قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة، الذين فرّوا من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها بعد الحرب الدوليّة التي شُنّت عليهم، لجؤوا إلى الصحراء، وهم يستعدّون الآن لبدء صفحة جديدة من الهجمات في العراق وسوريا.
وبيّنت الصحيفة في تحقيق استقصائي أن مقاتلي التنظيم يتّبعون استراتيجية جديدة معتمدين فيها على أسلحة وذخائر مخبّأة.
وبات التنظيم بـ”لا مركزيّة” أكبر، ويعتمد أسلوب الهجمات المباغتة مستغلاً الظروف في العراق وسوريا، ونجح في خلق خلايا نائمة تابعة له، كما أن لديه مجموعة كبيرة من الأنفاق في الصحراء الشاسعة التي تمتدّ بين البلدين.
هذا الأمر، كما تقول الصحيفة، سيعقّد مهمّة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي أعلن عن رغبته بسحب قوات بلاده، رغم رفض وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إعطاء وقت محدَّد لسحب تلك القوات، التي يبلغ عددها 2000 جندي في سوريا.
وبحسب وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، فإن الحملة العسكرية في سوريا مستمرّة، وإن اقتراح ترامب بأن تحلّ قوات عربية محلّ الأمريكية لا يحقّق سوى تقدّم بطيء.
وتقول الصحيفة: إن “تنظيم داعش لديه القدرة على الصمود بسبب تضارب الأولويات بين العديد من القوات المحلية والأجنبية في سوريا، فإيران تقوم بدوريات في أجزاء من الصحراء السورية حيث يوجد عناصر التنظيم، بينما تنفّذ روسيا غارات جوية، وكلاهما منشغل بمحاربة جماعات سورية أخرى لضمان بقاء النظام السوري”، وفق ترجمة “الخليج أونلاين”.
وفي وقت سابق من هذا العام، انسحبت المليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة من الحملة المناوئة لتنظيم “داعش”؛ بعد أن عبرت القوات التركية الحدود في يناير ، واستولت على أجزاء من شمالي سوريا كانت تحتلّها المليشيات الكردية.
ويقول كريستوفر فيلبس، الخبير في الشأن السوري بمعهد تشاتام هاوس: إن “أولويّة قتال تنظيم داعش هي أمريكية فقط (..) سابقاً كان الاعتقاد أن مقاتلي التنظيم يوجدون في منطقة شرق الفرات على طول الحدود العراقية السورية، ولكن يبدو أن مقاتلي التنظيم لهم وجود آخر في غرب النهر، وهي منطقة تقع خارج سيطرة قوات التحالف الدولي بحسب الاتفاق الموقَّع مع روسيا”.
وشنّ التنظيم مؤخّراً هجمات استهدفت مقاتلي المعارضة السورية، ومن ضمنهم الفصائل المدعومة من قبل الولايات المتحدة (قوات سوريا الديمقراطية)، كما وقع أول هجوم في الرقة التي تمّت السيطرة عليها وطرد مقاتلي التنظيم منها.
وخلال الأسبوع الماضي، انفجرت عبوة ناسفة في دورية تابعة للقوات الأمريكية على طريق دير الزور بسوريا، وأعلن الجيش الأمريكي حينها عدم وقوع إصابات، في حين أعلن تنظيم الدولة مسؤوليّته عن هذا الهجوم.
وقتل مسلّحو التنظيم العشرات من القوات الإيرانية في هجمات على مواقعهم بدير الزور، الشهر الماضي، وبحسب الوكالات الإيرانية فإن من بين قتلى مقاتلين من العراق وحزب الله اللبناني، وقائداً واحداً على الأقلّ من الحرس الثوري الإيراني.
وفي شمال العراق، شنّ التنظيم سلسلة من الهجمات، من بينها اختطاف رعاة ونصب كمائن، وقتل سائقي شاحنات ينتمون إلى قبائل موالية للحكومة، وخلال الأسبوع الماضي عُثر على جثث عدد من الذين اختطفهم التنظيم.
وعبّر مسؤولون عسكريون أمريكيون عن خشيتهم من عودة تنظيم الدولة؛ لأن المكاسب التي حقّقها خلال الشهرين الماضين، وخاصة في مناطق الصحراء، تشير إلى ذلك.
وبحسب المسؤولين الأمريكيين فإن القلق الأكبر يتمثّل في الاختلاف بين القوات المقاتلة بسوريا والمدعومة من قبل أمريكا؛ فالنظام السوري يسعى من جهته إلى تقويض الثقة بتلك الفصائل من خلال بذر الشقاق بينها وبين السكان المحليين الذين يعودون إلى أماكن تمت استعادتها من قبضة التنظيم؛ مثل الرقة.
ويحذّر المحللون أيضاً من أي تخفيض للقوات الأمريكية؛ لأن ذلك سيعني ببساطة عودة مقاتلي الدولة.
Sorry Comments are closed