ما الذي يقف وراء استمرار “الفلتان الأمنيّ” في منطقة “درع الفرات”؟

فريق التحرير13 يوليو 2018آخر تحديث :
فرق الدفاع المدني تعمل على إطفاء الحرائق الناتجة عن التفجير الإرهابي الذي استهدف مدينة الباب شرقي حلب، السبت 7 نيسان 2018، عدسة حسن الأسمر، حرية برس©

أحمد زكريا – حرية برس

ماتزال مناطق “درع الفرات” والتي حررها الجيشان “الحر والتركي” من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ومليشيا “الوحدات الكردية” في (30 أذار/مارس) من العام الماضي، تشهد فلتاناً أمنياً واضحاً، بحسب ما تتحدث به مصادر أهلية.

وتشير تلك المصادر إلى أنه وعلى الرغم من القبضة الأمنية وانتشار الشرطة الحرة وحواجز الجيش الحر، إلا أن عمليات الاختراق من قبل خلايا تتبع لتنظيم “داعش” أو النظام أو حتى “الوحدات الكردية” مستمرة، الأمر الذي يشكل هاجساً يؤرق المدنيين المقيمين والنازحين والمهجّرين.

تعدد الفصائلية من أسباب الفلتان الأمني

ويتواجد في مناطق “درع الفرات” في الشمال السوري أكثر من 20 فصيلاً عسكرياً يتبع للجيش السوري الحر، في حصيلة أولية بحسب تقديرات مصادر محلية، من أبرز تلك الفصائل والتشكيلات: “الجيش الوطني، وفرقة السلطان مراد، وفرقة الحمزات، وفيلق الشام، والجبهة الشامية، وصقور الشام، وتجمع فاستقم، ولواء المعتصم” وغيرها من التشكيلات الأخرى.

ويرى المحلل العسكري العقيد “محمد الأحمد” في حديثه لحرية برس، أن السبب الرئيس الذي يقف وراء استمرار الفلتان الأمني في مناطق درع الفرات، هو تعدد الفصائل في المنطقة الواحدة، يضاف إلى ذلك أن كل من يدّعي انه أمني لا يفقه بالأمن إلا من جهة واحدة وهي الشكل فقط، أي إن أي أمني شكله أمني فقط أما ماهي مهمته هل هي حفظ الأمن للناس أم حفظ الأمن للفصيل؟ أم التسلط على رقاب الناس والبحث عن مكتسبات مادية من سيارات البضائع العابرة لمنطقته؟

أما النقيب “أبو عزيز” من شرطة جرابلس الحرة، فرأى أن عدم قدرة الفصائل على ضبط عناصرها بشكل تام، ووجود أيادٍ عابثة في المنطقة من أمثال شبيحة النظام المجرم، وشبيحة تنظيم “ب ك ك” من أهم أسباب استمرار الفلتان الأمني في منطقة درع الفرات.

بينما أشار الناشط الإعلامي “أحمد الحمصي”، إلى أن انتشار السلاح العشوائي في المنطقة، بالإضافة لوجود نوع من الاستهتار على بعض الحواجز العسكرية في المنطقة، هو الذي أدى لاستمرار الفتان الأمني في المنطقة.

خروقات أمنية في مدن وبلدات “درع الفرات”

وتواصل قوات الشرطة والأمن الوطني العام، حملاتها المستمرة لضبط الأمن في مدن الباب وجرابلس وماحولها، بهدف منع أيّ محاولات اختراق من قبل الأطراف التي تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

وعلى الرغم من تلك الحملات، إلا أن مصادر أهلية أشارت إلى حدوث عدد من حالات الاختراق الأمني كان آخرها في يوم (13 من حزيران/يونيو الماضي)، بعد أن ضربت دراجة نارية مفخخة “سوق الخميس القديم” بمدينة الباب شرقي حلب، ما أدى لسقوط جرحى بين المدنيين.

ومع أوائل الشهر الحالي، سجلت عدد من حوادث التفجيرات الناجمة عن سيارات ودراجات نارية مفخخة في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، بحسب ناشطين.

وفي هذا الصدد قال المحلل العسكري العقيد ” محمد الأحمد”: إن الخروقات الأمنية موجودة في كل المدن إن كان “الباب أو جرابلس أو اعزاز” وأخيراً مدينة “عفرين”، مرجعاً سبب الخروقات إلى عدم وجود خطة لضبط الأمن وتعدد الفصائل في المدينة الواحدة والاتكالية وإلقاء التهم على بعضهم، مشيراً إلى غياب أي دور فعلي للضباط المختصين أو المنشقين في التحكم بالعناصر.

بينما رأى الناشط الإعلامي “أحمد الحمصي” أن تلك المدن والبلدات “الباب وجرابلس” وماحولها، تعتبر من المناطق الرئيسة في منطقة درع الفرات لذلك تكثر فيها الخروقات الأمنية، يضاف إلى ذلك دخول وخروج السيارات بشكل ملحوظ إلى مدينة الباب في حين أن تلك الحواجز لا توقف غالبية تلك السيارات، مؤكدًا أن هناك اختراقات في مناطق أخرى كمدينة “قباسين “شرقي حلب، على سبيل المثال.

بدوره، أشار الناشط الإعلامي “عمار نصّار” في حديثه لحرية برس، إلى أن “المفخخات” لا تستثني أي بلد على حساب الآخر فهي تستهدف “جرابلس، والباب”، كما أنها استهدفت قبل أيام مدينة “قباسين” وقال: “في كل فترة نسمع عن ذات الآلية والأمر من خلال تفجير دراجة نارية بين المدنيين”.

