قد يساعد فهم دور الميكروبات والفيروسات في ذوبان الجليد في السويد، العلماء على توقع معدل التغير المناخي بصورة أفضل، إذ تلعب الميكروبات دوراً مهماً في التغير المناخي من خلال إنتاج الميثان أو استهلاكه، وحصل العلماء على معلومات جديدة عن مادتها الوراثية بفضل ثلاث دراسات أجريت ضمن مشروع تقوده جامعة ولاية أوهايو.
ونشرت الدراسة في دورية “نيتشر ميكروبيولوجي آند آي إس إم إي” وقالت “فرجينيا ريتش” الأستاذة المساعدة في قسم الأحياء الدقيقة في جامعة أوهايو ومؤلفة الدراسة «ارتفعت درجة حرارة مناطق جليدية واسعة سريعاً بسبب التغير المناخي، وبالنسبة للميكروبات يشبه ذلك ثلاجة فيها دجاج مجمد بدأ في الذوبان».
وأضافت «تستفيد الميكروبات من هذا الموقف في أحيانٍ كثيرة، إذ تتغذى على المواد العضوية الموجودة في الجليد وتنتج الميثان الذي يضر البيئة، فهو يسبب ارتفاع درجات الحرارة بصورة أعلى من ثاني أكسيد الكربون بثلاث وثلاثين مرة»، وتعرفت الدراسات الثلاث على كثير من هذه البكتيريا والفيروسات لأول مرة.
وعلى الرغم من أن العلماء يعرفون بوضوح مخاطر ذوبان الجليد وتسبب ذلك في إنتاج الميثان، لكنهم لم يكتشفوا سابقاَ تفاصيل كافية عن مدخلات هذه المجتمعات الميكروبية ومخرجاتها ومشاركتها في هذه العملية.
وقالت ريتش «المشكلة أننا لا نعرف جميع الميكروبات المشاركة في هذه العملية وكيفية استجابتها للتغير المناخي، إذ ستزداد درجة الحرارة والرطوبة، ونحتاج إلى معرفة المزيد من المعلومات عنها كي نتوقع ماذا سيحدث في العقود المقبلة بدقة».
وقال “مات سوليفان” أستاذ الأحياء الدقيقة في جامعة ولاية أوهايو والمؤلف الرئيس لدراسة الفيروسات، أن اهمية البحث كبيرة لأنه يسهم كثيراً في فهم ما يحدث في التربة.
وقال أيضاً «على الرغم من أننا اكتسبنا معرفة واسعة بالفيروسات في المحيطات خلال العقود الماضية، لكننا لم نعلم شيئاً عن فيروسات التربة». وأضاف «الفيروسات التي كشفت عنها هذه الدراسة جديدة تماماً، حتى أنها ضاعفت العدد الإجمالي للفيروسات المعروفة في العالم».
وأجريت هذه الدراسة، التي شارك فيها علماء من جنسيات عديدة، في المناطق السويدية الواقعة في الدائرة القطبية الشمالية، وهي من أفضل الأماكن لدراسة ذوبان الجليد بسبب التغيرات السريعة التي تحدث فيها وأيضاً بسبب الأبحاث العلمية المسجلة التي أجريت فيها.
وشارك باحثون اختصاصيون في مجالات علمية مختلفة، مثل الأحياء الدقيقة وعلم كيمياء الأرض والتغير المناخي، من عشر مؤسسات مختلفة في مشروع “أيزوجيني” الذي تقوده “فرجينيا ريتش” ويهدف المشروع إلى توقع مستقبل التغير المناخي اعتماداً على فهم العلاقة بين الميكروبات وكيمياء الأرض بصورة جيدة.
وجمع الباحثون خلال هذه الدراسة المادة الوراثية لأكثر من 1500 ميكروب من التربة، ويعد ذلك أكثر مئة مرة من الميكروبات المعروفة سابقاً في هذه البيئة، واكتشفوا أيضاً أكثر من 1900 نوعاً جديداً من الفيروسات لم تكن معروفة سابقاً، وتشمل مادتها الوراثية جميع المورثات الموجودة في الكائن الحي، واستطاع الباحثون معرفة تأثير أكثر من ثلث الفيروسات على هذه الميكروبات.
وقال سوليفان «لدينا الآن وفرة من هذه المواد الوراثية تساعدنا في فهم الأدوار التي تلعبها هذه الميكروبات في البيئة»، وعرف الفريق قدرات هذه الميكروبات من خلال دراسة المواد الوراثية.
وقالت ريتش «لدينا حالياً بصماتها بالإضافة إلى وسيلة لمعرفة خواصها ما يساعدنا في تحديد نوعها ومعرفة قدراتها. والخطوة القادمة هي معرفة نشاطها في التربة».
وأكد أن ذلك مهم لأنه يمكن علماء المناخ من تحديد معدل التغير المناخي بدقة، ما يمنحنا جدولاً زمنياً للمواجهة، وتساعد دراسة هذه البيئة المتغيرة الناس في إدراك حقائق التغير المناخي، وفقاً لـ”ريتش” بالإضافة إلى أنها تقدم فرص لمواجهة هذه التأثيرات، مثل إمكانية تخصيب المناطق الجليدية لتحفيز نمو الميكروبات التي تحمي البيئة.
ولا تقدم جميع المعلومات التي اكتشفها العلماء عن التجمعات الميكروبية في الجليد صورة سلبية، إذ تستهلك بعضها الميثان الموجود في التربة قبل وصوله إلى الهواء ما يفيد البيئة، وهي تسمى الميكروبات المحبة للميثان، وقالت ريتش «عندما يصبح المناخ أكثر دفئاً ورطوبة، تتغير الميكروبات وقد تزداد أعداد الأنواع التي تستهلك الميثان».
عذراً التعليقات مغلقة