عقب اتفاق شرقي درعا.. ما مصير باقي الجنوب؟

فريق التحرير10 يوليو 2018آخر تحديث :

أحمد زكريا – حرية برس

ماتزال الأوضاع الميدانية والإنسانية في عموم المنطقة الجنوبية على صفيح ساخن، خاصةً فيما يتعلق بخرق الطرف الروسي للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع فصائل المعارضة بريف درعا الشرقي مؤخراً، ما أتاح المجال لقوات الأسد للتقدم والسيطرة على معبر نصيب وعدة مدن وبلدات أخرى.

في مقابل ذلك، تتجه أنظار روسيا وقوات الأسد وميلشياتها المساندة صوب ريفي درعا الغربي والشمالي وريف القنيطرة، نظراً للأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها تلك المناطق، يضاف إلى ذلك وقوعها على مقربة من الحدود مع الجولان المحتل، إلا أن فصائل المعارضة ترفض التوصل لأي اتفاق تسوية مع الروس نظراً لما يشهده ريف درعا الشرقي من تطورات لصالح نظام الأسد المدعوم من روسيا.

لا ثقة بـ”الضامن” الروسي

وتحدث عدد من القادة العسكريين والنشطاء الميدانيين من أبناء المنطقة الجنوبية، عن الأسباب التي تقف وراء عدم توصل الفصائل المقاتلة بريفي درعا الغربي والشمالي ووريف القنيطرة لأي تفاهم مع الطرف الروسي، مشيرين إلى انعدام الثقة بروسيا التي تستمر بدعم رأس النظام بشار الأسد.

“جمال شرف” القيادي في “غرفة عمليات واعتصموا” التابعة للجيش السوري الحر قال لحرية برس: إن سبب رفض الفصائل بريف درعا الغربي للتسوية مع الروس، هو عدم وجود ثقة بالضامن الروسي الذي نعتبره عدواً وليس طرفاً ضامنا.

وأضاف: سبق وأن تعرفنا على هدنهم في الغوطة الشرقية والقلمون، وفي أغلب المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، واليوم نفس السيناريو في المنطقة الجنوبية، ورأينا أيضاً  ماذا حصل في القرى الشرقية وكيف تنصل الروس من تعهداتهم التي قطعوها على أنفسهم وكان الأمر عدم دخول النظام والميلشيات الإيرانية إلى المناطق المحررة وخصوصاً المدن والقرى.

وتابع “شرف” قائلاً: اليوم نرى الجيش الروسي وجيش الأسد والميلشيات الأجنبية في كل المناطق يعيثون بالأرض فساداً، من تنكيل وسرقة وتعفيش وحرق منازل واقتياد بعض الأشخاص لأماكن مجهولة، فلم يترك لنا النظام والروس أي خيار إلا المقاومة حتى الموت، وخيارنا اليوم هو المقاومة وغير ذلك لم يتركوا لنا أي خيارات، فهم يريدون منّا أن نخضع لشروط مذلة ومهينة للجنوب بالكامل.

 وشددّ “شرف” على أن الفصائل العاملة في الريف الغربي والقنيطرة وريفها، تحتاج إلى ضامن أممي ودّولي، مؤكداً أنهم “ضد الحرب وأعلنوها مراراً وتكراراً، وقال: لا نريد تصعيد ولا نريد الحرب، ولكن إذا فرضت علينا فلا حول ولا قوة الا بالله”.

وأضاف “نحتاج إلى ضامن أممي ودولي، ولكن للأسف فالمنظمات الحقوقية كلها تخلت عن مسؤولياتها تجاه الشعب السوري من مجلس الأمن إلى الأمم المتحدة إلى منظمات حقوق الانسان، فلم يبقى لدينا إلا أن نحمل سلاحنا ونقاوم وهذا ما تعاهدنا عليه في جيش الجنوب إلى أن تتحقق مطالبنا العادلة والمشروعة إن شاء الله”.

فشل الاتفاق في ريف درعا الشرقي انعكس على غربيّ المحافظة

وعلى النقيض مما كان متوقعاً عقب اتفاق فصائل ريف درعا الشرقي مع الروس، فقد واصلت قوات الأسد تقدمها وخروقاتها وحصارها للمناطق الخارجة عن سيطرتها، يضاف إلى ذلك عدم خروجها من المدن والبلدات الأربع التي كان من المفترض ووفق الاتفاق أن تنسحب منها من أجل عودة النازحين إليها وهي بلدات ” الجيزة، والسهوة، والمسيفرة، وكحيل”.

تلك التطورات دفعت بفصائل ريف درعا الغربي للتريث وعدم اتخاذ أيّ خطوة تتعلق بدخولها بأيّ مفاوضات مع الجانب الروسي.

وفي هذا الصدد أوضح “ أبو ليث الحوراني” المسؤول الاعلامي في غرفة عمليات واعتصموا في حديثه لحرية برس: بأن “موضوع دخول المفاوضات مع الروس كان مطروحاً بالنسبة لفصائل ريف درعا الغربي والقنيطرة، ولكن عندما بدء موضوع المفاوضات والهدن والاتفاقيات  في ريف درعا الشرقي وعلى اعتبارنا جزء من درعا، ارتأينا أنه اذا كانت المفاوضات صحيحة وضامنه فإنه لا مشكلة لدينا وسنفتح باب التفاوض فانتظرنا المشهد في الريف الشرقي، وحينما رأينا أن الريف الشرقي لم يتم فيه تطبيق لو أدنى البنود التي تم التوافق عليها ضمن المفاوضات فهنا أصبح لدينا تردد”.

وأضاف “لذلك وجدنا أنه من الضروري التمهل وعدم فتح باب التفاوض مع الجانب الروسي، ولما رأينا المشهد ككل في الريف الشرقي تعززت لدينا الفكرة برفض موضوع التفاوض بالشروط التي تمت في الريف الشرقي، كما تم طرح أنه إذا قبل الريف الغربي بالتفاوض فسيكون بنفس الشروط التي تمت بريف درعا الشرقي”.

وأشار، إلى أنه وفي حال فتح باب التفاوض للجبهة الغربية، فسيتم تشكيل لجنة مؤلفة من حقوقيين وسياسيين مطلعين وقادرين على المناورات، لوضع الشروط التي تتناسب مع ريف درعا الغربي والقنيطرة وريفها.

تفاوض بشرط عدم تسليم السلاح

الرائد “قاسم نجم” قائد تحالف الجنوب، قال في تصريح خاص لحرية برس: إنه لم يتم رفض عقد أيّ تسوية مع الروس ولكن بشرط ألا يتم تسليم السلاح الثقيل، وعدم دخول الجيش والأمن للمنطقة المذكورة، وذلك لضمان حماية الأهالي كونه لا يوجد ثقة لا بالنظام ولا بالضامن الروسي.

وفي رد منه على سؤال حول السيناريوهات المتوقعة في ظل تلك الأحداث المتسارعة قال “نجم”: لا أتوقع السيناريوهات أن تكون أقلّ من الخطورة والدمار الذي حصل ببعض قرى وبلدات المنطقة الشرقية.

ووافقه بالرأي الناشط الإعلامي “معاذ الأسعد” الذي رأى بأن فصائل الجبهة الغربية تعرف من هو الجانب الروسي الذي لا يعمل كضامن بل يعمل دائما كحلف لنظام الأسد، وأضاف قائلاً “للأسف تسليم المناطق من قبل فصائل ريف درعا الشرقي تمّ تحت النار في مفاوضات “بصرى الشام” وكانوا مهددين إنه لم توقعوا سوف نقتلكم، مرجعًا الأمر إلى أنه حاصلٌ نتيجة اتفاق دّولي مجهز مسبقا للمنطقة كلها”.

وأشار، إلى أن الفصائل الرافضة للتسوية ستحاصر لفترة ما، ومن ثم ستدخل الوساطات والوجهاء والعشائرية إلى أن تقبل بالمصالحة والمهادنة، على حد تعبيره.

 الهدف من تشكيل “جيش الجنوب”

وعقبَ الاتفاق الذي عقد بين فصائل جبهة ريف درعا الشرقي والطرف الروسي، أعلنت عدد من الفصائل وغرف العمليات العسكرية التابعة للجيش السوري الحر في ريفي درعا الغربي والشمالي والقنيطرة، يوم (السبت 7 تموز/ يوليو الحالي)، عن تشكيل “جيش الجنوب” بهدف رصّ الصفوف والوقوف في وجه أيّ خطط روسية ومن قوات الأسد يتم تحضيرها لتلك المناطق.

وقال “جمال شرف” القياديّ في “غرفة عمليات واعتصموا” إن الهدف من تشكيل جيش الجنوب هو توحيد الرؤى سياسياً وعسكرياً ورصّ الصفوف، “لذا رأينا أنه من الضروري ان يكون لنا هذا الجسم الحالي للقرى والمدن التي تعارض هذه التسويات المذّلة”.

وأضاف “نحن لا نستطيع أن نضغط على الروس وليس لدينا أوراق ضغط عليهم سوى تشبثنا بالأرض والدفاع عن النفس وتشبثنا بسلاحنا الخفيف أو المتوسط أو الفردي إلى آخر رمق”.

في حين أوضح الرائد “قاسم نجم” قائد تحالف الجنوب، بأن الهدف الأول للجيش هو المقاومة في حال لم تتحقق المطالب، والهدف الثاني والأهم هو لمنع استفراد الروس بالقرى كل قرية على حدى للتفاوض كما حصل في باقي المناطق.

فيما رأى الناشط الإعلامي “معاذ الأسعد” أن جيش الجنوب هدفه توحد الفصائل جميعها في ريفي درعا الشمالي والغربي من أجل مفاوضة الروس على شيء جاهز للمنطقة، التي باتت خطر بالنسبة لكثير من الناشطين والإعلامين.

صفقة دّولية .. وتكرارٌ لسيناريو “بيت جنّ” غربي دمشق

ووصف مراقبون ما يجري في عموم المنطقة الجنوبية حالياً هو “صّفقة دّولية” بطلتها “روسيا” بتوافق أمريكي أردني إسرائيلي، على أن يكون الجنوب من حصة روسيا والنظام مقابل إبعاد شبح إيران من المنطقة.

وقال الناشط الميداني” أبو المجد” لحرية برس: على ما يبدو أن هناك تفاهماً دّولياً، بمعنى أن المنطقة الشرقية لدرعا بالإضافة لجزء من غرب درعا الذي هو الحدود الأردنية فسيتم باتفاق بين المعارضة والروس برعاية أردنية، بينما الجزء الآخر الذي هو “الجيدور والقنيطرة” فإنه سيكون بالتفاهم بين الروس والمعارضة برعاية إسرائيلية.

وكشف “أبو المجد” عن معلومات تتحدث بأن إسرائيل أرسلت تطمينات لفصائل “الجيدور والقنيطرة” بأن أيّ اتفاق سيتم بالفترة القادمة مع الروس فإنه سيكون بضمانات ورعاية إسرائيلية، ورجحّ أن يكون السيناريو القادم مشابهاً للاتفاق الذي حصل بمنطقة “بيت جنّ” بريف دمشق الغربي، أي يسمح بدخول قوات الأسد بعتاد خفيف باتجاه المناطق التي تحددها “إسرائيل” وتبقى قوات المعارضة بالمناطق المسيطرة عليها بسلاحها الخفيف، مقابل عودة “قوات الإندوف” لنقاطها على الحدود مع الجولان، على حد قوله.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل