زياد عدوان – حلب المحتلة – حرية برس
لم يسلم أهالي الشهداء المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد من براثن جلادي النظام، فبعد أن كان ذوو الشهداء المعتقلين متمسكين ببعض بصيص الأمل الذي فقدوه عقب إعلان الأفرع الأمنية التابعة للنظام عن لوائح تضم أسماء المئات من المعتقلين الذين قضوا إثر التعذيب والضرب المبرح بشكل وحشي ويوميا، وصلت إلى مدينة حلب قوائم بأسماء المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب إلى دوائر النفوس من أجل إبلاغ ذويهم بموتهم حتى يكفوا البحث عنهم، وعقب معرفة ذوي الشهداء المعتقلين بمقتل ذويهم تحت التعذيب، حاول بعضهم أن يقيم مراسم عزاء بعد سماعهم لنبأ مقتل ذويهم.
ولكن عناصر الأجهزة الأمنية تلقوا أوامر بالتجول والقيام بدوريات راجلة ضمن مدينة حلب من أجل اعتقال العائلات التي تقيم مراسم عزاء لأحد ذويها الذي لقى مصرعه تحت التعذيب في سجون وأقبية الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد، وخلال تلك الفترة سجلت ثلاثة حالات لاعتقال عائلات أقاموا مراسم عزاء لذويهم الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام، وأما باقي الحالات التي حدثت كانت مراسم تشييع وعزاء مزدوجة، بمعنى أن بعض العائلات فور تلقيها نبأ وفاة الابن أو الوالد نتيجة تعرضه للتعذيب داخل أفرع النظام فإن أحد أفراد الأسرة وغالبا ما تكون الأم قد يتسبب تلقيها لخبر الوفاة إصابتها بجلطة أو سكتة قلبية حادة إثر سماعها لخبر مقتل ابنها.
وبعد ذلك تقام مراسم تشييع الوالدة مع العزاء لشخصين، ولكن مراسم العزاء تقام بحذر شديد خصوصاً أن مخبري النظام التابعين للأفرع الأمنية أصبح عددهم يفوق تعدادهم سكان في مدينة حلب، إذ قال عبد الوهاب وهو اسم مستعار لأحد المدنيين الذين فقد أخيه ولقي مصرعه تحت التعذيب في حديثه لحرية برس “بقي أخي في سجون النظام أكثر من ثلاثة سنوات وخلال تلك الأعوام تجول ما بين الفرع 233 في مدينة حلب وفرعي المخابرات الجوية وأمن الدولة، في عام 2014 إلى أن تم تحويله إلى فرع مكافحة الإرهاب ومكث في سجن صيدنايا نحو عامين وبعد وصوله إلى سجن صيدنايا انقطعت أخباره بشكل نهائي حتى أننا حاولنا الوصول إليه أو معرفة معلومات عنه ولكن لم نستفيد بشيء”.
وأضاف عبد الوهاب “خلال العام 2016 سمعنا من أحد الأشخاص الذين خرجوا من السجن بوجود أخي داخل سجن صيدنايا، حتى أننا تواصلنا مع أحد الضباط الذي وعدنا بزيارة لأخي مقابل حصوله على مبلغ مليون ونصف المليون ليرة سورية وبعد أن حصل على المبلغ لم نستطيع الوصول إليه، إلى أن قطعنا الأمل بالوصول إلى خبر عن أخي، إلى أن تم علمنا بخبر مقتله تحت التعذيب وبسبب ذلك أصيبت والدتي بجلطة أسفرت عن موتها، وخلال إقامة مراسم تعزية لها أصبح بعض أقاربنا يقدمون واجب العزاء بأخي وأمي”.
فيما شهدت بعض الأحياء داخل مدينة حلب حركة كثيفة ودوريات لعناصر من الأفرع الأمنية الذين أصبحوا يقومون بجمع المعلومات عن الوفيات التي حدثت حتى أنهم حضروا بعض التعزيات كإجراء رقابي ولضبط ومنع إقامة أي مراسم للشهداء الذين قضوا تحت التعذيب في السجون والأقبية، وأكد أبو داود في حي الصاخور شرقي مدينة حلب في حديثه لحرية برس بأن أجهزة النظام الأمنية قامت باعتقال عائلة أحد المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب، وأضاف أبو داوود لحرية برس “فور وصول خبر مقتل ابنهم المفقود منذ أكثر من ستة أعوام، سمعنا بكاءً شديداً وعويلاً وفي اليوم التالي صباحا تم تشغيل قرآن بصوت مرتفع، وهنا تفاجئنا بأن وصلت دورية كبيرة تابعة لأمن الدولة والمخابرات الجوية والعسكرية وقاموا بتطويق عدة شوارع داخل الحي واعتقلوا العائلة التي يبلغ تعداد أفرادها ستة أشخاص، وقاموا باقتيادهم إلى جهة مجهولة حتى أن بعض عناصر المخابرات الجوية قالوا إن “كل من يفكر مجرد تفكير بإقامة مراسم تعزية بعد معرفة نبأ مقتل أحد أقاربه في السجن سيلحق به ولن يكون الأمر طويلا”.
وتابع أبو داوود: بقيت سيارات الأمن والأفرع الأمنية تجوب شوارع الحي أكثر من أربعة أيام مهددة كل من يفكر مجرد تفكير بإقامة مراسم تعزية إذا سمع بمقتل أحد أقاربه داخل سجون النظام، حتى أن مخبري النظام التابعين للأفرع الأمنية كانوا يهددون برفع التقارير علنا إذ علموا بأن مراسم التعزية تخص أحد القتلى الذين قضوا تحت التعذيب.
Sorry Comments are closed