يوم المعتقلين.. على خُطى الثورة في 2011

عمار حسين الحاج20 أغسطس 2018آخر تحديث :
يوم المعتقلين.. على خُطى الثورة في 2011

ليست فعالية شعبية، أو نشاطاً مدنياً، أو حراكاً ثوريا، ولا حتى حملة لتصدير منتجٍ فكريٍّ معين، وإنما هي صرخةٌ بدأت منذ 15/3/2011 ومازالت تمتدُّ حتى اللحظة.

يوم معتقلي الثورة السورية، هي مناسبة لاستعادة الحراك الثوري السلمي، لثورتنا العظيمة، من مخالب وأنياب من حاولوا وضعها في منعطفاتٍ كثيرة خلال السنوات الخمسة المنصرمة، وإجبار ثوارها على التسليم بالأمر الواقع، وبالإرادة الدولية السياسية، في تبييض صفحة نظام الأسد، وتلميعهِ، وإعادة تدويره لقيادة المرحلة المقبلة، التي تبدو أنها ذاهبة إلى وضعية الانتقال، من حالٍ إلى حال جديدة، من سوريا الأسد أو نحرق البلد، إلى سوريا الأسد عدو الإرهاب.

منذ ما يقارب العشرين يوماً قام نشطاء سوريون، في عدة عواصم عالمية وفي الداخل السوري، بالتصويت على يوم محدد، يكون مخصصاً للتذكير بالمعتقلين، والمغيبين قسرياً، والشهداء تحت التعذيب، في سجون نظام الأسد، ووقع الاختيار على يوم السبت 8/9/2018 كيوم لمعتقلي الثورة السورية، يومٌ للتظاهر في عدة عواصم ومدن في العالم وفي الداخل السوري، بشكلٍ متزامن في نفس التاريخ والوقت والبرنامج العام للنشاط عموماً، وله خطاب موحد وعام، تحت عنوانٍ واحد، وشعارٍ واحد، هو المعتقل وعلم الثورة السورية العظيمة، ولا يوجد تبنٍّ لأي منظمة أو مؤسسة، أو اتحادٍ، أو جماعة، فالمشاركة تبقى تحت بند، السوريين، مهما كانت صفة هذا السوري فلن يشارك إلَّا بهذه الصفة، وهذا ما يجعل هذا اليوم وما سيُقدَّم فيه بعيد كل البعد عن لعبة المال السياسي، أو التصدُّر الإعلامي لمصالح شخصية أو مؤسساتية، ضيقة.

هذا اليوم، يقدِّمُ المعتقلون، والشهداء تحت التعذيبِ، فُرصةً للصُراخ من جديدٍ في وجه هذا العالم المجنون، بأن لنا قضية، وأكبر قضيةٍ نبيلةٍ، لنا ثورة، وأعظمُ ثورة تحرُّرٍ في العصر الحديث، ضد أقذر طاغيةٍ عرفه التاريخ.

هذا العالم المجنون، هو نفسه من أعطى الدكتاتور الأسد، الفرصة في قتل أكثر من مليون مواطنٍ من بلده، وغيَّبَ عشرات الآلاف، وشرد الملايين، في داخل وخارج البلاد، بدون محاسبةٍ أو مُساءلة، وفتح لهُ الباب الآن لقيادة إعادة الإعمار، وخدعة إعادة النازحين والهاربين من ويلات جيشه العميل، إلى حضن الوطن الأسدي، وبرعايةٍ روسيةٍ وأمريكيةٍ، تحت إشراف الأمم المتحدة، تلك العصبة، التي صارت فوق دماء السوريين وأحلامهم عصبة الأشرار، وما بات واضحاً وقاحة الأسد في الآونة الأخيرة عندما بدأ ويستمر حتى اللحظة بتسليم الآلاف من شهادات الوفاة، لمعتقلين ومختفين قسرياً، يعترف فيها علانيةً بأنهم كانوا معتقلين في أفرعهِ وسجونهِ السريَّة، وأنهم ماتوا كما تقول شهادة الوفاة لجميعهم بأنهم توفوا بسبب “ذبحةٍ قلبية”.

هل هناك أوقحُ من هكذا قيادةٍ سياسيةٍ لهذا العالم البائس إنسانياً وحضارياً، حتى يغض الطرف عن أبشع جريمةٍ وانتهاكٍ لحقوق الإنسان في العصر الحديث، وعن فاعلها المُبتسم دائماً في وجه ضحيتهِ، والساخر دائماً من قراراتِ مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومن تقارير المنظمات الإنسانية والحقوقية في العالم ؟؟؟.

ونحن نعرف تاريخ الأمم المتحدة، وما فعلت في الكثير من الأزمات الإنسانية سابقاً، في العديد من الدول التي حصلت فيها مجازر أو تهجير، أو تطهيرٍ عرقي، تحت مسمياتٍ مختلفة، لم تفعل شيئاً غير تنفيذ قراراتٍ سياسيةٍ يتحكم بها الأقوى، بحسب المصالح الاقتصادية، ونطاقات السيطرةِ، وضمان التأمين على مخزون الطاقة المُستقبلي، ونعلم جيداً أننا لا نثق بهذه الأمم، وتعلمنا من التاريخ أيضاً، أن لم تنتصر قضية نهائياً، إلَّا بيد أصحابها الحقيقيين.

فكيف بثورة تحرُّرٍ عظيمةٍ، كشفت زيف الحضارات الغربية، وفتحت الستارة أمام كواليس الأمم الأمنية العجوز، واقتصاداتها الغير شرعية على المستويين، الإنساني والحضاري، وهذا ما يُثبتُ عدم وجود أي مصلحةٍ لأي قوةٍ عظمى في العالم بصمود الثورة السورية بنهجها الأول، وكان يجب عليهم احتواؤها وتوجيهها باستخدام المال والاستخبارات والاختراق المعلوماتي، صوب حقل ألغامٍ اسمهُ “مكافحة الإرهاب”، ونجحوا فعلا بشكلٍ جزئي، ومرحلي، ولكنهم فشلوا ويفشلون تاريخياً، عندما حاولوا مراراً تغيير حركة التاريخ الدائمة والسرمدية في تطور الشعوب وارتقائها صوب تحقيق وجودها الفعلي حضارياً وإنسانياً.

يوم معتقلي الثورة السورية، هو فرصةٌ جديدة، لاستنهاض الحراك الثوري السلمي، على مساحة العالم، وإعادة عقارب الساعة، إلى يوم 15/3/2011 حاملين معنا صور وكلمات من دفعوا حياتهم وممتلكاتهم وأحلامهم، ثمناً لحركة التاريخ الطبيعية، لتُعطي لثورتنا عمقها وقيمتها الحقيقية، وثباتها واستمرارها بنفس شغف اللحظة الأولى مع أول صرخةٍ في وجه الدكتاتور والمجرم، نيرون دمشق، “حرية للأبد .. غصب عنك يا أسد”.

السلام لأرواح شهداء الثورة السورية العظيمة، والحرية لكل المعتقلين والمختفين قسرياً في سجون الأسد وفي كل سجون

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل