الثروة الحيوانية في مدينة الحولة.. واقع صعب وتحديات لا تنتهي

فريق التحرير9 يونيو 2016آخر تحديث :

اغنام

* بسام الرحال – حمص – حرية برس:

تعتبر مدينة الحولة منطقة زراعية ويعتمد السكان فيها على تربية الماشية بالدرجة الأولى، إلا أن نظام الأسد ومنذ اندلاع الثورة السورية عمد الى تخريب كل المقومات الاقتصادية للمناطق المحررة الزراعية والحيوانية منها؛ كعقاب جماعي لسكان هذه المناطق بسبب الخروج عن حكمه.

هذه الإجراءات العقابية أدت الى تدهور كبير بهذه الثروة المهمة؛ فحسب الإحصائيات كانت مزارعو مدينة الحولة قبل اندلاع الثورة يربون حوالي (15 ألف) رأس من الأبقار، في حين لا يتجاوز عددها اليوم الــ (2000) رأس؛ ولا جدال أن الثروة الحيوانية تدعم اقتصاد أي منطقة فضلا عن دورها الأساس في تلبية نسبة من حاجات السكان المتنامية للغذاء وخاصة في المناطق التي تخضع لحصار مستمر وخانق، حيث يشير المتخصصون بالشأن الزراعي وعلم التغذية الى حاجة الفرد اليومية لنحو (70) غراماً من البروتين الذي تعود أغلب مصادره الى مصادر حيوانية مثل اللحوم والحليب والبيض وهذا ما بدأت مدينة الحولة تفقده يوما بعد يوم.

وعلى الرغمِ من غنى الثروة الحيوانية بمدينة الحولة فيما مضى، فإنها تعرضت إلى التراجع نتيجة عوامل عديدة، أفضت إلى تناقص مواردها بشكل لافت للانتباه، ولعل في مقدمة العوامل التي ساهمت في تراجعها، عدم توفر الأعلاف وارتفاع أسعارها إن وجدت، ويحدثنا “ابو عبد الله” احد مربي الأبقار في مدينة الحولة قائلا : “إن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الأعلاف هو تراجع كمية إنتاج الحبوب في المناطق الشرقية و قلة الأمطار وتعرض بعض الأراضي الزراعية للحرق و نزوح المزارعين بسبب وقوع أراضيهم في مناطق الاشتباكات، بالإضافة لتكلفة شحنها و نقلها إلى التجار و المزارعين، وقيام بعض المربين ببيع ما عندهم من الأبقار خشية أن تهلك من البراميل المتفجرة التي يلقيها طيران النظام يوميا على المنطقة”.

ويضيف “ابو عبد الله” قائلا : “أثر ارتفاع أسعار الأعلاف المتكرر سلبا على الثروة الحيوانية في مدينة الحولة وأدى الى تناقص أعدادها بنسبة 80%، حيث كان المزارعون سابقا يعتمدون على الخبز اليابس كمصدر للأعلاف لكن مع تفاقم الأزمة السورية وارتفاع سعر الخبز وخصوصا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لم يعد المزارع يستطيع شراءه وخاصة بعد اقتصاد السكان في شراء خبزهم”.

يتوفر في مدينة الحولة عرق نقي ومتميز من الأبقار هو البقر الهولندي، كما يقول “مروان” احد المربين لهذا النوع من الأبقار، ويضيف مروان: “لهذا النوع من الأبقار صفات انتاجية جيدة وخاصة فيما يتعلق باللحم والحليب، ولكن عدم توفر سوق تصريف للمنتجات الحيوانية وتقلص مساحات المراعي الطبيعة نتيجة القصف المستمر من قوات النظام وتراجع الإقبال على شرائها من قبل التجار اللحوم لاسيما بعد إصابة بعضها بالأمراض بسبب نقص الأدوية واللقاحات اللازمة لها، هذا كله أدى الى عزوف الكثير من مربي المواشي و الأبقار عن تربيتها”.

ويتابع “مروان” قائلا : “كنت املك مزرعة صغيرة وفيها عشرة رؤوس من الأبقار ذات الصنف الجيد، أقوم بحلبها يوميا، آخد حاجتي من الحليب لآسرتي وأبيع الباقي، وكنت أبيع بعضا منها لتجار اللحوم وأحقق ربحا وفيرا، لكن مؤخرا تراجع الطلب على اللحوم بعد أن أصبح تناولها من الرفاهيات لارتفاع سعرها حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى (2400 ل.س)، ودخول اللحوم المجمدة والدجاج التركي على السوق وبأسعار متدنية بسعر (1100) ليرة للكيلو الواحد، حيث ساهم هذا بتوقفي عن تربية المواشي و اضطررت لبيعها و العمل بمجال آخر أكثر ربحا”.

ومع انتشار الجمعيات الخيرية في مدينة الحولة والقيام بحملات اغاثية وتوزيع معونات على الفقراء وخاصة في موسم الحج وعيد الأضحى المبارك فتنشط هذه الجمعيات بحملات أضاحي العيد حيث تقوم بشراء عدد كبير من الرؤوس وذبحها وتوزيعها، ما يؤدي بشكل أو بأخر الى تناقص أعدادها .

يقول “عادل ابو محمد” مدير جمعية آلاء الخيرية العاملة في الحولة: “هنالك الكثير ممن لايستطيع شراء اللحوم لاسرته بسبب تدني الدخل لمعظم سكان المدينة، فنقوم نحن بدورنا بحملات على شبكة التواصل الاجتماعي مستغلين بعض المناسبات الدينية وذلك لتحصيل بعض المبالغ المادية من أهل الخير، التي نقوم بعدها بشراء عدد من الماشية (أغنام – أبقار) حيث يتم ذبحها وتوزيعها على المحتاجين والمستحقين من السكان”.

ويوضح “أبو محمد” قائلا : “مما لا شك فيه أن هذه الحملات تنقص من أعداد القطيع في مدينة الحولة ما يؤدي الى تدهور في هذه الثروة لكن نحن مضطرين إلى فعل ذلك، تنفيذا لشروط المتبرعين الذين يرسلون الأموال لتمويل هذه المحلات من جهة، و عدم توفر بديل عن ذبح الماشية وخاصة في المناسبات الدينية من جهة أخرى”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل