حرية برس:
كشفت وكالة ’’رويترز‘‘ عن مذكرة روسية أرسلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للحصول على تعاون أمريكي، لتنفيذ الخطة الروسية المزدوجة بشأن إعادة الإعمار وعودة اللاجئين إلى سوريا.
وجاء في مذكرة مرسلة للحكومة الأمريكية أن روسيا استخدمت قناة اتصال مع أكبر جنرال أمريكي لتقترح تعاون خصمي الحرب الباردة السابقين في إعادة إعمار سوريا وإعادة اللاجئين إلى البلاد.
وتشير المذكرة إلى أن الاقتراح أرسله ’’فاليري جيراسيموف‘‘ رئيس الأركان العامة للجيش الروسي، بتاريخ 19 يوليو/تموز الماضي، إلى الجنرال الأمريكي ’’جوزيف دنفورد‘‘ رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة.
مضمون المذكرة
يكشف الاقتراح كيف أن روسيا، التي ساعدت في تحول دفة الحرب لصالح رأس النظام بشار الأسد، تضغط الآن على واشنطن وآخرين للمساعدة في إعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرته، الأمر الذي من شأنه أن يعزز على الأرجح قبضة الأسد على السلطة.
وجاء في نص الاقتراح الروسي، إن نظام الأسد يفتقر إلى المعدات والوقود والمواد الأخرى والتمويل اللازم لإعادة بناء البلاد من أجل استيعاب عودة اللاجئين“، مشيراً إلى أنه يتعلق بالمناطق الخاضعة لسيطرة حكومة نظام الأسد فقط.
وأشارت المذكرة إلى أنه ”شارك دبلوماسيون روس ومسؤولون آخرون في حملة شرسة لوصف المبادرة في عواصم أخرى بطريقة توحي بأنها نتيجة القمة الأمريكية الروسية في هلسنكي، وهو ليس صحيحاً“.
وأضافت المذكرة أن خطاباً ملحقاً من روسيا بالمقترح أرسل إلى ’’دنفورد‘‘ يوصي بأن تغير الولايات المتحدة وروسيا والأردن الغرض من مركز أقيم لمراقبة اتفاق لوقف إطلاق النار في 2017 ليصبح غرضه ”تشكيل لجنة مشتركة لتنفيذ خطة إعادة البناء وعودة اللاجئين“.
وأوضحت المذكرة الأمريكية أن الخطاب الروسي يقترح أيضاً أن تشكل الولايات المتحدة وروسيا مجموعة مشتركة لتمويل تجديد البنية التحتية في سوريا.
وبيّنت المذكرة أن ’’السياسة الأمريكية يمكنها أن تدعم مثل هذه الجهود فقط إذا تم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سبع سنوات بما في ذلك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة‘‘.
الرد الأمريكي على المقترح
لقيت الخطة الروسية، التي لم يتم الكشف عنها من قبل، استقبالاً فاتراً في واشنطن، وامتنع مكتب ’’دنفورد‘‘ عن التعليق على الاتصالات مع ’’جيراسيموف‘‘.
ونقلت وكالة ’’رويترز‘‘ عن المتحدثة الكابتن ’’باولا دون‘‘ قولها: ”وفقاً للقواعد المتبعة وافق الجنرالان على إبقاء تفاصيل محادثاتهما سرية“، فيما لم يرد الكرملين أو وزارة الدفاع الروسية على طلب للتعليق.
وقدم هذا التطور لمحة نادرة لقناة الاتصال العسكرية بين موسكو وواشنطن وهي قناة حاول ’’دنفورد‘‘ نفسه بكل السبل أن يبقيها أمراً خاصاً.
وأكد ’’دنفورد‘‘، الذي يتحدث دورياً مع ’’جيراسيموف‘‘، على أن الجيشين بحاجة إلى التواصل بشكل سري وخاص لتجنب أي سوء فهم يمكن أن يؤدي لمواجهة مسلحة بينهما.
إلا أنه لم يتضح ما هو موقع إعادة البناء واللاجئين من سياق التواصل بين الجيشين، حيث أشار خطاب ’’جيراسيموف‘‘ إلى أن موسكو تستخدم القناة أيضاً لطرح موضوعات غير عسكرية.
وقالت مذكرة الحكومة الأمريكية بوضوح إن الاقتراح الروسي ليس نتيجة لمحادثات بوتين وترامب، لكنها حذرت من أن مسؤولين روس يحاولون عرض الأمر بشكل مختلف.
وتبنت الولايات المتحدة في 2011 سياسة تقوم على ضرورة أن يترك بشار الأسد السلطة، إلا أن قواته تابعت بعد ذلك وهي تستعيد، بدعم من إيران ثم من روسيا، السيطرة على الأراضي وتعزز وضع الأسد ونظامه.
ورسمت الولايات المتحدة خطاً بشأن مساعدات إعادة الإعمار، قائلة إنها يجب أن تكون مرتبطة بعملية شاملة تتضمن إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة إضافة إلى انتقال سياسي في سوريا، وتلقي واشنطن باللوم على الأسد فيما حل بسوريا من دمار.
ويعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين إن اعتماد سوريا على المجتمع الدولي من أجل إعادة البناء إضافة إلى وجود قوات أمريكية وقوات تدعمها الولايات المتحدة في منطقة في سوريا يعطي واشنطن موقف أفضلية فيما يسعى دبلوماسيون لإنهاء الحرب من خلال التفاوض.
وناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ملف سوريا وموضوع اللاجئين في قمة جمعتهما في 16 يوليو/تموز الماضي في هلسنكي، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن المحادثات ركزت على ”كيف يمكننا إعادة اللاجئين“.
إلا أن وزير الدفاع الأمريكي ’’جيم ماتيس‘‘ قال الأسبوع الماضي، إن القمة لم تسفر عن تغييرات في السياسات المتبعة.
وسبق أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية، بعد يومين من اللقاء الأمريكي الروسي في هلسنكي، عن تأسيس مركزاً لاستقبال وإيواء وتوزيع اللاجئين السوريين داخل الأراضي السورية.
وجاء في بيان وزارة الدفاع الروسية، ’’في إطار الجهود الدولية لتقديم المساعدة لإعادة اللاجئين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة قامت روسيا بالاتفاق مع رأس النظام السوري بشار الأسد بإنشاء مركز استقبال وإيواء اللاجئين‘‘.
وأضاف البيان الوزارة، ’’لتنسيق عمل المركز وتنفيذ الفعاليات المخططة، تأسس في موسكو وبدأ عمله مقر وزاري مشترك لوزارة الدفاع الروسية ووزارة الخارجية الروسية على قاعدة المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا الاتحادية‘‘.
واقترحت موسكو تشكيل مجموعة مشتركة لتمويل إعادة إعمار البنية التحتية السورية، جاء ذلك على لسان رئيس المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع الروسية ’’ميخائيل ميزينتسيف‘‘.
حيث أشار ’’ميزينتسيف‘‘ إلى أن ’’الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال قمة الرئيسين الروسي والأمريكي في هلسنكي تساهم بشكل فعال في تحقيق تقدم على هذا الصعيد، وبعد أخذها بعين الاعتبار تم إرسال مقترحات محددة للجانب الأمريكي لتنظيم العمل على إعادة اللاجئين الى أماكن معيشتهم‘‘.
وبدأت روسيا بجمع بيانات اللاجئين السوريين في الخارج، حيث طلبت السفارات الروسية في 45 دولة بيانات اللاجئين السوريين لدى هذه الدول وحصلت عليها، وكانت متقاربة حسب مصادر روسية مع بيانات وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، على حد قولها.
وزعمّت أنه ابدى 1.7 مليون لاجئ سوري رغبتهم بالعودة إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، مشيرةً إلى أنه عاد لسوريا 234 ألف لاجئ منذ عام 2015 دون تحديد المنطقة التي عادوا إليها.
وتعد روسيا أحد أبرز حلفاء نظام الأسد وتقدم له منذ اندلاع النزاع في العام 2011 دعماً سياسياً ودبلوماسياً في مجلس الأمن، كما توفر الغطاء الجوي لعملياته منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في أيلول/سبتمبر 2015.
وبدأت الطائرات الروسية بتوجيه ضربات جوية على الأراضي المحررة الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الحر في سوريا، بتاريخ 30 سبتمبر 2015، وهذا بعد أن طلب رأس النظام بشار الأسد دعماً عسكرياً من موسكو من أجل كبح الثورة السورية.
وتسبب التدخل العسكري الروسي لدعم الأسد باستشهاد عشرات الآلاف من المدنيين وتهجير أعداد كبيرة منهم، فضلاً عن تدمير معظم البنى التحتية للمناطق التي خاضت روسيا مع قوات الأسد هجوماً ضدها.
عذراً التعليقات مغلقة