حرية برس
أصدرت هيئة القانونيين السوريين مذكرة حول ترويج روسيا لخطتها بإعادة المهجرين واللاجئين والنازحين السوريين إلى بلدهم.
وقالت الهيئة: لم يعد خافياً على أحد أن النظام السوري المجرم قد ارتكب أكبر جريمة تهجير قسري في العصر الحديث بحق الشعب السوري الذي كان ذنبه الوحيد مطالبته بحقوقه المشروعة التي أقرتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية. لقد مارس النظام السوري أبشع صور إرهاب الدولة بحق الشعب السوري متّبِعاً سياسة التوحش حيث أعمل القتل والاغتصاب والتدمير الممنهج واستخدم كافة صنوف الأسلحة التقليدية وغير التقليدية حتى المحرمة في قمع ثورة الشعب السوري. وقد آزرته في ذلك الحكومة الروسية حيث تدخلت عسكرياً في سورية في نهاية شهر أيلول من العام 2015 واتخذت من الأراضي السورية قواعد عسكرية لطائراتها وجنودها ومن المياه الإقليمية قواعد بحرية لحاملات طائراتها وغواصتها التي لم تتوقف عن دك المدن والقرى السورية بكافة أنواع الصواريخ المتطورة، متسببة بقتل مئات الآلاف من الأبرياء وتدمير البنى التحتية لهذه المدن والقرى.
وأضافت: كان من نتائج سياسة الإجرام التي اتبعها النظام وحلفائه الروس والإيرانيون تهجير أكثر من 12 مليون سوري من أراضيهم ومدنهم وقراهم، وقد زادت نسبة التهجير بما لا يقل عن 50% بعد التدخل العسكري الروسي الغاشم . بل إن الحكومة الروسية لم تكتفِ بالتهجير بالقوة العسكرية الغاشمة فحسب، وإنما اتبعت سياسة التهجير القسري بطرق أخرى منها فرض التسويات والهدن والمصالحات في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام، حيث هجّرت أكثر من مليون ونصف سوري بهذه الطريقة.
واعتبرت الهيئة أن ما تقوم به روسيا اليوم من إجراءات لإعادة اللاجئين إلى سورية هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني وانتهاك صريح لحقوق اللاجئين المنصوص التي تصونها وتحميها الشرعة الدولية لحقوق الانسان، لأن ما تقوم به روسيا اليوم يأتي في سياق فرض رؤيتها للحل “السلمي” في سورية مستندة الى تفسيرها الخاص للقرارات الدولية ذات الصلة وخاصة بيان جنيف والقرارين 2118 و 2254 هادفة من وراء ذلك إلى ما يلي:
- إعادة انتاج النظام السوري ورئيسه المجرم بشار الأسد، عبر استبعاد البحث في مصير بشار الأسد في أي مفاوضات للحل السلمي، والسماح له بالترشح لولاية جديدة لرئاسة البلاد عبر انتخابات تروّج لها وتعد لها الأرضية الدستورية والقانونية، وإن إعادة اللاجئين إلى مناطق سيطرته سيدفعهم للتصويت لصالحه بدافع الخوف من القمع والاعتقال والقتل.
- إعادة إنتاج أدوات القمع والإجرام جيش نظام بشار الأسد وأجهزته الأمنية القمعية تحت شعار (الحفاظ على مؤسسات الدولة) التي لا وجود لها في هذا النظام الدكتاتوري الشمولي القمعي المجرم، وإلزام السوريين بالخدمة العسكرية في هذه الأجهزة الأمنية والجيش المجرم وتجنيد اللاجئين الذين ينوون إعادتهم في صفوفها.
- إغلاق جميع الملفات التي تدين بشار الأسد ونظامه وعصاباته بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومن أهمها إغلاق ملف استخدام الأسلحة الكيميائية عبر تعطيل مجلس الأمن ومنع وصول ملف جرائم الحرب إلى محكمة الجنايات الدولية وكذلك إغلاق ملف المعتقلين من خلال الإيعاز للنظام بإصدار بيانات وفاة مزورة لهم واعتبارهم متوفين في منازلهم ولأسباب طبيعية.
- روسيا تلتف على القرارات الدولية التي نصت على وجوب وقف اطلاق نار شامل للدخول في عملية الانتقال السلمي للسلطة، فبدلاً من تطبيق وقف إطلاق نار شامل ابتدعت لنا ما يسمى مناطق خفض التصعيد التي لم تسلم من بطش القوات الروسية أو عصابات النظام السوري.
- وكذلك تلتف روسيا على القرارات الدولية المتعلقة باللاجئين حيث تقوم اليوم وخارج إطار أي إجماع دولي بإحصاء اللاجئين السوريين في العالم تمهيداً لإعادتهم إلى سورية.
وشددت المذكرة على أن القرارات الدولية نصت على وجوب تأمين البيئة الآمنة والمستقرة لعودة اللاجئين إلى بلادهم وهذا ما لم يتحقق حتى اليوم للأسباب التالية:
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دام النظام السوري وعصاباته يرتكبون أبشع جرائم القتل والاغتصاب والسلب والنهب (التعفيش) وتدمير البنى التحتية للمدن والقرى.
- لا تعتبر البيئة آمنة في ظل الوجود العسكري الروسي على الأراضي السورية والطائرات والصواريخ الروسية تدك المدن والقرى السورية فوق رؤوس أهلها.
- لا تعتبر البيئة آمنة مادام هناك تواجد عسكري غير مشروع لأكثر من عشرين دولة على الأراضي السورية.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دامت إيران والعصابات الشيعية العراقية واللبنانية والأفغانية موجودة في سورية.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما لم يتم إعادة النسيج الديموغرافي السوري إلى ما كان عليه قبل جريمة التغيير الديموغرافي التي ارتكبتها إيران وروسيا والنظام منذ عام 2011 حتى اليوم.
- لا تعتبر البيئة آمنة قبل إعادة إعمار البنى التحتية التي دمرها النظام السوري والقوات الروسية والإيرانية.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دام أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دامت قوانين مكافحة الإرهاب ومحاكم الميدان ومحاكم الإرهاب قائمة.
- لا تعتبر البيئة آمنة في ظل وجود قانون الخدمة العسكرية الإلزامية وسوق الشباب والرجال بالقوة لقتال إخوانهم وأهاليهم.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دام هناك مسؤولون في النظام السوريين يطالبون بالاستغناء عن ملايين السوريين الذين يعتبرون مصدر إزعاج للنظام وعصاباته.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دامت أجهزة المخابرات السورية تتهدد وتتوعد أي سوري (أساء) بكلمة أو حرف للنظام أو طالب بحقوقه بالويل والقتل والتعذيب.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما لم يتم الكشف عن مصير المختفين قسرياً ومصير المعتقلين وتشكيل لجنة تحقيق أو لجنة تقصي حقائق للوقوف على مصيرهم.
- لا تعتبر البيئة آمنة ما دام أغلب اللاجئين السوريين محكومين بالإعدام من محاكم الإرهاب والمحاكم الميدانية.
- لا تعتبر البيئة آمنة وما زالت ممتلكات اللاجئين السوريين مصادرة بقرارات إدارية من أجهزة المخابرات السورية.
- لا تعتبر البيئة آمنة مادام المجرمون ومرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية يفلتون من العقاب.
- لا تعتبر البيئة آمنة في بلد لا توجد فيه آليات للمحاسبة والعقاب.
وأوضحت: ما نود قوله هو أن الحكومة الروسية شريكة النظام السوري في جريمة التهجير القسري التي تسببت بهجرة ملايين السوريين إلى خارج البلاد، وأن الوجود الروسي في سورية هو جزء من مشكلة السوريين مع النظام السوري المجرم. إن المقاربة الروسية للحل في سورية ستؤدي إلى استمرار الحرب وستؤدي حتماً إلى اندلاع حرب أهلية لن تبقي ولن تذر، لأنها تحاول فرض سلطة طائفية أقلوية على السوريين وفرض دستور وقوانين تصبّ في هذا الاتجاه. إن المجرم سواء كان فاعلاً أصلياً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً لا يمكن أن يكون ضامناً لأي حل سلمي في سورية.
واعتبرت أن إعادة اللاجئين في ظل الظروف الحالية تعتبر بمثابة طردهم بطريقة غير مباشرة وهذا انتهاك فاضح للمادتين 32 و 33 من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 اللتين نصتا على أنه (لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئاً أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية).
وأضافت: من المعروف أن اغلب السوريين الذين طالبوا بحقوقهم المشروعة عاقبهم النظام بإصدار أحكام بالإعدام ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، وإن المطالبة بعودتهم يعتبر مخالفة لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 50 لعام 1984 المتعلق بالضمانات الكفيلة بحماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام.
مشيرة إلى أن عصابات النظام السوري ما زالت ترتكب جرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري حتى في المناطق التي دخلت تحت سيطرتها بعد اتفاقيات المصالحة التي ضمنتها الحكومة الروسية، وإن إعادة اللاجئين سيجعلهم عرضة للاعتقال التعسفي و الاختفاء القسري مما يعد انتهاكاً للاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع الأشخاص من الاختفاء القسري رقم 177/61 لعام 2006.
كما اعتبرت أن إعادة اللاجئين السوريين قبل معالجة مسألة سبل الانتصاف والجبر عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الانسان التي ارتكبها النظام السوري، وأجهزته الاستخباراتية وقادته العسكريين ومعالجتها سواء على المستوى الوطني أو الدولي يعتبر مخالفة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/147.
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي كف يد الحكومة الروسية عن التدخل بشؤون اللاجئين لأنه يعتبر تعدياً على صلاحيات المفوض السامي لشؤون اللاجئين لأنه المسؤول عن تأمين حماية دولية، تحت رعاية الأمم المتحدة، للاجئين الذين تشملهم أحكام النظام الأساسي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومهمة التماس حلول دائمة لمشكلة اللاجئين بمساعدته الحكومات، وكذلك الهيئات الخاصة إذا وافقت علي ذلك الحكومات المعنية، عليها تسهيل إعادة هؤلاء اللاجئين إلي أوطانهم بمحض اختيارهم أو استيعابهم في مجتمعات وطنية جديدة.
كما طالبت الدول المستضيفة للاجئين السوريين احترام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وعدم الانجرار وراء المحاولات الروسية التي ثبت فشلها والتي أدت وستؤدي الى نتائج كارثية في سورية تعيد الحرب بل ستؤدي الى اندلاع حرب أهلية بين السوريين، وعدم إجبار اللاجئين السوريين على العودة الى سورية ما دام بشار الأسد ونظامه قائمين وقبل تحقيق الانتقال السلمي للسلطة. وعلى المجتمع الدولي واجب تأمين البيئة الآمنة سياسياً وأمنياً واقتصادياً قبل مطالبة اللاجئين بالعودة من خلال تحقيق الانتقال السلمي للسلطة وكف يد أجهزة الاستخبارات وعصابات الأسد وخروج كل القوى الأجنبية من الأراضي السورية وإعادة الاعمار وإعادة مقدرات البلاد إلى الشعب.
Sorry Comments are closed