وأضاف “نصّار”: “هناك بعض الحوادث الأمنية التي اعتدنا عليها مع مرور الأيام في المناسبات سواء أفراح أو أتراح، لكن بالفترة الأخيرة لم يسجل مشاكل أمنية كبيرة كالتي كانت تحدث في الفترات السابقة كاشتباكات أو اقتتال بين الفصائل أو غيرها، رغم أن الأخبار التي نسمعها لا تبشر بالخير بأنه من الممكن أن يحصل عدوان أو اقتتال بين الفصائل، ولكن نسأل الله ألا يتمّ ذلك”.

“الوحدات الكردية وداعش والنظام” المستفيدون من الفلتان الأمني

وعلى الرغم من تسجيل عدد من تلك الاختراقات الأمنية عن طريق “الدراجات النارية والسيارات المفخخة” ضد مجهول، إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى خلايا تتبع لداعش أو للوحدات الكردية أو حتى قوات نظام الأسد، بحسب ما تحدثت به المصادر.

وفي هذا السياق، يقول العقيد الأحمد: “إن الجهة التي تقف وراء زعزعة الأمن هم أنفسهم من يريد أن تظل المنطقة في هذه الحالة، حتى يتسنى لهم الاستفادة أكبر ما يمكن، بالإضافة إلى شبيحة النظام المتغلغلين بالمنطقة عناصر بي كا كا المتربصين ودواعش الأمس من نفس المنطقة، كل هذه الأمور حتى يقال إن النظام أفضل من مناطق الحر، وهي خطة يعمل عليها بإشراف دولي من روس وايرانيين ونظام”.

أما الناشط الإعلامي “أحمد الحمصي” فقال: إنه من المعتقد ان قوات “قسد” وحزب “بي كا كا” والوحدات الكردية وقوات النظام، هي الأطراف الرئيسة التي تقف وراء زعزعة الأمن في منطقة درع الفرات.

في حين قال الناشط الإعلامي “عمار نصّار” : إن أبرز الجهات التي تقف وراء زعزعة الأمن في تلك المنطقة هو نظام الأسد كونه المستفيد الأول من ذلك وله تجارب كثيرة بذلك، بالإضافة إلى “الميلشيات الانفصالية” لأن هذا النوع من التفخيخ والسيارات المفخخة التي بدأت تضرب المنطقة، لم يظهر إلا بعد معركة “غصن الزيتون” وقبيل تحرير مدينة “عفرين”.

ضبط الأمن يتم من خلال عدة أمور

وبحسب محللين عسكريين وعناصر من الشرطة الحرة ونشطاء إعلامين من منطقة درع الفرات، فإن ضبط الأمن والحد من الخروقات الأمنية، يتم من خلال عدة نقاط، أهمها منع انتشار السلاح، وتشكيل قوة أمنية من ذوي الخبرة، يضاف إلى ذلك ضرورة تعاون الأهالي مع الجهات المختصة لإنجاح الأمر.

العقيد “محمد الأحمد” قال: إن المطلوب هو استلام الأمور الأمنية من قبل ضباط أمن مختصين بحفظ الأمن، وتشكيل قوة أمنية حقيقية ضمن معايير معتبرة، وأضاف أن هناك عناصر أمن أعمارهم كبيرة جداً وهناك عناصر “جهلة” لا يدركون مهمتهم الصحيحة، فيستهتر ولا يهتم إلا بنفسه.

وتابع: الأهم من كل ما سبق أن تكون “درع الفرات” وهي منطقة صغيرة محكومة عسكرياً وأمنياً من جهة واحدة فقط، وأي خرق أو تقصير يتم تتم المسائلة، لكن في ظل هذا التشرذم سيظل الوضع كما هو عليه هذا إذا لم يزداد سوءاً، على حد تعبيره.

بينما قال “نصّار”: إن هناك الكثير من المشاريع التي تم اقتراحها وتقديمها للمجلس المحلي والشرطة الحرة، الأول تشكيل “مديرية مواصلات” لكامل منطقة درع الفرات، والهدف منها وضع لوحات خاصة للسيارات والدراجات النارية، وبهذه الطريقة نحاول ضبط أو تقليل أو تصعيب الأمر على من يحاول اللجوء إلى الدراجات النارية والسيارات المفخخة.

والثاني: “تركيب كاميرات مراقبة” في الشوارع الرئيسة، وهنا لا بد للأهالي أن يساهموا بالأمر من خلال وضع كاميرات لمراقبة المنطقة إن كان على أبواب متاجرهم الكبيرة أو في الأماكن العامة.

في حين رأى النقيب “أبو عزيز” من شرطة جرابلس الحرة، أن المطلوب لضبط الأمن هو إيجاد خطط أمنية محكمة من قبل مختصين بهذا المجال، وعدم التهاون من قبل القضاء في حكم أي شخص يعبث بأمن وأمان المنطقة.

أما الناشط الإعلامي “أحمد الحمصي” فقال: إن نزع السلاح من بين أيدي المدنيين، ومنع إطلاق النار العشوائي، والعمل على إصدار بطاقات شخصية للمواطنين وبطاقات شخصية للعسكرية، بالإضافة لوضع لوحات رقمية لسيارات، ووضع كاميرات مراقبة في المدينة، والتدقيق على السيارات الخارجة والداخلة، وتكثيف الحواجز والعناصر العسكرية المتدربة، يضاف إلى ذلك كله خروج دوريات عسكرية ليلية لضبط الأمن والأمان في المنطقة، وخروج دوريات عسكرية للحد من انتشار السلاح في المدينة، من أهم العوامل والإجراءات اللازمة لضبط الأمن والاستقرار في عموم منطقة “درع الفرات”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل