الأسياد يأمرون و “النخب” تستجيب

بسام الرحال26 يونيو 2018آخر تحديث :
الأسياد يأمرون و “النخب” تستجيب

لم تستطع النخب السورية المعارضة في أغلبها، سواء كانت ثقافية أو سياسية أو عسكرية ومن باب أولى مجتمعية إدراك طبيعة التحالفات والتدافعات الدولية والإقليمية التي يتم عقدها على أرضها ودون أي اعتبار لمصالحها الوطنية والإنسانية والإجتماعية، والتي لم يكن لتلك النخب فيها أي دور إلا أدواراً تنفيذية بحتة كأدوات ساذجة وسطحية لهذه الدولة أو تلك أو لهذا الجهاز أو ذاك.

ويبدو ذلك واضحاً وجلياً عبر التفاهمات والترتيبات الاستخباراتية المبهمة في شمال البلاد وجنوبها، التي لا تبدو فيها الأطراف السورية على مختلف توجهاتها وإيديولوجياتها أطرافاً فاعلة بل شتات جماعات متناحرة ومتقاتلة حسب الولاء والمنفعة، فتراها أطرافاً منفعلة تنفذ مصالح عابرة للحدود ولا يكون لمحنة الشعب السوري أي دور سواء كان أساسياً أو ثانوياً، ولعل التفاهم التركي الأمريكي الذي جرى مؤخراً في مدينة منبج ضمن هذا السياق.

قد أتفهم هواجس الأتراك القلقين على أمنهم القومي وضرورة تأمين حزام أمني يحمي حدودهم ولو كان على أرض الغير، ما دامت هذه الأرض داشرة وغير محمية ولا تخضع لسيادة دولة وطنية قوية تذود عنها و لاتدافع عن مصالح الأغراب وتضع في أولوياتها مصالح شعبها وأمنه الوطني، ولكن كان ينبغي على تركيا أن تحصل أولاً على تفويض لا لبس فيه من مؤسسات قانونية وسياسية حقيقية ومقبولة لدى سكان تلك المناطق من خلال المساعدة عبر نفوذها القوي في الشمال السوري على تأسيس بيئة سياسية واجتماعية وعسكرية جامعة ما أمكن ذلك، ليصبح تدخلها شرعياً ومحدداً وخاضعاً لتفاهمات وبروتوكولات مكتوبة.

كذلك التفاهم الذي أنجزه النظام المجرم مع بعض حلفائه ومكنه من الاستفادة من نفوذ وقوة هؤلاء الحلفاء وجيره لمصالحه في استرجاع ما خسره من أراضٍ، وإن كانت تلك المعاهدات المعقودة من طرفه تفتقد إلى الشرعية القانونية اللازمة لرفض أغلب الشعب لعقدها وأطرافها الذين يعملون على تحقيق مصالح خاصة بهم سياسية واقتصادية وثقافية.

ولابد لأي اتفاق ناجح ومقبول أن يكون نابعاً من إرادة السكان عبر مؤسساتهم المنتخبة، لا من خلال قادة المجموعات السياسية والعسكرية والمليشيات غير المنضبطة والتي تعطي ولاءها لمن يحقق لها مصالحها، وما لم يمكن تبريره أو إيجاد المسوغ السياسي والأخلاقي له هو الطرف الآخر لاتفاق منبج وهم الأمريكان، فنحن لسنا على حدودهم ولا نهدد أمنهم القومي ولا نشكل خطراً على مواطني الولايات المتحدة بأية حال.

ولا يأتي تدخل واشنطن هنا من خلال دعمها لمليشيات تتوق للإنفصال عن سوريا، إلا في إطار إدارة التوازنات الدولية وتحقيق مصالح الولايات المتحدة الخاصة والمكاسب الاستراتيجية لها في بلدنا وعموم الاقليم، والتي لا تمت بصلة لا من بعيد ولا من قريب لسوريا وشعبها والتي يمكن أن يكون من ضمن أهدافها إحداث شرخٍ عامودي في وحدة السوريين على اختلاف توجهاتهم وقومياتهم.

وما ينبغي عمله بالنسبة لنا كسوريين أحرار نعيش في مناطق استرجعناها بدمائنا ومستقبل أهلنا من نظام الفساد والإفساد، هو العمل على تأسيس مؤسسات وطنية سياسية وتشريعية وقانونية جامعة يكون لها وحدها حق الحفاظ على مكاسب الثورة وشعبها وأرضها، بالإضافة لعدم التفريط بأي حال وتحت أي ظرف بأي حق تاريخي أو مكتسب حافظ عليه السوريون لمئات السنوات بجهدهم ودمائهم.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل