الخطة التركية و”الورقة البيضاء” للحل في إدلب

جمعة الحمود31 يوليو 2018آخر تحديث :
الخطة التركية و”الورقة البيضاء” للحل في إدلب

تعتبر مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة ونقاط المراقبة التركية، المنطقة الرابعة من مناطق
خفض التصعيد وتشمل (محافظة إدلب ومعظم أريافها وريف حلب الشمالي وريفي اللاذقية وحماة المتصل بمحافظة إدلب) حسب اتفاق مؤتمر استانة وطبقاً للتفاهمات (الروسية التركية الايرانية).

فبعد سيطرة النظام على (الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي ودرعا) بفضل الدعم الروسي والإيراني، لم يتبق مما اصطلح على تسميته اتفاق “مناطق خفض التصعيد” إلا منطقة الشمال السوري، والتي تنتهي في منتصف شهر أيلول القادم من العام الجاري.

تركيا وبحكم تواجدها العسكري في الشمال السوري وكونها أحد الأطراف الضامنة “لاتفاق خفض التصعيد” قدمت لروسيا خطة باسم “الورقة البيضاء للحل في إدلب” تزامنت مع تطبيق بنود مفاوضات بلدتي (كفريا والفوعة) التي أسفرت عن إجلاء مقاتلي وأهالي البلدتين.

تتضمن خطة المبادرة؛ إعادة التيار الكهربائي والمياه، وعودة المرافق العامة والمؤسسات الخدمية، وفتح الطريق الدولي
حلب – دمشق ، وإزالة السواتر والحواجز من منطقة دارة عزة نحو حلب الجديدة ، وعودة التجارة بين مناطق النظام والمعارضة.

وقامت تركيا بدعوة جميع الفصائل والهيئات العسكرية والسياسية والمدنية وأهمها (هيئة تحرير الشام ، الحكومة المؤقتة، حكومة الإنقاذ ، الائتلاف الوطني السوري) إلى مؤتمر عام تستضيفه العاصمة التركية أنقرة في منتصف شهر آب من العام الجاري 2018، لمناقشة مستقبل إدلب والشمال السوري بشكل عام، على ضوء التطورات الأخيرة
في الجنوب السوري.

من المتوقع أن يطلب الجانب التركي من الجميع تسليمه السلاح الثقيل والمتوسط، ليقوم بتخزينه لديه بعد استلامه من الجميع ، على أن يتم الإعلان عن تشكيل “الجيش الوطني” من جميع أفراد الفصائل المسلحة، وتأسيس هيئة موحدة للكيانات غير العسكرية، تنفذ مهاماً مدنية وقضائية وخدمية بإشراف ورقابة الحكومة التركية، ريثما يتم الوصول للحل النهائي في سوريا.

وتهدف تركيا بشكل أساسي من وراء ذلك، إلى منع حدوث عمل عسكري “روسي – سوري” في إدلب، يؤدي إلى تكرار ما حدث في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي ودرعا.

من المؤكد أن تركيا ستبذل قصارى جهدها لإنجاح خطتها للحل في الشمال السوري، مع كل الأطراف الإقليمية والدولية
لكسب الموافقة والدعم لسياستها، من أجل إنقاذ المنطقة على حدودها من أي عمل عسكري يهدد أمنها القومي، ويستهدف حلفاءها على الجانب السوري، مما سيكون له بالغ الأثر على مصالحها في المستقبل، خاصة الطرف الروسي الحليف الأكبر للنظام السوري.

تأتي الخطة التركية التي قدمت لروسيا، ودعوة هيئات الشمال السوري السياسية والعسكرية لمؤتمر عام يجمعها في أنقرة لإنجاز ما يصبو إليه الجانب التركي، قُبيل القمة الدولية التي أعلن عنها الرئيس التركي أردوغان، بمشاركة كل
من (روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا) والتي ستستضيفها مدينة اسطنبول في السابع من شهر أيلول القادم، لمناقشة الوضع في سوريا.

فهل تستطيع تركيا في ظل تشابك المصالح الدولية والإقليمية “تناقضاً وتقاطعاً” إقناع الجانب الروسي بالمساعدة على تجنيب المنطقة حرباً جديدة لن تكون نتيجتها إلا مزيد من القتل والدمار، وتشريع الأبواب لموجة تهجير جديدة، لم يعد لأي من الأطراف القدرة على تحملها سواء في الداخل، أو إلى خارج البلاد؟

تجدر الإشارة هنا إلى أن ذلك يتوقف على أمرين، الأول هو مدى استجابة هيئات المعارضة العسكرية والسياسية للطرح التركي، والثاني يتجلى في قدرة وجدية تركيا على فرض إرادتها السياسية والعسكرية على الفصائل في إدلب.

ما يشجع تركيا على المضي في استنساخ حل سلمي في مناطق تواجدها داخل سوريا، هو الضوء الأخضر من أمريكا
-بعد تخلي الأخيرة عن فصائل الجنوب السوري- لما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية” شرقي الفرات، حيث وجود القواعد الأمريكية بالدخول في مفاوضات مع نظام الأسد؛ حيث أعلن جناح “قسد” السياسي، أنه اتفق مع النظام السوري على تشكيل لجان بكافة المستويات، لرسم خارطة طريق تقود إلى ما وصفها “بسوريا ديمقراطية لا مركزية”
وعودة مؤسسات الدولة السورية إلى مناطق سيطرة الميليشيات الكردية الانفصالية في حال الوصول إلى اتفاق نهائي، يضمن الاعتراف بالإدارة الذاتية.

الآن في ظل احتدام الصراع الدولي والإقليمي على الساحة السورية، يلاحظ الغياب العربي والإسلامي شبه الكامل عما يجري في سوريا، بعد غياب المعارضة السورية.

أمريكا و”إسرائيل” وضعتا الكرة في الملعب الروسي، لإبعاد إيران عن حدود الأراضي المحتلة وكامل الأراضي السورية، فهي -إسرائيل- لن تسمح بتحويل سوريا إلى قاعدة ايرانية ضماناً لأمنها المستقبلي ضد إيران، حيث تسعى الأخيرة إلى تعطيل أي حل في سوريا، لأن ذلك يتطلب خروجها مع ميليشياتها الطائفية الحاقدة على شعوب المنطقة.

قطعت تركيا شوطاً كبيراً بإجهاض الحلم الكردي في إقامة دولة كردية على حدودها، وهي أقرب لكل من يقف معها في هذا المطلب الأساس بالنسبة لها. أما القوى الدولية والاقليمية، ما زالت تواصل لعبة المتاجرة بدماء السوريين وآلامهم وتجيّرها لمصالحها، ليبقى هذا الشعب الضحية الوحيدة للصراعات الاستراتيجية الدولية والإقليمية في المنطقة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل