هل يعود الأسد للسيطرة على شرقي سوريا بالتواطؤ مع “قسد”؟

فريق التحرير29 يوليو 2018آخر تحديث :
AP

محمد العبد الله – حرية برس

شهدت الفترة الماضية مفاوضات مكثفة بين مليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من جهة ونظام الأسد من جهة أخرى لحسم مستقبل شرق سوريا، وسط محاولات حثيثة من النظام لاستعادة السيطرة على تلك المنطقة مجدداً، وخاصةً أنها تعتبر أغنى المناطق السورية بالثروات النفطية، ما يفتح الباب للتساؤل حول مدى امكانية عودة النظام لاستلام كامل المنطقة الشرقية، أم أن المفاوضات ستُفضي الى حصوله على بعض الامتيازات فقط، وبقاء المنطقة تحت سيطرة مليشيا “قسد”؟.

وزارت عدة وفود لمسؤولي نظام الأسد في الفترة الماضية مدن القامشلي والحسكة والرقة والطبقة والشدّادي، واجتمعت مع بعض قيادات “وحدات حماية الشعب” الكردية المسيطرة على شرق الفرات، وكان من بين أعضاء وفد النظام محافظا الرقة والحسكة وبعض الضباط العسكريين.

وفي المقابل كانت آخر اللقاءات هي زيارة وفد من “الوحدات الكردية” الى دمشق، برئاسة إلهام أحمد رئيسة “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) لإجراء مفاوضات مع النظام، وأفضت إلى الاتفاق على تشكيل لجان لتطوير الحوار والمفاوضات، تمهيداً لبدء مرحلة جديدة في المنطقة الشرقية من سوريا.

وذكرت صحيفة “الشرق الأوسط”، أنه تم التفاهم على إرسال النظام مهندسين وعمالاً لتشغيل وتصليح سد الفرات، إضافةً إلى تأكيد “مسد” على أولوية استعادة الخدمات في مناطقها، وفيما بعد يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي تتضمن تسليم المعابر الحدودية والمربعات الأمنية للنظام السوري.

ورأى الناشط الاعلامي محمد حسان في حديث حرية برس إنه “في الفترة القريبة لن يكون للأسد أي دور في مناطق شرق الفرات، والتفاهمات بين قسد والنظام تتعلق بقضية النفط والغاز، من خلال إشراف قسد على المنشآت النفطية، وإصلاح الحقول وشبكة الأنابيب من قبل النظام، وتوريد الوحدات الكردية النفط والغاز الى مناطق النظام، مقابل تقاسم الأرباح بين الطرفين”، مشدداً على أنه “من غير الوارد أن تسمح حالياً أميركا لقسد أن تسلم مناطق من شرق الفرات لنظام الأسد”.

.

.

.

في حين قال الصحفي في شبكة “فرات بوست” الاعلامية صهيب الجابر لحرية برس: إن “النظام يحاول أن يسيطر على المنطقة الشرقية بشكل غير مباشر، وبات ذلك واضحاً بعد الاجتماعات التي حصلت بين النظام وقيادات قسد في الطبقة ودمشق، حيث أعلنت الأخيرة أنها متجهة الى حل سياسي، وتريد إقليم تتفرّد بالسلطة فيه، وبنفس الوقت تسمح بدخول الدوائر الحكومية الى القامشلي والحسكة والرقة ودير الزور”.

.

.

.

بينما أوضح عضو الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية سائد الشخلها لحرية برس، أن “التفاهمات بين النظام وقسد لها وجهان: الأول هو توافق جميع الأطراف على إعادة سيطرة الأسد على شرق سوريا من جديد، أو تكون تفاهمات مؤقتة المراد بها إخراج إيران من المنطقة، لذلك كل طرف سيُقدّم تنازلاً مؤقتاً، وبالتالي فإن تلك التفاهمات لن تكون سارية المفعول بعد مدة، فبعد أن ينتهي الوجود الإيراني سيكون هناك مرحلة أخرى في النزاع على الثروات النفطية شرق سوريا بين أمريكا وروسيا”.

.

.

.

وفي السياق ذاته أفاد الكاتب والباحث يحيى الحاج نعسان: أن “وحدات الحماية الكردية والتي تشكل عمود قسد الفقري، لم تناد يوماً باسقاط النظام، وانما استغلت الأحداث السورية لمشروع محدد وهو تحقيق حلمها في إدارة ذاتية أو اقليم حكم ذاتي (فيدرالية)، وعلى هذا الأساس فإن قسد تفاوض النظام للحصول على أفضل الممكن من مطالبها، واذا ما تحققت أو تحقق القسم الأكبر منها، فإنه لا مشكلة لديها بتسليم مناطقها للنظام”.

.

.

.

هل تتخلى واشنطن عن شرق سوريا؟

ومع اتجاه “قسد” لتسليم مناطق شرق سوريا للنظام، يدور الحديث عن المستقبل الأميركي في المنطقة، وفي هذا الإطار قال محمد حسان: “يبدو أن تلك التفاهمات هي بإيعاز من أميركا، والأخيرة لن تتخلى حتى الآن عن منطقة شرق الفرات، ولكن ممكن أن يتم ذلك خلال مرحلة لاحقة، بحيث تنسحب واشنطن من المنطقة بشكل كامل، لتحل مكانها قوات عربية بقيادة السعودية، التي أبدت اهتمامها بمنطقة شرق الفرات، وكان هناك زيارة سابقة لمسؤولين سعوديين الى المنطقة لتفقدها، وبالتالي سيكون الداعم الجديد لقسد هم السعوديين”.

وأضاف حسان أن “قسد لم تتخلّ حتى الآن عن التحالف مع أميركا، والتفاهمات الحاصلة حالياً من صالح واشنطن، فامتلاك قسد خط مبيع نفط للنظام مقابل حصولها على قسم من المبيعات، يخفف أعباء مالية كثيرة عن أميركا، التي تتولى دعم قوات سوريا الديمقراطية”.

بدوره قال صهيب الجابر: إن “الدور الأميركي سيتضمن الاكتفاء بالتمركز ضمن القواعد الأساسية شرق سوريا، ولا سيما في حقول كونيكو والعمر، وذلك بغية قطع الطريق الاستراتيجي على ايران من الحدود العراقية الى الساحل السوري”.

كذلك أوضح يحيى الحاج نعسان، أن “أميركا ليست بحاجة الى نفط سوريا، المهم بالنسبة لها أمن اسرائيل وهيمنتها السياسية وتحجيم دور ايران”، لافتاً الى أن “قسد اتجهت للتفاوض مع النظام لأنها تعتقد أن الأميركان ليس لديهم حلفاء، وإنما اتباع وسيتخلون عنهم في أي وقت حسب مصالحهم، كما فعلوا في عفرين ومنبج”.

مكاسب ينتظرها النظام

ويعتبر موضوع النفط الهدف الأكبر للأسد، وكان ذلك محور مفاوضاته مع “قسد”، والتي خلُصت الى اتفاق لمقايضة النفط المستخرج من حقل العمر النفطي الأكبر في سوريا، مقابل المازوت المكرر، إضافةً إلى حصول “قسد” على الكهرباء والخدمات في مناطق سيطرتها، إلى جانب حاجتها النفطية.

وينص اتفاق المقايضة على أن تحصل “قسد” من النظام على 75 برميل من المازوت مقابل 100 برميل من النفط الخام، وذلك عبر عضو “مجلس الشعب” حسام القاطرجي، مالك “مجموعة القاطرجي” لنقل النفط، وسيكون مسار نقل النفط من حقلي العمر والتنك الخاضعين لسيطرة “وحدات حماية الشعب”، إلى حقل التيم الخاضع لسيطرة النظام جنوبي دير الزور، ومنه إلى مصفاة حمص وسط سوريا.

أما خط نقل الغاز، فسيكون من حقول العمر والتنك والجفرة، إلى معمل «كونيكو» بدير الزور الخاضع لسيطرة الوحدات الكردية، ومن “كونيكو” إلى حقل التيم، وبعدها إلى محطة “جندر” الحرارية في حمص.

وأوضح محمد حسان أن “النظام سيسترد كميات النفط والغاز الموجودة شرق الفرات، كما حصل في التفاهمات حول حقول النفط سابقاُ في آبار الحسكة ضمن حقول الرميلان والشدادي، وهذا يؤمن أرباحاً ضخمة للنظام من خلال بيعه للنفط، ويُعوض حالة النقص التي عانتها كثيراً من مناطق سيطرة الأسد نتيجة نقص كميات البترول”.

في حين قال صهيب الجابر: إن “نظام الأسد سيحصل على نسبة 65% من إيرادات النفط بينما تحصل قسد على نسبة 35% فقط، فضلاً اعادة تفعيل الدوائر الرسمية في الحسكة والرقة كمرحلة أولى، وديرالزور والضفة الشرقية للفرات لاحقاً”، مشدداً أن “هدف النظام كذلك العودة لتلك المناطق ولو شكلياً”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل