الأمثال الشعبية للمأساة السورية – “الأهرامات الأسدية” في سوريا

معاذ عبد الرحمن الدرويش6 أغسطس 2018آخر تحديث :
معاذ عبد الرحمن الدرويش

عندما قدم الفراعنة أنفسهم على أنهم آلهة، كان لا بد لهم من تقديم أعمال خارقة خارج حدود الطاقة البشرية لكي يثبتوا للناس صدق ادعائهم، ولعل بناء الأهرامات كان شاهداً قوياً على ذلك، ولم تكن الأهرامات عملاً خارقاً في عصرهم فحسب، بل لا تزال من ضمن الأعمال الخارقة في تاريخ البشرية إلى يومنا هذا رغم مرور آلاف السنين على بنائها. واليوم سنتحدث عن الأهرامات الأسدية في سوريا “الحديثة”:

الهرم الأول.. الفرن الآلي في كفرزيتا: لا أنسى ذلك اليوم رغم مرور سنوات طويلة عليه، في ذلك اليوم الشتائي القارس عندما أخذوا بنا نحن جميع طلاب مدارس القرية وجمعونا لكي نستقبل المحافظ وحاشيته، والذي سيأتي من أجل وضع حجر أساس لبناء فرن آلي، وبقينا تحت الصقيع منذ الصباح حتى المساء، وبقينا نصفق ونهتف بحياة سوريا والأب القائد طيلة ذلك اليوم، كيف لا والقائد سيبني لنا فرناً آلياً ستنتهي مأساتنا به مع طوابير الخبز أمام الأفران الصغيرة!

بعد أن بُحّت أصواتنا وتجمدت أطرافنا جاء أخيراً المحافظ، ووضع حجر الأساس أمام كاميرات التصوير، وغادر على عجل، لكن إلى يومنا هذا لم يستكمل بناء الفرن الآلي العظيم!

الهرم الثاني.. القصر البلدي في حلب: ذلك الهرم العظيم الذي أقيم في مدينة حلب واستمر بناؤه لأكثر من 30 عاماً.

الهرم الثالث.. ملعب الحمدانية في حلب: هرم آخر تم بناؤه في حلب أيضاً واستغرق 27 عاماً في البناء حتى تم الإنتهاء منه.

الهرم الرابع: إذا أردت أن تسكن في هرم من أهرامات الآلهة الأسدية ما عليك سوى أن تسجل في جمعية سكنية، ومن الممكن أن تستلم هرمك بعد عشرين أو ثلاثين عاماً.

والأهرامات الأسدية متواجدة في كل مكان في سوريا و”الحمد لله” ولا سبيل لحصرها في مقال. طبعاً ما دام الشعب ينادي إلى الأبد إلى الأبد “فليش مستعجلين”، فثلاثون أو أربعون سنة لا تشكل شيئاً في الحياة الأبدية، فإذا لم نأكل الخبز نحن أو نسكن نحن أو … “ممكن أحفادنا أن يأكلوا ويسكنوا ويتنعموا” بما أسسنا لهم.

أحب أن أذكر لكم على سبيل المثال لا الحصر إن ما يسمى القصر البلدي في حلب هو عبارة عن بناء تافه في أي دولة غير دولة بيت الأسد، وأي شركة مقاولات صغيرة تستطيع بناءه في غضون عام واحد فقط!

بقينا في كفرزيتا نهتف الى الأبد الى الأبد لسنوات طوال ولم نحصل على الفرن الذي لطالما حلمنا فيه، لكن مع أول صرخة “حرية للأبد غصبا عنك يا أسد” صدحت في شوارع البلدة، لم تنتظر الدبابات والمدافع والطائرات ساعة واحدة إلا ولبت النداء، لتدكّ أرض كفرزيتا وسماءها، وتهدم كل البيوت التي بناها آباؤنا وأجدادنا بعرق جبينهم.

والحقيقة أن معجزة الآلهة الأسدية لا تتوقف عند بناء الأهرامات فقط، والتي تحتاج إلى أجيال حتى يكتمل بناؤها، بل إن آية ملكهم تشبه معجزة الملك النمرود عندما قال لسيدنا إبراهيم عليه السلام “أنا أحيي و أميت” فجاء بسجينين واحد قتله والثاني تركه حياً لكي يثبت لسيدنا إبراهيم أنه قادر على الإحياء والموت.

وبيت الأسد في هذا المجال مبدعون إلى أبعد حدود، فإذا اكتفى الملك النمرود بقتل سجين واحد، فبيت الأسد قتلوا مئات الآلاف من المعتقلين الأبرياء لكي يثبتوا للناس أنهم آلهة يحيون ويميتون!

أسأل الله القدير أن تكون نهاية المجرم بشار وجميع زبانيته كنهاية النمرود على يد ذبابة أو بعوضة تذيقهم ويلات الألم لسنوات طوال قبل أن تقضي عليهم، إنه على كل شيء قدير.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل