ياسر محمد – حرية برس
قبل يومين من القمة المنتظرة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، بدأت تتوضح ملامح الصفقة التي يعدها الطرفان لسوريا، والتي تتلخص بخروج أمريكي وتسليم ببقاء نظام الأسد وإطلاق يد روسيا في سوريا مقابل طرد إيران.
فقد استبقت الولايات المتحدة القمة التي تعقد في هلسنكي بعد غد الإثنين، بإعلان قرب انسحابها من شرق سوريا تدريجياً، مطالبة حلفاءها بملء الفراغ في تلك المنطقة، وقال المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد “تنظيم الدولة” بريت ماغورك لأعضاء التحالف قبل يومين: “على أعضاء التحالف المشاركة في حمل العبء عسكرياً ومالياً شمال شرقي سوريا”. أي توفير نحو 300 مليون دولار أميركي، ونشر وحدات من القوات الخاصة لملء الفراغ لدى الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية.
وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن عرض لقمة ترامب ونظيره بوتين في هلسنكي بعد غدٍ، يقوم على ربط الانسحاب الأميركي من شمال شرقي سوريا وتفكيك قاعدة “التنف” في زاوية الحدود السورية – العراقية – الأردنية، بإخراج إيران بشكل كامل من سوريا بدءاً من إبعادها عسكرياً 80 كيلومتراً من خط فك الاشتباك في الجولان، أي إلى ما وراء دمشق.
وكان الرئيس الأمريكي ترامب يأمل بانسحاب سريع من سوريا، إلا أن مستشاريه ووزير دفاعه أثنوه عن ذلك، بيد أن الانسحاب التدريجي سيبدأ في الشهر العاشر من العام الجاري ويستمر نحو ثمانية أشهر، وفق ما صرح ماغورك مبعوث ترامب لمحاربة تنظيم الدولة.
سياسيون روس يحاولون تعقيد المهمة بالقول إن طرد إيران من سوريا أمر غير واقعي، وما دامت طهران قوة إقليمية حاسمة في لبنان والعراق، فإنها ستبقى على الأرجح لاعباً رئيسياً في سوريا حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها.
فقد أقامت إيران قواعد عسكرية في سوريا وتداخلت في الحياة الاجتماعية والدينية والتعليمية وغيرت في بنية المجتمع السوري.
أما إيران فعادت للعزف على وتر “الإرهاب” لتبرير وجودها في سوريا والعراق، وقال مستشار خامنئي، علي أكبر ولايتي في مؤتمر صحفي بموسكو أمس الجمعة، إن “الوجود الإيراني والروسي في سوريا سيستمر لحماية البلاد من الجماعات الإرهابية والعدوان الأمريكي، سنغادر على الفور إذا أرادت الحكومتان العراقية والسورية ذلك وليس بسبب ضغوط أمريكا وإسرائيل”.
إلا أن إيران لا تبدو واثقة من قدرة موسكو أو تصميمها على تأمين مصالح طهران في سوريا، بدا ذلك بمهاجمة الإعلام الإيراني روسيا واتهامها -سلفاً- بخيانة طهران وبيعها في صفقة ثنائية مع واشنطن.
الكاتب الصحفي عبد الوهاب بدرخان، قال في مقال له بعنوان “سورية وإيران وصفقة القرن في اختبار قمة هلسنكي”، إن ترامب وبنيامين نتانياهو يأملان بأن يحسم بوتين موقفه في قمة هلسنكي من مسائل ثلاث: إخراج إيران من سورية، تبنّي “صفقة القرن” كتسوية نهائية للقضيّة الفلسطينية، الموافقة على الترتيبات الجارية لنزع الصفة الاحتلالية الإسرائيلية عن الجولان والاعتراف بـ “شرعية” الوجود الإسرائيلي فيه.
ليخلص “بدرخان” للقول: “الانسحاب الأميركي تكريس لبقاء روسيا في سورية إلى ما لا نهاية، وخروج إيران من سورية استحقاق ضروري للمنطقة لكنه لا يبرّر مكافأة إسرائيل على جرائمها بإدخالها إلى عموم المنطقة”.
عذراً التعليقات مغلقة