زياد عدوان – حلب المحتلة – حرية برس
يوماً بعد يوم يصبح يزداد سوء المعيشة في مدينة حلب وتصبح الظروف صعبة للغاية، إذ إن مرحلة الفقر التي تعيشها النسبة الأكبر في مدينة حلب أصبحت تتجاوز الثمانين بالمئة، ولم تنخفض بالرغم من سيطرة النظام وميليشياته على المدينة، وبالرغم من توفر فرص العمل بشكل كبير، إلا أن قلة الأيدي العاملة كانت سبباً رئيسياً في انخفاض معدل النمو الاقتصادي في مدينة حلب، وذلك بسبب قلة أعداد الشبان والرجال، فبعض العائلات التي فقدت أحد أبنائها أو من كان يعيلها لم يتبقى لديهم من يعمل حتى يقدم لهم قوتهم اليومي.
ونتيجة لذلك أصبح أهالي مدينة حلب يعيشون حالة من الاستغلال من جميع النواحي، حتى بدأت تنشط مؤخراً جمعيات خيرية غير معروفة التمويل في عدة مناطق داخل مدينة حلب، حيث تقوم هذه الجمعية والمعروفة باسم “جمعية رهبان الصليب” بتوزيع الأطعمة المطبوخة وأحيانا تقوم بتوزيع الملابس بشكل شبه أسبوعي على أشخاص محددين ضمن القوائم ولأسباب ربما مجهولة بالنسبة للبعض ولكنها أصبحت معلومة لدى الكثيرين الذين يعيشون على مبدأ المثل القائل “كل شيء ببلاش كتر منو”.. أما المجهول يبقى لديهم إلى متى سوف نتحمل هذا الاستغباء والاستغلال حتى وصل الأمر إلى نشاط الجمعيات التبشيرية والتي تعمل على نشر الديانة المسيحية.
وتحدثت أم أيمن وهي أرملة وأم لخمسة أولاد حول نشاط هذه الجمعيات، وقالت في حديثها لحرية برس “يركزون على الأولاد الصغار دائما في بداية الأمر طلبوا مني دفتر العائلة و سألوني عن أولادي الصغار وهل يدرسون أو لا وخلال فترة شهر قاموا بزيارة بيتي ثلاثة مرات وخلال الزيارات جلبوا لأولادي ملابس وهدايا”.
وأضافت أم أيمن (39 عاما) لحرية برس “أصبحوا يهتمون بأولادي بشكل كبير حتى أنهم خلال الزيارة الأخيرة أصبحوا يتحدثون عن سيدنا عيسى عليه السلام وأنه سيكون المخلص وأنه سينزل من السماء، وبسبب أن أولادي لم يدرسوا أصبحوا يسألوني وأنا أقوم بتغيير الحديث، وقد امتنعت عن الذهاب إلى مكان توزيع الطعام مدة خمس أيام ولكنهم أصبحوا يرسلون الطعام المطبوخ إلى منزلي، ودائما يسألون أولادي عن السبب ولم يكن هناك جواب من الأولاد:.
ومع بسط ميليشيات إيران سيطرتها ونفوذها في مدينة حلب، تبذل إيران جهوداً كبيرة في نشر التشيع، الأمر الذي دفع الجمعيات التبشيرية والتي تعمل على نشر المسيحية للتشجع وافتتاح أكثر من سبعة عشر مطبخاً لتوزيع الطعام المطبوخ على المدنيين الذين يعيشون ظروف معيشية صعبة للغاية، ومن خلال هذه الطريقة بدأت تلك الجمعيات بنشر نسخ من الإنجيل خلال قيامها بالإحصاء و الجولات على منازل المدنيين في أحياء حلب الشرقية خصوصا والتي ما زالت تفتقر لجميع متطلبات الحياة، بالإضافة لانعدام الوضع المعيشي وعدم قدرة المدنيين على شراء الطعام والشراب يوميا بسبب عدم وجود معيل يقدم لعائلته.
بينما تفاءل بعض المدنيين بافتتاح تلك المطابخ التي تقوم بتوزيع وجبات الطعام بشكل يومي على المدنيين الذين يعانون من ضيق في المصروف ولا يجدون معيل لهم، استاء آخرون ولكن لم يتجرأوا على أن يعبروا عن غضبهم واستيائهم الشديدين بسبب القبضة الأمنية في تلك الأحياء والتي تتعرض لعقاب من قبل النظام وميليشياته، وخلال محاولة “حرية برس” التحدث مع بعض المدنيين عن ماهية هذه الجمعية والجهات المسؤولة عنها ومصادر تمويلها، امتنع معظمهم، وذلك بسبب الخوف المسيطر على تلك الأحياء، ولكن مسعود (45 عاما) معاق نتيجة تعرضه للقصف الجوي تحدث ولكن كان الخوف باديا عليه، وقال في حديثه لحرية برس “دائما ننتظر كل ما هو جديد لأن أحياء حلب الشرقية خصوصا تعتبر مغضوباً عليها، ولكن افتتاح هذه المطابخ التي تقدم وجبات الطعام بدون استثناء ولجميع المدنيين، أثارت فضولنا وأصبح الكثيرين يتساءلون كيف سمح النظام لهذه الجمعية بافتتاح مطابخ لها ضمن أحياء حلب الشرقية، ولكن بعد فترة قصيرة رأينا شعار أو لوغو هذه الجمعية وهو عبارة عن دائرة في داخلها صليب باللون الأحمر العريض، وكثير من المدنيين ظنوا بأنها تابعة للصليب الأحمر الدولي، ولكن تبين أنها إحدى الجمعيات التي تقوم بتوزيع الإنجيل وتدعو لأن يكون العالم كله دين واحد وهو المسيحية”.
وتابع مسعود “الحاجة وبسبب عدم قدرتي على العمل اضطررت للذهاب إلى تلك الجمعية وسجلت بيانات عائلتي من أجل الحصول على وجبة طعام يوميا تكفي لعائلتي، وبعد مرور أسبوعين سألوني قبل إعطائي وجبة الطعام، هل قرأت إنجيلا سابقا؟ فكانت إجابتي لا لم أقرأ، وبعد حصولي على وجبة الطعام أعطوني إنجيل، وقالوا بإمكانك الاطلاع عليه إذا أردت”.
وختم مسعود حديثه لحرية برس “أصبح الأمر بشكل علني وعادي ولم يعد هناك تردد في نشر المسيحية في أحياء حلب الشرقية خصوصا ان تلك الأحياء تقطنها غالبية كبيرة من المدنيين الذين يعيشون ظروف معيشية صعبة للغاية “.
عذراً التعليقات مغلقة