شباب الثورة وعودة الروح.. من السلبية إلى المبادرة

عماد غليون29 سبتمبر 2018آخر تحديث :
شباب الثورة وعودة الروح.. من السلبية إلى المبادرة

أعادت مظاهرات إدلب في الأسابيع الأخيرة الأمل بإحياء الثورة السورية من جديد بعد أن وصلت لحد حافة اليأس مع استعادة النظام السيطرة في حمص ودمشق ودرعا وحلب كونها تحمل دلالات وقيمة رمزية كبيرة بالنسبة للثورة.

هناك حاجة ملحة لفهم وتفسير تلك الانتكاسة الخطيرة وتدارك أسباب التراجع الخطير الذي تعرض له الحراك الثوري السلمي بشكل خاص؛ ولا بد من إجراء هذه المراجعة من أجل تمهيد الطريق نحو الموجة الثانية من الثورة.

رغم وحشية وعنف النظام المفرط في مواجهة المتظاهرين إلا أنهم كانوا يمتلكون الثبات والشجاعة النادرة للدخول في مواجهات سلمية مع أجهزته الأمنية والعسكرية؛ واستمر الزخم الثوري السلمي رغم سقوط آلاف الشهداء؛ لكن عجز النظام عن إيقاف المد الثوري ومواجهته دفعه لاستهداف الناشطين بشكل مباشر وممنهج؛ مما أدى لخسارة الكثير من الكوادر الشابة في المعتقلات أو في الهرب خارج البلاد؛ ومن ثم قام بتشويه مقصود لصورة المظاهرات والمتظاهرين بشتى الوسائل بهدف حرف الثورة عن مسارها الأساسي.

ظهرت لجان تنسيق محلية وهيئات ثورية فاعلة رغم قلة الإمكانيات وضعف الخبرات؛ ومع التوجه لتوحيد جهودها في هيئات على المستوى الوطني باتت تشكل خطراً حقيقياً وبديلاً عملياً عن النظام؛ لكن ذلك الأمل وتوقف ذلك الأمل مع عدم بروز قيادات شابة تستطيع التصدي لتلك المهام الكبيرة؛ حيث استلمت معارضة الخارج قيادة دفة الثورة؛ وكانت تلك نقطة التراجع الأساسية والمفصلية في مسار الثورة.

أدى ظهور الجيش الحر وعسكرة الثورة بغرض حماية المتظاهرين لظهور مناطق محررة من سيطرة النظام؛ لكن ذلك جاء بنتائج عكسية في النهاية ولم يصب في خانة أهداف الثورة؛ حيث تحولت الفصائل تدريجياً نحو التشدد ومنع التظاهر؛ ثم أصبح ذلك من المحرمات مع تدفق المقاتلين من الخارج والسيطرة الميدانية الأساسية لداعش والنصرة وسواها على حساب الجيش الحر.

هيمن المسار السياسي والعملية التفاوضية مع النظام على عمل المعارضة مما أدى لتوليد إحباط إضافي للعمل الثوري السلمي؛ وبسبب تهميش شباب الثورة وإبعادهم جعلهم يفقدون الأمل بدورهم الرائد وإمكانية إحداث أي تغيير أو فارق من خلال نشاطاتهم مما أدى لتراجع كمي ونوعي رغم مناخ الحرية المفتوح وتواجد ملايين السوريين في الخارج.

تشوهت صورة المسار الثوري السلمي من خلال تبني بعض الشخصيات والهيئات له بحجة مقاومة عسكرة الثورة؛ وحدث ذلك مع ظهور تحولات حادة في مواقفها جاءت أقرب للنظام من أهداف الثورة؛ ومنها هيئة التنسيق الوطنية ومنصات موسكو وأستانا وسوتشي وحميميم؛ وساد شعور أن هذا المسار لصالح النظام أو بترتيب منه لاختراق الثورة؛ وزاد في ذلك ظهور شخصيات من خلال الهدن والمصالحات تحولت بشكل جذري من صفوف الثورة باتجاه تأييد النظام وهو ما بات يسمى بظاهرة الضفادع في الثورة السورية.

ربما لا تطول حالة الهدوء في إدلب وينبغي الاستفادة منها بتعميم الحراك وتفعيله من جديد؛ وقد اكتسب شباب الثورة خبرات عملية وميدانية واسعة؛ والواجب يدعوهم لتوظيف طاقاتهم في منظمات وطنية ثورية بعيداً عن الأنانية والمصالح الشخصية والفئوية الضيقة؛ كما يفترض فيهم التحلي بروح العمل الجماعي التطوعي؛ وبناء المؤسسات بعيداً عن ذهنية التخوين والتشكيك والاتهام.

لا بد من العودة لروح الثورة وقيمها والإيمان بأهمية العمل الثوري السلمي بجميع أشكاله وخاصة التظاهر في الداخل والخارج؛ ذلك البعبع الذي أرهب الجميع وأظهر التطلع الحقيقي للشعب السوري نحو الحرية والديمقراطية.

أصدق ما في الثورة وأجمل ما فيها هم شبابها؛ وهم الأمل الذي لا يفقد الروح الثورية الوطنية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل