ياسر محمد – حرية برس
أكدت نتائج قمة ترامب – بوتين التي عقدت أمس الاثنين في هلسنكي، صحة توقعات المحللين الذين قالوا بأن ترامب سيبيع سوريا لبوتين في مقابل صفقات عديدة أخرى طُرحت على طاولة مزاد هلسنكي.
القمة التي وصفها السيناتور الجمهوري جون ماكين بأنها “أحد أسوأ اللحظات في تاريخ الرئاسة الأمريكية”، كانت كذلك بالنسبة للقضية السورية، التي بحثها الرئيسان وخرجا ليؤكدا تنسيقهما في سوريا عسكرياً وسياسياً، متفقين في النتيجة على أن “حفظ أمن إسرائيل” هو الأولوية المطلقة لكليهما في الأزمة السورية.
وفي المؤتمر الصحفي بعد الاجتماع، قال بوتين: “بخصوص سوريا، فإن حل مهمة إحلال السلام والتوافق في هذا البلد قد يصبح نموذجاً على العمل المشترك الناجح، وتستطيع روسيا والولايات المتحدة بلا شك أن تتوليا الدور الرائد في هذه المسألة، وتنظيم التعاون لتجاوز الأزمة الإنسانية، والمساعدة على عودة اللاجئين إلى ديارهم”. ورأى متابعون ومحللون في كلام بوتين استسلاماً أمريكياً للإرادة الروسية في سوريا، فالسلام الذي قصده بوتين هو السلام (الاستسلام) على الطريقة الروسية، أما الحديث عن عودة اللاجئين فإنه يدغدغ عواطف أمريكا وأوروبا المحتقنتين بسبب أزمة اللاجئين.
كما دعا بوتين إلى ضرورة عودة الهدوء إلى منطقة الجولان (المحتل)، والالتزام باتفاقية فك الاشتباك عام 1974، بعد القضاء على من سماهم (الإرهابيين) في جنوب سوريا بشكل نهائي.
من جانبه، أشاد ترامب بالتنسيق بين العسكريين الروس والأمريكيين في سوريا، مؤكداً اهتمام واشنطن بالتعاون مع روسيا و”إسرائيل” لتسوية الوضع في سوريا، مكتفياً بالتشديد على ضرورة ضمان أمن “إسرائيل”.
وعن موضوع إصرار ترامب على طرد إيران من سوريا، قال السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام: “أبعد من المهزلة الاعتقاد بأن روسيا سوف تضبط إيران أو تخرجها من سوريا، فإيران هي حليف الأسد الأكبر وحتى أكثر من روسيا.. القناعة بضبط روسيا لإيران يوازي ذات منطق قيام روسيا بإزالة وتدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا”.
الحملة التي شنها مسؤولون ونواب أمريكيون على ترامب بعد قمة هلسنكي، تجاوزت حدود سوريا وملفها، ووصلت حد اتهام ترامب بالخيانة العظمة، فقال المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، جون برينان، في تغريدة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “إن إجابات ترامب عن أسئلة الصحفيين المتعلقة بالتدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية عام 2016 خيانة عظمى بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وأضاف برينان أن تصريحات ترامب أكدت أنه “في جيب بوتين تماما”. ودعا “الوطنيين من الجمهوريين” إلى اتخاذ موقف حاسم ضد ترامب.
وفي الصدد؛ أشار الكاتب في صحيفة الحياة، خالد الدخيل، إلى الحسابات المرتبكة والذهول في الأوساط السياسية الأمريكية بعد القمة، بالقول: “بعد قمة بوتين ترامب تقترب الأزمة في الولايات المتحدة من منعطف آخر. بدأت أصوات تتهم ترامب بالخيانة: يثق ببوتين ويشكك في استخبارات أميركا. سؤال يحير الأميركيين: لماذا يتمسك ترامب بصداقة بوتين رغم ثبوت تدخل روسيا في الإنتخابات الأميركية؟ هل لدى بوتين مستمسك عليه؟”..
وبالعودة إلى الشأن السوري، فقد أوردت وسائل إعلام عديدة أمس، أن طائرات روسية استخدمت أجواء “إسرائيل” والجولان المحتل لقصف قوات المعارضة في الجنوب السوري، وهذه الحادثة التي تزامنت مع قمة هلسنكي، تؤكد أن ترامب وبوتين متفقان على “أمن إسرائيل” لا غير، والتي قال رئيس وزرائها منذ أيام إن “نظام الأسد لم يطلق طلقة باتجاه إسرائيل منذ 40 سنة”، لذا كان الخيار المفضل والوحيد لكل أعداء و(أصدقاء) الشعب السوري.
عذراً التعليقات مغلقة