حرية برس:
تشهد مدينة إدلب وريفها، انتشاراً كبيراً لعمليات الخطف والتصفية والاغتيال، من قبل خلايا تتبع لنظام الأسد وتنظيم داعش، بهدف خلق حالة من الفوضى المستمرّة، بالإضافة إلى كون عمليات الخطف مصدر لجمع المال من خلال الابتزاز والحصول على فدية من ذوي المخطوفين.
ولم تحدد هوية وتبعية المجموعات التي تقف وراء الخطف بشكل دقيق، الأمر الذي ساعد في رواجها بشكل كبير، وأصبحت هاجساً يعكر الحياة اليومية للمحافظة ككل، بينما تشير أصابع الاتهام إلى ’’هيئة تحرير الشام‘‘ بالوقوف وراء معظم هذه العمليات.
وتركزت حوادث الخطف على شخصيات معروفة وذات أثر في الشمال السوري، فيما لم تقتصر على شخصيات محددة بعينها، بل شملت العسكريين والعاملين في القطاع الطبي.
وتكررت حوادث استهداف الكوادر الطبية في مدينة إدلب بالتزامن مع حالة الخلل الأمني الذي تعيشه المحافظة، وسط تساؤلات كبيرة عن الهدف من وراء الاستهدافات.
إلى ذلك، حيث وصلت مراحل الاعتقال من قبل ’’هيئة تحرير الشام‘‘ لتطال طفلين مادون الـ20 عاماً، حسب مصادر خاصة لـ’’حرية برس‘‘، وذلك لقيامهم بقطف بعض من ثمار شجرة التين من منزل عمهم ومزرعته المصادرين من قبل الهيئة، لتعتقلهم قرابة 10 أيام، وتفرج عنهم مقابل فدية مالية قدرها 2000 دولار.
ومن أبرز الشخصيات من الكوادر الطبية العاملة في المناطق المحررة والتي تم اختطافها والإفراج عنها مقابل فديات مالية هائلة:
الطبيب محمود المطلق
اختطف ’’المطلق‘‘ في التاسع من حزيران/يونيو الماضي من قبل مجهولين من منزله في مدينة إدلب، فيما لم تحدد هوية الجهة الخاطفة، والتي راجّ عملها في إدلب طوال الشهرين الماضيين، بالتزامن مع حالة من الفلتان الأمني تعيشها المدينة.
وكانت قد أصدرت مديرية صحة إدلب، وكافة العاملين في القطاع الصحي، بياناً أدانوا فيه اختطاف الطبيب “محمود المطلق”، المختص بالجراحة النسائية في مشفى المطلق.
وأفرجت العصابة الخاطفة عن الطبيب ’’محمود المطلق‘‘، بعد أن توّصل ذووه مع الخاطفين إلى دفع مبلغ كبير من المال لقاء الإفراج عنه.
وقال ناشطون إنه عثر على ’’المطلق‘‘، مكبلاً على طريق جسر الشغور – أريحا، بعد أن قام الخاطفون برميه وتركه لمدة ساعتين، إلى أن عثر عليه أحد الاشخاص وتم نقله إلى المشفى وهو بحالة حرجة.
وأظهرت صور نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض ’’المطلق‘‘ للتعذيب خلال فترة اختطافه، إذ انتشرت الكدمات والرضوض في مختلف أنحاء جسمه وخاصة في الظهر والرأس، وذلك لإجبار أهله على دفع فدية مالية.
حيث تم ذلك بعد ابتزازهم بصور الطبيب، إلى أن تم دفع فدية كبيرة مقدارها عشرات الآلاف من الدولارات مع سيارته أيضاً، حسبما أفاد ناشطون.
وتضاربت الأنباء حول صحة المبلغ الذي تم دفعه من قبل أهالي الطبيب إلى الجهة الخاطفة بين 50 ألف دولار و120 ألف دولار، والذي يعادل المبلغ عشرات الملايين بالليرة السورية.
الطبيب عماد قطيني
قامت مجموعة من المسلحين الملثمين، صباح الاثنين 13 آب/أغسطس الحالي، باقتحام منزل الطبيب ’’عماد قطيني‘‘ واعتقاله من مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي.
وأفادت مصادر مقربة من الطبيب لـ’’حرية برس‘‘، بأن ’’هيئة تحرير الشام‘‘ هي الجهة المسؤولة عن اعتقال ’’قطيني‘‘ بعد أن قام عناصرها باقتياده لجهة مجهولة.
وأوضحت المصادر، أن حادثة الاعتقال جاءت على خلفية تعليق قام به الطبيب ’’قطيني‘‘ على أحد حسابات الأطباء الموجودين بمناطق سيطرة نظام الأسد، لتأتي الهيئة وتعتقله إثر ذلك.
وأفرجت عن القطيني مدير مشفى العماد، وذلك بعد غيابه لأكثر من 24 ساعة، بواسطة من وجهاء المنطقة، دون أن تعلن ’’تحرير الشام‘‘ عن احتجازه.
الطبيب خليل آغا
اختطف الطبيب ’’خليل آغا‘‘ وهو مدير الصحة في ريف اللاذقية في 7 آب/أغسطس الحالي، على يد مجموعة مجهولة لم تحدد هويتها.
وعقب حادثة الخطف نشرت المديرية بياناً قالت فيه إن مجموعة مسلحة اقتحمت مشفى الساحل التخصصي، واختطفت آغا من مكان عمله.
وأوضحت أن المسلحين اعتدوا بالضرب على الحرس الخاص بالمشفى، وقيدوهم تحت تهديد السلاح، وتوجهوا بعد ذلك إلى غرفة الدكتور آغا، ثم لاذوا بالفرار بعد اختطافه مع سيارة تابعة للمشفى.
واتهم البيان مجموعة “إرهابية” بالوقوف وراء عملية الاختطاف، فيما أفرج عن الطبيب ’’خليل‘‘ في 12 آب/أغسطس الحالي، بعد دفع مبلغ مالي قدر بـ120 ألف دولار أي ما يعادل 50 مليون ليرة سورية، إلا أن الطيب خرج بحالة يرثى لها جراء ماتعرض من تعذيب.
وفي تصريح للطبيب بعد الإفراج عنه، قال: إن الخاطفين وجهوا له أسئلة عن المنظمات التي يعمل معها وأسباب خروجه إلى تركيا، واتهموه بالتعامل مع منظمات أجنبية لتحديد مواقع ’’المجاهدين‘‘، حسب ماوصفه.
وأشار الطبيب إلى أن الخاطفين كانوا يتبعون يتبعون لـ’’هيئة تحرير الشام‘‘، لافتاً إلى طيلة فترة اختطافه استمر الخاطفون بتشغيل أغاني جهادية لتنظيم الدولة الإسلامية ’’داعش‘‘ وتنظيم القاعدة وخطباً لـ’’أبو محمد الجولاني‘‘ و”أبو بكر البغدادي”، حسب قوله.
الطبيب مازن دخان
حاولت مجموعة ملثمة، بتاريخ 19 حزيران/يونيو الماضي، اختطاف الطبيب ’’مازن دخان‘‘ من مزرعته غربي مدينة إدلب، إلا أن مقاومته وحراس مزرعته كشف حقيقة الجهة التي تحاول خطفه، مادفع ’’هيئة تحرير الشام‘‘ للمسارعة بالتبرير والادعاء بأنها كانت تلاحق خلايا أمنية.
وأكدت مصادر محلية من إدلب أن عناصر ملثمة تابعة لـ’’هيئة تحرير الشام‘‘ حاولت اختطاف الطبيب ’’مازن دخان‘‘ من مزرعته الكائنة غربي مدينة إدلب، إلا أن الدكتور وحراس المزرعة قاوموا ومنعوا الملثمين من الدخول، حيث جرى إطلاق نار بين الطرفين.
وأوضحت المصادر أن قوة أمنية في المنطقة تحركت على الفور لمتابعة مصدر إطلاق النار لتكتشف أن الملثمين هم من عناصر الهيئة، فسارعت على الفور لتدارك الموقف والإدعاء أنهم يلاحقون خلية أمنية، وأن الطبيب بادر بإطلاق النار عليهم، للتغطية على فعل العصابة التي كانت تنوي اختطاف الطبيب الذي قاومهم.
وبعد وصول عناصر أمنية الهيئة وتكشف الأمر، قامت الأخيرة باعتقال الطبيب من مزرعته وعدد من حراسه واقتادتهم إلى مدينة إدلب، بدعوى إجراء بعض التحقيقات معه، ثم أصدرت بيان عبر وكالتها المناصرة “إباء” لتوضح ماقالت أنه عملية أمنية وتتهم الطبيب بإطلاق النار على عناصرها.
وادعى البيان أنه خلال تمشيط المزارع باشر أحد الأشخاص في المزرعة بإطلاق النار على عناصر الجهاز الأمني مما أدى لإصابة أحدهم حيث طوقت المزرعة بعدها وأخبر الموجودون بداخلها عن صفة الجهاز الأمني عن طريق المراصد والقبضات العامة.
واتهم البيان حرس المزرعة برفض التجاوب رغم محاولات المراصد العامة وأهالي المنطقة طمأنتهم ليتبين بعد ساعتين أن الموجود في المزرعة هو الطبيب مازن دخان والحرس الشخصي التابع له بحسب البيان.
ونوه البيان إلى اعتقال الطبيب لضرورة التحقيق معه بسبب عدم التجاوب مع عناصر الهيئة والاشتباك معهم، وأن عناصر ’’هيئة تحرير الشام‘‘ طلبوا بوساطة شقيقة أن يسلم نفسه حيث قامت باعتقاله ومن ثم الإفراج عنه مساءاً.
وتعتبر العمليات التي تطال الأطباء في محافظة إدلب ومناطق الشمال المحرر، تهدد بالحرمان من الأطباء وهجرة الكوادر الطبية، وهو ما يشكل خطراً على الأهالي جميعاً وخلو القطاع الطبي من الكوادر، وذلك من خلال قدرة الأطباء والكوادر إلى الهجرة بسهولة نظراً لما لديهم من إمكانية العبور إلى الأراضي التركية.
ويطرح تكرار حوادث استهداف الكوادر الطبية في محافظة إدلب بالتزامن مع حالة الخلل الأمني الذي تعيشه تساؤلات كبيرة عن الهدف من وراء هذا الاستهداف، لا سيما أن جُل الكوادر الطبية اضطرت في السنوات الماضية للخروج بسبب الممارسات الوحشية بحقهم من قبل نظام الأسد وغيره، ليعاد المشهد اليوم بأيادي مجهولة لم تكشف تبعيتها بعد.
ويرى البعض أن كثرة حالات الخطف والاعتقال يعود لوقف التمويل الخارجي التي كانت تتلقاه هذه المجموعات المتواجدة في محافظة إدلب، ولذلك تحولت إلى أصحاب الأموال لخطفهم وإبتزازهم.
Sorry Comments are closed