ماذا وراء إخفاء الأسد جريمة إبادة المعتقلين؟

فريق التحرير15 يوليو 2018آخر تحديث :
قيام نظام الأسد بمحرقة بحق المعتقلين يشكّل جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الإنساني – أرشيف

عائشة صبري – حرية برس:

لا تزال قضية المختفين قسريّاً في معتقلات نظام الأسد تشغل الحيّز الأكبر من اهتمام السوريين، وخاصّة فتح النظام أمام الأهالي باب التأكد من مصير أبنائهم، مؤخراً، حيث اكتشف البعض ممن اعتقد أنّ المعتقل مستشهد تحت التعذيب منذ سنوات أنّه على قيد الحياة، بينما اكتشف آخرون العكس.

وبدوره صرّح المحامي “فهد الموسى” رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين لحرية برس: أنّ أهالي المعتقلين يتم تبليغهم عن طريق الأمن العسكري، أو مُدراء النواحي لمراجعة القاضي الفرد العسكري لاستلام الهوية، وقرار وفاة المعتقل يتم أخذه للنفوس وتسجيله، ويتم توقيع أهل المعتقل على الضبط والأوراق بـ “الإكراه” و بدون وجود محامي، وبدون أن يعرف الأهل مضمون الأوراق والضبط.

وأضاف “الموسى”: أنّ الأهالي يوقّعون على استلام الهوية والجثة، ويكون سبب الوفاة “طبيعي” لكي يُقدّمها نظام الأسد كمستندات للمنظّمات الدوليّة مبنية على موافقة الأهل وعدم اعتراضهم على سبب الوفاة، وبالتالي إخفاء لمعالم الجريمة لأنّ الجميع يعلم أنّ الأهل لا يجرؤون على مناقشة القاضي العسكري والمخابرات بالتفاصيل عند التوقيع.

ويُشير “المحامي” إلى أنّ النظام يُحاول إخفاء جريمة إبادة عشرات آلاف المعتقلين في عشرات سجونه السرية والعلنية، دون تسليم جثمان أيّ معتقل توفي تحت التعذيب إلى ذويه، وأغلب المعتقلين أخفا جثثهم بمحارق بشريّة وحوّلهم إلى رماد، بالإضافة إلى استخدام مقابر جماعية (مقبرة نجها – مقبرة تبوكية – مقبرة البحدلية – و مقابر جماعية في جبال القلمون – مقبرة جماعية في جبل شبيث جنوب خناصر) لدفن الآلاف، وبعد أن أتمّ النظام إخفاء جثثهم “إخفاءً مادياً” يستكمل إخفائها وطمسها “قانونياً” بموجب وثائق طبيّة وقضائيّة مزوّرة، ومن بين المشاركين في هذه الجريمة “مشفى الهلال الأحمر في دمشق، ومشفى المجتهد ومشفى حرستا ومشفى (601) العسكري ومشفى تشرين العسكري” مدّعين بأنّ أسباب الوفاة هي أمراض طبيعيّة؛ ليكون المعتقلون قد تعرّضوا لجريمة “إبادة جماعية ممنهجة” من أعلى هرم في السلطة حتى أدنى عنصر مخابرات بدءاً من القتل تحت التعذيب، وانتهاءً بتوقيع ذويهم.

ويُضيف “رئيس الهيئة”: أنّ هذه “جريمة إرهاب دولة منظّمة” على كافة المستويات بدءاً من الثقافة الإجرامية والتحريض على إبادة كلّ مُخالف لنظام الأسد تحت شعار (الأسد أو نحرق البلد) وصولاً إلى تأمين الحماية القانونية والجزائية لكلّ المجرمين عبر تشريع قوانين تُعطي الحصانة القضائيّة لعناصر المخابرات والجيش والشرطة والجمارك والمتعاقدين معهم، وذلك خلافاً لمبادئ الدستور السوري، والمبادئ القانونية، والقضائيّة المحلّية والأجنبية، و لقانون العقوبات السوري العام، وللمواثيق والدساتير الدوليّة التي أقرت المساواة القانونية، مثل ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والعهدين الدوليين الخاصّين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966.

وبيّن أنّ هذه المحرقة بحقّ المعتقلين تشكّل “جريمة ضدّ الإنسانية” وفق القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والمادة (7) و (8) من قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة؛ وبما أنّ سكوت الجمعية العامّة للأمم المتحدة ومجلس الأمن عنها، سيجعل العالم يحكمه قانون الغاب وسيزيد من إرهاب نظام الأسد، الذي سلّم جزءاً بسيطاً من قوائم المعتقلين الذين قام بتصفيتهم، ولم يقم بتسليم الجثث إلى ذويهم حسب القانون والأصول تهرّبًا من الحقيقة وإخفاءً للجريمة.

وختم “الموسى” حديثه بالقول: إنّنا في الهيئة السورية لفكّ الأسرى والمعتقلين، واستناداً للقانون الإنساني الدولي، وإلى مبادئ جنيف، والقرار الدولي (2042) في 14 / 4/ 2012، والقرار (2043) في 21 / 4/ 2012، والقرار (2139) في 22 / 2/ 2014 والقاضي بوضع حدِّ للاختفاء القسري، والقرار (2254) لعام 2015 وقرار مجلس حقوق الإنسان (S-17/1 ) لعام 2011 القاضي بتشكيل “لجنة التحقيق الدوليّة المستقلة الخاصة بسوريا”. نتقدّم إلى الجمعية العامّة، ومجلس الأمن، ومفوضية حقوق الإنسان، والمبعوث الدولي “دي ميستورا” ومساعده “نيكولا سومو” المكلّف بملف المعتقلين، لنضع هذه المحرقة البشرية أمام مسؤولياتهم، ونطالب بـ “تفعيل عمل لجنة التحقيق الدوليّة المستقلة الخاصة بسوريا بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي للدخول إلى سوريا، وإجراء التحقيقات بمسرح الجريمة، وجمع الأدلة، وسماع شهادات الشهود للعمل على بيان مصير المعتقلين والمختفين قسرياً، وإحالة كافّة المتهمّين والشركاء في هذه الجريمة إلى العدالة وعلى رأسهم (بشار الأسد) بالإضافة إلى تشكيل فريق مشترك من هذه اللجنة، ومن المنظّمات الدوليّة، والمحلّية السوريّة المختصّة للعمل على إطلاق سراح كافة المعتقلين في سوريا وبيان مصير المفقودين”.

ويوم الجمعة الفائت، كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أنّ (81652) ألف سوري مختفٍ قسرياً لدى نظام الأسد منذ آذار / مارس 2011 وحتى حزيران / يونيو 2018، وبعضهم مسجّلين في دوائر السِّجل المدني على أنّهم متوفون، وتعمّد النظام إخفاء 90% من المعتقلين لديه، بينما قتل نحو (13066) تحت التعذيب منذ 2011. فيما وذكرت اللجنة السورية للمعتقلين والمعتقلات، الثلاثاء الفائت، أنّ أكثر من “300” عائلة سورية علمت خلال يومين، بمقتل أبنائها تحت التعذيب.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل