لم يعد يخفى على أحد طبيعة العلاقة العاطفية بين إسرائيل و إيران والتي بدأت تتكشف بفضل ثورة الشعب السوري التي أزاحت الستار عن الكثير من المسرحيات الهزلية التي كانت وسيلة لإلهاء الشعوب عن القضايا الرئيسية و حرف مسارها عن طريقها الصحيح .
فقد أوهمت إيران باعتبارها دولة إسلامية جميع الشعوب وخاصة العربية لا سيما الدول المحاذية لفلسطين بأنها حاملة الراية والمخلص للشعب الفلسطيني من الكيان الصهيوني وأنها على عداء دائم مع إسرائيل ولن ينتهي هذا العداء حتى ترمي بجميع اليهود في مياه البحر، وباعتبار أن قضية فلسطين هي القضية التي كانت حديث العالم بدأت بعض الأصوات تنادي بضرورة تشكيل قوة عربية مهمتها تحرير أرض فلسطين إلا أن نداء الشعوب لم يوافق وضع الحكومات العربية التي كانت حديثة عهد بالاستقلال الشكلي عن مستعمريها وبقيت في جوهرها بذور الإستعمار. هنا وجدت إيران فرصتها في دق مسمار جحا في المنطقة العربية فأوجدت بين ليلة وضحاها ما يسمى بحزب الله على الحدود الجنوبية للبنان كسيف مسلط على رقبة إسرائيل تلوح به كلما أرادت تمرير شيء لصالحها.
وخلال ثلاثين عاماً من نشوء ميليشا حزب الله رافع شعار المقاومة والممانعة والموت لإسرائيل لم يقتل من الإسرائيليين ما يتجاوز عدد الأصابع في حين قتل من العرب وخاصة الفلسطينيين المئات ولو أننا كعرب نستمع لنداء العقل قبل العاطفة لعرفنا أن وجود قوة عسكرية مدعومة من إيران على حدود إسرائيل لم تخض معركة واحدة غير مسرحية تموز ٢٠٠٦ كان سيتضح لنا الهدف الأساسي من وجودها في هذه المنطقة وليس بإرادة إيران فقط بل بمباركة من أمريكا حليفة اسرائيل الأولى، فقد وجدت أمريكا في تغلغل إيران في المنطقة العربية سبباً لتوجيه أنظار الشعوب العربية إلى المد الصفوي وإظهاره على أنه أشد خطراً من التوسع اليهودي فنجحت بتقسيم العداء العربي بين إيران وإسرائيل ومع مرور الوقت أصبحت إيران هي العدو الأول بدلاً من إسرائيل.
ومنذ بداية الثورة السورية كان هم إيران أن تكون صاحبة الكلمة في سورية بعد أن سلمتها أمريكا مقاليد الحكم في العراق إلا أن الوضع في سورية كان يختلف كثيراً عن العراق وخاصة جغرافية المكان بالنسبة لإسرائيل فوجدت إيران عوائق كثيرة أمامها لم تسمح لها بفرض كامل سيطرتها على سورية وحاولت هي وذراعها العسكري إعادة إحياء الشعارات القديمة لعلها تجد بيئة حاضنة تمكنها من التمدد بشكل أكبر.
ورغم التهديدات المتبادلة بين الصفوي و الصهيوني وإسقاط طائرات بدون طيار إلا أن الأمر لم يتجاوز حد المعاتبة في العلن و ربما الإعتذار في الخفاء، وكل ما ظهر من طقوس عدائية أوهم العالم بقرب اندلاع حرب نووية إنما هو فقاعات إعلامية لا أساس لها على أرض الواقع. وما هذه العمليات الجراحية التي تقوم بها إسرائيل في سورية إلا لمنع تشكيل قوة كبيرة أما هذا العدد الكبير من الميليشيات الإيرانية في سورية فهي لا تنقص من رجولة إسرائيل بل هي موجودة بإرادة صهيوأمريكية لتخفيض نسبة الغضب على اليهود في الدم العربي وتبقى الأجواء محمومة بشتى أنواع الطائرات غير أن ذلك لا يعدو كونه شهر عسل تقضيه إيران وإسرائيل في سورية.
عذراً التعليقات مغلقة