محمد هنداوي – حرية برس
تتضارب التنبؤات حول مصير محافظة إدلب، وتخرج الإحتمالات تباعاً، منها دخول ادلب تحت الوصاية التركية كما هو حال جزيرة قبرص عام 1974، الإحتمال الآخر انسحاب القوات التركية نحو الحدود مع ضمان سيطرة “الجبهة الوطنية للتحرير” على ادلب بعدد أفراد يقدر بمائة ألف مقاتل، وغيرها من التوقعات.
تقع مدينة ادلب شمال سوريا بين خطي طول 36.10 غربا و 37.15 شرقاً، وخطي عرض 35.10 جنوباً و 36.15 شمالاً، وبحسب مكتب التنسيق والدعم التابع لمنسقي الاستجابة، يسكن كل من إدلب وريف حماة 3.350 مليون نسمة حتى أيار عام 2018، يضم العدد 900 ألف من السكان الأصليين الذين لم يتعرضوا للنزوح و 600 ألف نازحون قدامى، و 800 ألف برر مكتب التنسيق نزوحهم بسبب تعرضهم لهجمات عسكرية قديماً وحديثاً، وخمسون ألف يقطنون الخيام.
وقد بدأ نظام الأسد مؤخراً بث شائعات وصور تروّج لوصول أرتال ضخمة في الطرفين الغربي من جهة جسر الشغور والجنوبي في سهل الغاب في ريف حماة، إلا أن معرفات المعارضة نفت وصول تلك التعزيزات مؤكدة بأن الصور تعود لأرتال كانت متجهة نحو درعا جنوب سوريا.
في الأثناء ألقت مروحيات النظام مناشير تحضّ قاطني المحافظة على “المصالحات” وتخيّرهم عبر رسومات بين مصير وردي مع النظام أو الموت إن هم رفضوا المصالحة، في المقابل ردّ السكان في مناطق سقوط المناشير على دعوة النظام بمجموعة من الصور الساخرة من تلك الدعوة.
وقد أعقب النظام دعوته للأهالي بالمصالحة بقصف على مدن وبلدات ادلب، مخلفاً 13 شهيداً من المدنيين بينهم أطفال، توزعوا في بلدتي التح والدربالية وكل من التمانعة وخان شيخون.
إلى ذلك شنّت طائرات العدوان الروسي أمس الجمعة، غارات بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي، راح ضحيتها نحو 30 مدنياً، قالت المعارضة بأن تلك الغارات جاءت انتقاماً من مساعي الفصائل لمنع المصالحات، في إشارة إلى العملية الأمنية التي قادتها فصائل المعارضة في ريف ادلب، ضد خلايا متهمة بالتنسيق مع “الأمن العسكري والمخابرات الجوية” منذ عام 2017.
بدوره أكد قائد ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية المصنفة ضمن لوائح الإرهاب في تركيا، عدولهم عن المشاركة في عملية عسكرية ضد محافظة إدلب، معلّلاً الأمر بسبب غياب ما وصفه “خطة واضحة” لدى النظام السوري لعمل عسكري في المحافظة.
جبهة الساحل.. الوجهة المحتملة
ورأى رئيس المسار العسكري في “مركز طوران للدراسات” النقيب رشيد حوراني في حديث لحرية برس بأن “النظام قياساً لمعركة الجنوب، لا يمتلك الإمكانيات العسكرية التي تؤهله لفتح معركة إدلب، ولكنه يعتمد على شن الحرب النفسية التي تفتت المجتمع والحاضنة الشعبية للثورة، وما يقوم به بفتح معركة ادلب أو البدء بها ليورط حلفاءه كما فعل تماما في درعا”.
وتوقّع حوراني بأن النظام سيبدأ هجومه المحتمل عبر جبهة الساحل لتأمين حاضتنه الشعبية، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة فتح معارك في الساحل، إذا أرادت صد الهجوم المحتمل، محذّراً من فشلها في حال “بقيت تراهن على الحل السياسي، والبدء بالعمل القتالي يحفظ ماء وجهها ويشد من ساعد الدول الداعمة لها في الظروف الضاغطة التي تواجهها”.
تركيا.. خيارات صعبة
فيما ذهب الباحث في الشأن السوري مجدي نعمة إلى القول إن “معركة إدلب المرتقبة حالها كحال معظم المعارك في سورية، إنها معارك سياسية لا عسكرية، بمعنى آخر أن البعد السياسي بالمعارك هو المرجح لكفة أحد القوتين لا القوة العسكرية فقط، ومرده لضعف القوى المتصارعة وتبعيتهم بشكل أو بآخر لفاعلين دوليين يمتلكون القرارات الاستراتيجية الفعلية لتلك القوى”.
ووفقا لما سبق، يضيف نعمة؛ إن النظام السوري غير قادر بإمكانياته العسكرية والسياسية خوض هذه المعركة، والأمر متعلق بحلفاء النظام “الروس” وإمكاناتهم السياسية والعسكرية، هل ستستطيع “إقناع” أو “الضغط على” القوى الدولية أو الإقليمية المنخرطة في معركة إدلب؟! ولعل أبرز هذه القوى هي تركيا كون إدلب تقع في المجال الحيوي لها، واستقرار المنطقة من عدمه يؤثر عليها أمنياً وسياسياً وعسكرياً.
Sorry Comments are closed