تجارة الوهم، صفحات ومواقع خيالية لشخصيات خلبيه تبيع الوهم وتتاجر بأموال وعقول الناس، من منا لم تصله رسالة على فيسبوك أو واتساب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي لوصفة سحرية عشبية، ففي أقل من شهر قد تحصل على جسم رشيق وأنيق وبدون ممارسة للرياضة أو الاستغناء عن أي شيء من طعامك، وفي أقل من أسبوع ستحصلين على بشرة نقية خالية من الحب والكلف والنمش، ويتمادى الغش ليصل إلى علاج الأمراض الدائمة بل والمستعصية فتجد وصفة للقضاء على السرطان بخلطة سحرية عجيبة، ويتمادون ويروجون مستخدمين أحيانا أحاديث نبوية وآيات قرآنية وضعت في غير مكانها واستدل بها على غير ما قصد منها.
وللأسف لا يتأكد الكثير من الناس من مدى صحة هذه الوصفات السحرية مع أننا في زمن “جوجلها” وريح ضميرك، لأنك قد تكون بنشرك لمثل هذه الوصفات العجيبة قد ساهمت في نشر الدجل وساعدت الدجالين في نشر معلومات خاطئة وعلاجات وهمية قد تودي بصحة هذا الانسان ولربما تنهي حياته.
عودة للعلاج الطبيعي
هناك عودة الى العلاج الطبيعي المتمثل في العلاج النباتي حيث هناك كثير من النباتات الطبية لها فوائد وتأثيرات دوائية مهمة، فمثلاً حالياً تم اكتشاف المواد الدوائية من النباتات البحرية وخاصة الاشنيات البحرية التي اكتشف أن لها تأثيرات دوائية في مرض الإيدز، وبعض أمراض السرطانات وبالرغم من هذه الفوائد إلا أنه يجب أن نتعامل مع هذا العلاج الطبيعي معاملة الدواء الطبيعي بمعنى ألا نتهاون من حيث طريقة استخدامه وطريقة تحضيره وهنا نشير الى القائمين على صرف هذا الدواء بمعنى الذين يروجون لهذا العلاج الطبيعي أن يكونوا فعلاً صيادلة أو متخصصين بالعلاج الطبيعي بشكل علمي أكاديمي وألا نترك هذا الدواء بأيدي الخبرات الضعيفة والمروجين لها من دون كفاءة علمية ومن دون أي دراسة أكاديمية لهذه الأدوية فمن المعروف أن الأدوية النباتية ليس لها تأثيرات جانبية وهذا مايدعونه ولكن يجب معرفة ما هي التداخلات الدوائية التي يمكن أن تحصل جراء أخذ هذه الأدوية الطبيعية مع الأدوية الأخرى في حال وصفت بشكل تلقائي ومعرفة المشاكل الناجمة عنها والأمثلة عديدة وكثيرة نذكر منها مثلاً: وصف الثوم كدواء مع أنه يعتبر صيدلية كاملة مع مستحضر طبيعي مثل (الوارفارين) الذي يستخدم لمنع تخثر الدم حيث يؤدي التداخل الدوائي إلى سرعة نزف في الدم، فيجب الانتباه إلى حالة المريض إذا كان يعاني من أعراض قلبية.
ضرورة التشدد في التعامل مع مراكز التطبيب بالأعشاب الطبيعية من قبل وزارات الصحة في العالم لأن تلك المراكز تؤثر أولاً وأخيراً على صحة الانسان والتي لايمكن بأي شكل من الأشكال الاتجار بها.
النبات الطبي والعقار الطبي
التداوي بالأعشاب عرفه الإنسان عبر التاريخ ولكن كان يتم عن طريق أطباء وصيادلة متخصصين وليس كما هو اليوم، حيث يباع في محلات العطارة من قبل أناس غير متخصصين.
لذا؛ يجب التمييز بين النبات الطبي والعقار الطبي فلا يمكن للإنسان العادي وحتى المتخصص بالزراعة أن يلم بزراعة وقطاف هذه النباتات أما موضوع وجود العناصر الفعالة واستخدام هذه النباتات وتحويلها الى عقار طبي فهذه مسؤولية الصيدلاني حصراً وهذا العلم (علم العقاقير) هو صلب مهنة الصيدلة، وعلى الرغم من وجود الكثير من الكتب التي تتحدث عن النباتات الطبية في المكتبات وطرق استخدامها إلا أن هذا لا يلغي دور المختصين في تحضير هذه النباتات وضبط الجرعات فيها ولا يلغي دور الطبيب المختص الذي هو الوحيد المخول بوصف هذه العقاقير الطبية وتحديد جرعاتها، فليس كل نبات طبي موجود في السوق هو عقار يمكن استخدامه في المداواة فالصيدلية المكان الأنسب لبيع هذه المواد
فمثلا: نجد أن نبات شقائق النعمان والذي يحوي مادة (الكودائين) والتي يحظر على الصيدلي بيع الأدوية التي تحويها إلا بموجب وصفة طبية نجد أن هذا النبات يباع في محلات العطارة ويستخدم كمنقوع أو كشراب للسعال لدى كثير من الناس.
فالنباتات الطبية باستخدامها الحالي كمنقوعات لا يمكن تحديد جرعاتها لأن نسبة المادة الفعالة تختلف في كأس المنقوع بحسب اختلاف الكمية الموضوعة في النبات واختلاف الزمن الذي تم فيه النقع ناهيك عن اختلاف نسبة المواد الفعالة في النبات حسب قدمه ومدة تخزينه.
أسباب انتشار هذه التجارة
قد يكون لإهمال الحالة السيكولوجية والنفسية للمريض وعدم إعطائه الوقت الكافي والاستماع اليه لشرح حالته الصحية إضافة لأسباب كثيرة أخرى سبباً في انتشارهذه المهنة ومنها:
• كسب المال من قبل أصحاب هذه المواقع والصفحات بطريقة سهلة.
• الشهرة وحب الظهور.
• خلل أخلاقي وقيمي، وغياب الوازع الديني، نجدهم يروجون ويكذبون لمنتجات وهمية حتى يصدقوا أنفسهم، ويتاجرون بآلام الناس وصحتها ظنا منهم أنها تجارة ومهارة وشطارة.
• سذاجة الناس التي تتابع مثل هذه المواقع والصفحات، هي التي تشجع أمثال هؤلاء المشعوذين على تجارتهم وبيع أوهامهم وللأسف كثير ممن حسب على العلم والثقافة يتابعونهم ويغشون بهم.
• فقدان الأمل عند المريض بمرض ميؤوس منه، فيحاول التجريب ولو لم يصدق وللأسف هؤلاء يخسرون صحتهم وأموالهم.
• القوة المالية لهؤلاء الدجالين، تجدهم يضخون مئات الألوف للترويج لمنتجاتهم وبعضهم يدفع لقنوات مشهورة ليظهر عليها، وللأسف كثير من هذه القنوات لا تتحرى عن هؤلاء ومدى مصداقيتهم، أمثال هذه القنوات هم شركاء في بيع الوهم.
نصائح.. كيف نحارب هذه التجارة؟
- التأكد من مصادر هذه المنتجات قبل شرائها والأمر ليس صعبا، فطرق البحث في متناول الجميع، فالأدوية العشبية الطبية تصنع في معامل أدوية مرخصة أصولا في بلدانها وتعتمد في تصنيعها على دساتير أدوية عالمية في استخلاص المادة الفعالة.
- التأكد من تراخيص هذه المنتجات وتراخيص الشركات المنتجة والشهادات العلمية لأصحاب هذه المواقع والجامعات التي حصلوا منها على هذه الشهادات.
- لا تكن ساذجا وتنبهر بأكاذيبهم واسأل من كان بها خبيرا من العلماء والأطباء الموثوقين.
- لنعلم أن أي منتج يروج له بطريقة خيالية وسحرية ومبالغ فيها في قوة شفائه وعلاجه، ضع أمامه عشرات الإشارات من الاستفهام؟؟؟؟، كمثل القضاء على السرطان فهل يعقل أن كبرى الجامعات ومراكز الأبحاث في العالم لم تصل إلى هذا العلاج السحري ويعمل فيها كبار العلماء والباحثون ويقومون بتجارب على الحيوانات والبشر، ولم يصلوا لمثل هذا العلاج السحري، ولنفترض أن أصحاب هذه المواقع قد سبقوا لمثل هذه الاكتشافات فلماذا لم يسجلوها ويحصلوا على براءات اختراعات عالمية تدر عليهم أرباحا أكثر؟
- من العجيب أن هذه الأعشاب التي يروجون لها لا توجد في بلدك أو البلاد القريبة منك وإنما يأتون بها من بلاد ما وراء الأنهار وماخلف الجبال، مع العلم أن بلادنا مليئة بالأعشاب الطبية الرخيصة الثمن والفواكه الطازجة والرخيصة، وأنت تدفع مئات الدولارات لتحصل على منتج لعشبة لا نستطيع حتى أن تقرأ اسمها، ومن قرية ربما لولا صديقنا جوجل -جزاه الله خيرا- ما سمعنا عنها، فتكتشف أنها بلدة صغيرة في بلاد الواق واق ولا يقطنها إلا من يزرع هذه العشبة والأغرب عندما تعلم أنهم لا يزرعون غيرها، فكيف لهم أن يكتشفوا هذه الفوائد العظيمة لهذه العشبة؟ الله أعلم.
ختاماً
العشبة الطبيعية سواء كانت طبية أم غذائية لها كمية محددة وجرعة مسموح في استعمالها لا يجوز تجاوزها، فإذا استخدمت بطريقة عشوائية قد تسبب نتائج غير مرضية.
عذراً التعليقات مغلقة