التي تشنها قسد، هو زيادة عدد المقاتلين بصفوفها، لافتًا إلى أن كل من يتم اعتقالهم لا يؤدون الخدمة العسكرية في مناطقهم، فمثلًا أبناء مدينة الرقة يتم سحبهم باتجاه الحسكة وأبناء الحسكة إلى دير الزور، مضيفًا أن الأمر مشابه إلى حد كبير نمط الخدمة الإلزامية في صفوف النظام.
ولفت، إلى أن ميلشيا قسد تعمل على بداية تشكيل جيش يتبع لها لذلك هي تعتمد على أمرين: التجنيد الاجباري والجانب التطوعي، مؤكدًا أن أعداد المقاتلين لديهم تتزايد يومًا بعد يوم، إما بسبب المغريات المادية أو نتيجة الاعتقالات وملاحقة الشبان، مشيرًا إلى فرار نحو 70% من شباب الريف الشمالي للرقة باتجاه تركيا هربًا من الخدمة الإلزامية في صفوف قسد.
لا أرقام محددة عن عدد المعتقلين بحجة التجنيد
وقال الناشط الإعلامي وابن مدينة الرقة “أبو ماهر” إن حملات التجنيد تنشط في مناطق “تل ابيض وريفها”، وفي منطقة “عين العرب كوباني وريفها”، وفي منطقة “الشيوخ”، ومنطقة “الحسكة وراس العين والقامشلي”، وفي مدينة “الطبقة” بريف الرقة الغربي، لافتًا أن من يتم اعتقالهم تتراوح أعمارهم بين 17 و30 عامًا، أما في مدينة الطبقة فيتم اعتقال من تتراوح مواليدهم بين 1990 و2000.
وفيما يتعلق بإحصائية من تم اعتقالهم مؤخرًا بحجة التجنيد الاجباري، أوضح ” أبو ماهر” أن العدد من الممكن أن يكون ممكن يكون أكثر من 200 شاب، مبينًا أنه من مدينة ” تل أبيض” لوحدها تم اعتقال 100 تقريبًا، في الأيام القليلة الماضية، وسوقهم للتجنيد الاجباري.
وعن الهدف من وراء استمرار حملات التجنيد قال “أبو ماهر”: هو أن يكون لدى قوات قسد أكبر عدد من العناصر كي يتم نشرهم على الحواجز، وفي حال كان هناك معارك فإنه يتم أعدادهم في معسكرات مثل معسكر منطقة (خروس) القريب من منبج، ومن بعدها إرسالهم إلى جبهات القتال.
وضرب “أبو ماهر” أمثلة عن الحوادث التي تمت جراء حملات التجنيد تلك وقال: قبل عدة أيام أتانا خبر مقتل شاب مجند اجباري جراء إطلاق نار عليه أثناء التدريب عقب مشكلة بينه وبين المدرب، وقبل فترة أسبوع داهمت قوات قسد قرية “الخالدية” بريف تل أبيض بهدف سوق الشبان للتجنيد، فحدث مشادّة كلامية بينهم وبين والد أحد الشبان تطورت للاعتداء على والد الشاب الذي يعاني من مرض القلب، ما أدى لوفاته جراء اصابته بأزمة قلبية.
إما أستاذ مدرسة أو مجند في صفوف “قسد”
وعن مدة الخدمة الإلزامية في صفوف قسد، أوضح “أبو ماهر” أن مدة الخدمة سنة إذا تم اعتقال الشاب، أما من يقوم بتسليم نفسه فإن مدة خدمته 9 أشهر، بالإضافة لذلك يوجد تأجيل دراسي لمدة 6 أشهر، والشاب الوحيد لعائلته يعفى والمعيل يؤجل، في حين أن أستاذ المدرسة إما يعفى أو يؤجل من الخدمة العسكرية، بمعنى إما أن تصبح أستاذ مدرسة أو مجند اجباري في صفوف قسد.
وفي ردّ منه على سؤال فيما إذا كانت حملات التجنيد تطال الأطفال والنساء قال “أبو ماهر” لحرية برس: إن حملات التجنيد الاجباري تطال حاليًا الشباب فقط، ولكن ومنذ 3 سنوات قامت قيادية في وحدات حماية المرأة تدعى “بُهار” بأخذ 11 طفلًا من مدرسة “تل أبيض” وكانت أعمارهم تحت سن 18 سنة وبينهم فتاة، وقد تم أخذهم لدورة تدريبية مدتها 15 يومًا، ولكن حتى اليوم لا يعلم أحد عنهم شيئاً، في حين أن المعلومات المنقولة عن ذويهم بأن الأطفال تم سوقهم إلى جبال “قنديل”، في إقليم كردستان شمالي العراق عند نقطة التقاء الحدود العراقية الإيرانية التركية.
وبحسب المصدر ذاته، فإن قوات قسد أصدرت قبل نحو أسبوع، بأن أي شخص تحت سن 18 عامًا يسرح، إلا أن هذا الأمر مجرد حبر على ورق ومجرد كلام أمام وسائل الإعلام والأمم المتحدة، في حين أن من يحاول السؤال عن ابنه أو المطالبة به يتم ضربه والاعتداء عليه.
300 شاب معتقل من مدينة الطبقة لوحدها
وأفاد الناشط الإعلامي ” حميد الحميدو” المهتم بتوثيق أعداد المفقودين والضحايا في مدينة الرقة وريفها لحرية برس، أن عدد من تم اعتقالهم والزج بهم في معسكرات التجنيد الإجباري، من أرياف الرقة وفي مدينة الطبقة منذ بداية الشهر الحالي، وصل إلى 300 شخص تقريبًا.
وبيّن “الحميدو” أن عددًا ممن يتم اعتقالهم للتجنيد الإجباري يتم سوقهم إلى معسكر قرب قرية “كسرة جمعة” جنوب مدينة الرقة، مضيفًا أن من يتم اعتقالهم تتراوح مواليدهم بين عامي 1990 و2000.
الأهالي بين معارض ومرحب بحملات التجنيد
“أبو مايا” من شبكة “إعلاميون بلا حدود/الرقة” قال لحرية برس: إن هناك قرى تعارض حملات قسد للتجنيد مثل قرى “هنيدة، والمنصورة” والقرى القريبة منها، مبينًا أن تلك القرى لا تسمح بدخول قسد إليها وشن حملات الدهم والاعتقال بحجة التجنيد الإجباري.
وأضاف، أن حملة الاعتقالات لم تتوقف وهناك أعدادًا كبيرة من الشبان تم سوقهم إلى التجنيد من عدة قرى بريف الرقة، كما أن هناك أعدادًا أكبر تم خطفهم من على الحواجز وخاصة من قرى ريف الرقة الغربي.
وبيّن “أبو مايا”، أنه وبسبب خسائر قسد الكبيرة في معاركها بريف دير الزور ضد تنظيم داعش، فإنها تحاول التعويض عن خسائرها وتجنيد الشبان خاصة ممن هم من بالمكون العربي في تلك المعارك.
وذكر “أبو مايا” أن الاهالي مقسومون بين من يرحب وبين من يعارض تلك الحملات، مؤكدًا أن اغلب المرحبين من كان شيخ عشيرتهم أو مختارهم داخل قيادة قسد وتكون لهم مشاريع خاصة زراعية، مع العلم أن نسبة المعارضين قليلة جدًا وأغلبهم من “تل ابيض، وسلوك، وعين عيسى”.
إغراء الأطفال والنساء بالمال والسلطة
“حسين الحسونة” أحد سكان الرقة، أوضح أن الأهالي لا يتقبلون موضوع التجنيد الإجباري ولا بأي شكل من الأشكال، إلا أن قوة السلاح هي المسيطرة على الوضع في محافظة الرقة، مشيرًا إلى من يتم اعتقالهم يكونون من مواليد 1985 وحتى مواليد 2000، حيث يتم سوقهم إلى معسكرات ومن بعدها إلى جبهات القتال في دير الزور.
وفيما يخص موضوع تجنيد الأطفال والنساء في صفوف قسد قال “الحسونة”: إن الأطفال والنساء في المناطق العربية يذهبون بإرادتهم حبًا للسلطة أو المال وخصوصاً من يقطنون المناطق الفقيرة، مبينًا أن من يتطوع في صفوف “الأسايش” يحصل على مبلغ 75 ألف ليرة سورية شهريًا، مؤكدًا أن العمر ليس مهماً بالنسبة للأطفال بل المهم هو البنية الجسدية للطفل.
أما فيما يخص النساء، فليس هناك عمر محدد للنساء المتطوعات، بحسب “الحسونة، فأحيانًا ترى نساء كبيرات بالسن ممن تتراوح أعمارهن بالخمسين عامًا يقفن على الحواجز في المدينة وريفها، ويقمن بتفتيش النساء.
شبكةٌ حقوقية توثق
من جهتها قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” لمرصد الشرق الأوسط الإعلامي: إن قسم المعتقلين في الشبكة سجّلَ مالا يقل عن 227 شخصا اعتقلوا بهدف التجنيد القسري من قبل قوات سوريا الديمقراطية في “أيار” الماضي فقط، مبينةً أنها حصيلة مرتفعة مقارنة بالأشهر الماضية من عام 2018.
وأشارت، إلى أن معظم من جرى اعتقالهم هم من مخيمات النازحين في “الحسكة” أو عبر نقاط التفتيش التي تنشرها القوات في الأسواق والأحياء وأماكن التجمعات، وأيضا عبر عمليات الدهم للقرى التي تسيطر عليها تلك القوات في محافظات “الحسكة والرقة ودير الزور”.
كما اشترطت قوات سوريا الديمقراطية، بحسب” الشبكة السورية لحقوق الإنسان” على العديد من الأُسر الراغبة في العودة إلى منازلها في ريف الحسكة ومدينة الرقة، أن تقوم بتجنيد الشبان والفتيات في صفوفها مقابل السماح لهم بالعودة، مؤكدةً في الوقت ذاته أن كل تلك الممارسات هي انتهاكات صارخة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويجب على الدول الداعمة للقوات الكردية الضغط عليها للتوقف عن هذه الانتهاكات المستمرة منذ سنوات.
عذراً التعليقات مغلقة