بمنتهى الجدية، وسآتيكم لاحقاً بالأدلة، لا أعتقد أن في سورية، كل سورية، شيئاً يشبه بشار الأسد، كما بورصة دمشق، والتشابه بين هذين الكائنين -إن جازت التسمية- إلى حد التطابق، طبعاً لا أقصد الشكل والطول ولون العينين وحسن وسلاسة النطق.
وهاكم قصدي من خلال أول مثال: أظهرت النشرة الأسبوعية لجلسات التداول الصادرة عن سوق دمشق للأوراق المالية عن الأسبوع الفائت، تراجعاً في قيمة مؤشر السوق بمقدار 56.50 نقطة، وبما نسبته 1.01% على أساس أسبوعي، ليصل إلى مستوى 5,540.09 نقطة المسجل نهاية هذا الأسبوع مقابل مستوى 5,596.59 نقطة المسجل في نهاية الأسبوع السابق.
كما انخفض حجم التداول بمعدل 13.5% ليصل إلى 292,584 سهما خلال هذا الأسبوع مقابل 338,339 سهما في الأسبوع السابق، موزعةً على 345 صفقة عادية.
أولاً، وبسبب غموض البورصة بالنسبة لكثيرين، قلما يقرأ أحد خبرا كهذا “أول تشابه” ولن يفهم، حتى من يهتم بالاقتصاد والأسواق المالية، معظم الخبر “تشابه ثان” ببساطة لأن الخبر، أو محرريه المناضلين، آثروا الابتعاد عن قيمة التداول وركزوا فقط على حجمه، ما يعني دهشة أي قارئ، لمجرد أنه عرف، أن في دمشق بورصة رغم كل الحرب، تم وخلال أسبوع تداول 292 ألف سهم خلال 345 صفقة، حتى وإن تراجع مؤشر السوق، نسبة أو حتى قيمة “وهذا تشابه ثالث له علاقة بالتضليل”.
وأما التشابه الرابع بين هذا الخبر القصير وبين الرئيس المناضل بشار الأسد، فهو أن قيمة التداول وطيلة الأسبوع، لم تصل إلى 229 مليون ليرة سورية، ومن يرد معرفة هذا الرقم بالنسبة للدولار، فما عليه سوى أن يقسمه على 450، وهو سعر صرف الدولار الواحد بالنسبة لليرة السورية.
ونفيد من يهمهم الأمر، أن 229 مليون ليرة، قيمة تداول بورصة الأسد، وخلال أسبوع وعبر 345 صفقة، بالكاد تكفي اليوم لشراء منزل متواضع بريف دمشق البعيد.
ولتوضيح دور “الآخر” بزيادة الشبه بين الأسد والبورصة، هاكم هذا المثال الموجع، والذي لا يختلف البتة، عمّا يفعله العالم، لتسويق الأسد وترويجه.
” احتل مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية المرتبة الأولى عن النصف الأول من عام 2016 من حيث الأداء بين جميع البورصات العربية، وكان مؤشر السوق قد احتل أيضا المرتبة الأولى من حيث الأداء على مستوى البورصات العربية عن الربع الأول من عام 2016 بنسبة 29.17 في المائة”. وعام 2016 لمن لا يعرف، كان الأسوأ على الأسد والاقتصاد والليرة والسورية.
هنا، نسأل “الأخوة العرب” أيعقل أن يصنف اتحاد البورصات العربية بورصة دمشق أولاً، في بلد لا يوجد فيه اقتصاد أساساً، أو وفق ألطف الألفاظ، يعيش الاقتصاد السوري حالة كساد تضخمي، ارتفعت خلالها الأسعار بأكثر من 12 ضعفاً نتيجة الانهيار المستمر للعملة، وانكمشت خلالها النشاطات الاقتصادية، أو انعدمت في معظم القطاعات الإنتاجية والخدمية
وطمعاً برحابة صدر “الأشقاء” نسأل أيضاً، ما هي عدد الشركات المدرجة ببورصة دمشق، وهل تعلمون أن نحو نصفها تعود لرامي مخلوف ابن خال بشار الأسد و76% منها مصارف بل ورأسمال جميع الشركات المدرجة 16 مليار ليرة سورية، وهل تعلمون أن الإبقاء على بورصة دمشق على قيد التداول الشكلي، هو قرار سياسي ليس إلا، لخديعة العالم بأن ثمة بورصة في سورية وتعقد الصفقات.
ونسأل أيضاً، أتعلمون وبنفس توقيت منحكم “الجائزة” لبورصة الأسد، لم تزد قيمة التداول وخلال أسبوع، عن 38 ألف دولار، أي سعر سيارة متواضعة وليست فارهة. هذا إن لم نحط عنايتكم علماً، أن الشركات المدرجة ببورصة دمشق، هي بالمطلق خدمية ومالية ولا يوجد شركة منتجة أو أي شركة خارجية.
هذا هو حال بشار الأسد تماماً، فمن يسمع أنه يصدر المراسيم ويبدل الحكومة ويجري حوارات مع وسائل إعلامية “صديقة” لا يمكن أن يخطر له أنه ممنوع من زيارة حلب منذ صفقة تسليمها نهاية عام 2016، وأن تنقله برضى وقرار وأوامر روسية، بل ينوب عنه الإيرانيون والروس “المحتلون” حتى بالتفاوض مع المعارضة واتخاذ القرارات.
عذراً التعليقات مغلقة