أحمد زكريا – حرية برس
تفيد الأنباء الواردة من ريف دير الزور الشرقي، عن افتتاح “المليشيات الإيرانية”، قبل عدة أيام، مكاتب خاصة بها في عدة مدن وبلدات، بغية تنسيب وتجنيد أبناء تلك المنطقة للقتال في صفوفها، بعد إغرائهم بالمال واستغلال حاجتهم وضعفهم، وفق ما ذكرت مصادر محلية.
البوكمال نقطة التمركز الأكبر للمليشيات
الناشط الإعلامي “علي سليمان” قال في تصريح لحرية برس: إنه ومنذ ستة أشهر وحتى اليوم، بدأت عمليات تنسيب أبناء مدينتي البوكمال والميادين وأريافها إلى مكاتب تلك الميلشيات، كون هناك عائلات عادت لتلك المدن وقامت بتسوية أوضاعها، مرجعاً سبب انتساب الشباب لتلك المكاتب لقلة فرص العمل، مشيراً إلى أن تلك المكاتب بدأت باستغلال حاجة الشبان واغرائهم برواتب مالية قد تصل إلى 50 ألف ليرة سورية أو أكثر بشكل شهري للشخص الواحد.
وأضاف سليمان أن المكاتب التي تم افتتاحها في ريف دير الزور الشرقي تتبع لميلشيات “فاطميون، الحشد الشعبي العراقي، حركة النجباء، وكتائب الامام علي” وتلك المليشيات جميعها تتمركز في مدينة البوكمال، في حين أن مليشيا “لواء القدس” تتمركز في مدينة “الميادين” بينما تتمركز في قرية “حطلة” بالريف ذاته ميليشيا “لواء الباقر” والتي يتزعمها المدعو “نواف البشير”، مؤكداً أن جميع تلك المليشيات تتلقى دعماً مالياً وعسكرياً من إيران.
ولفت “سليمان” الانتباه، إلى أن مدينة “البوكمال” تعد مركز الثقل الأكبر لتلك المليشيات كونها مدينة كبيرة، كما يلاحظ سيطرة المليشيات الإيرانية والحشد الشعبي الايراني فيها على القرار السياسي والعسكري، في ظل غياب أي تواجد لعناصر جيش الأسد، باستثناء بعض العناصر التي لا سلطة لها على المشاركة أو اتخاذ أي قرار.
أعداد المنتسبين في تزايد
وبحسب مصادر لحرية برس، فإن مليشيا “لواء القدس” اتخذت من نقاط بالقرب من مشفى “الطب الحديث” ومشفى “عائشة” مراكز لها، وافتتحت مكاتب للتنسيب إلى صفوفها من أبناء مدينة الميادين.
وكان مركز “نورس للدراسات” نشر عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: إن “مليشيا لواء القدس افتتحت الاسبوع الماضي، مكتب انتساب في المدينة جانب المصرف التجاري، مستغلة الحالة المادية السيئة للأهالي، لتجنيدهم في صفوفها براتب يصل الى 150 دولاراً شهرياً، ووصل عدد المنتسبين إلى العشرات من أبناء منطقة الميادين”.
وفي السياق ذاته، قدر “سليمان” أعداد المنتسبين إلى ميلشيا “لواء القدس” بحدود 160 شخصاً من أبناء مدينة الميادين، يقابلهم أعداد كبيرة التحقت بصفوف مليشيا “النجباء” في مدينة البوكمال، كما أن مليشيا “لواء الباقر” المتمركزة في قرية “حطلة” تمكنت من ضم عدد من الشباب إلى صفوفها.
مليشيات هدفها السيطرة والنفوذ
المليشيات الإيرانية ومنذ بدء المعارك على محافظة دير الزور في أب من العام 2017، واتباع سياسة الأرض المحروقة من قبل النظام وميلشيات تابعة له وبدء دخول مدينة دير الزور والمدن الأخرى متل “الميادين والبوكمال”، عمدت إلى أن يكون لها دور أساسي في المحافظة، نظراً للأهمية الاستراتيجية للمحافظة، وبالتالي تعمد لأن يكون لها دور أساسي فيما يتعلق بالأمور العسكرية والسيطرة على المحافظة عسكرياً وبسط النفوذ على محافظة دير الزور.
جلال الحمد، مدير “منظمة العدالة من أجل الحياة” أوضح لحرية برس، أن “المليشيات الإيرانية والمجموعات المدعومة من إيران، تسعى لأن يكون لها النفوذ الأقوى في هذه المحافظة، امتداداً من مدينة دير الزور وحتى الحدود السورية العراقية أي في مدينة البوكمال”، لافتاً إلى التواجد الملحوظ وبقوة لميليشيا “حزب الله” إضافة لميلشيا “فاطميون” وغيرها من المليشيات.
وأضاف، أن تلك المليشيات تقوم بإنشاء مكاتب لها وتعيين أشخاص في مكاتبها يدعون الناس للانتساب إليهم والقتال لجانبهم، ويستغلون شيئين أساسيين: أولاً حاجة الناس إلى المال كونهم يقدمون رواتب شهرية وحصصاً غذائيةً للمنتسبين، نظراً لأن المساعدات باتت كثيرة في دير الزور بعد فك الحصار، وثانياً فإن الشاب المطلوب للخدمة الإلزامية يستطيع من خلال انتسابه لتلك المليشيات أن يتخلص من ملاحقة قوات الأسد وتنسيبه لجيش النظام، فباعتقاد شباب تلك المناطق أن التواجد إلى جانب تلك المليشيات أفضل من التواجد في جيش الأسد، الذي قد يرسلهم للجنوب السوري أو الى مناطق أخرى ساخنة ويزج بهم في المعارك.
مليشيا بغطاء انساني
يقول “الحمد” إن هناك العديد من المليشيات التي مرجعيتها قيادات إيرانية أو ضباط إيرانيون، ولا يمكن إحصاء أعداد تلك الميليشات، ليس لكثرة عددها كون هناك مليشيات ليس لها من حيث الظاهر ما يشير إلى أن مرجعيتها أو قيادتها إيرانية، إلا أنه ومع الوقت تكتشف من خلال التعامل أو الاحتكاك بعناصرهم أن مرجعيتها أو قيادتها أو تمويلها إيراني.
من ناحية أخرى وعلى سبيل المثال، بحسب “الحمد”، فإن الحرس الثوري الإيراني يتواجد على شكل مجموعة عسكرية بنحو 250 عنصراً، ولكنه بالمقابل يتواجد على شكل جمعيات إنسانية تقوم بتقديم المساعدات، وبالتالي قد يكون هناك مجموعات توجد ليس بالشكل الصريح لها وإنما على شكل مجموعات أخرى، كما هو الحال بالنسبة للحرس الثوري الإيراني.
وأضاف، أنه وعلى سبيل المثال أيضاً، فإن ميليشيا “الدفاع الوطني” في دير الزور، وجهت لعناصرها كلاماً شفهياً على أن من يريد أن يبقى ضمن ميليشيا الدفاع الوطني يجب أن يوقع عقداً مع ميليشيا “حزب الله” لأنها هي من سيدفع الرواتب ومن لا يريد عليه أن يرجع لمنزله، وبالتالي هناك استغلال للحاجة المادية، ومن هنا يتبين أن “حزب الله” تغلغل في تلك الميلشيا وأصبح له تواجد واضح ولكن بشكل آخر في دير الزور، الأمر الذي يجعل من عملية إحصاء المكاتب التابعة للميلشيات الإيرانية عملية لا يمكن إنجازها.
ذراعٌ عسكرية لإيران
وحذرَ مراقبون ومحللون من خطورة ما تسعى إليه إيران في منطقة دير الزور وريفها، مشيرين إلى الأهداف القريبة والبعيدة لتلك المليشيات ومن أبرزها إشعال الحروب الطائفية وتمزيق النسيج المجتمعي.
وفي هذا الصدد قال الإعلامي والحقوقي “ماجد الخطيب” لحرية برس: إن إيران ومنذ أيام رأس النظام الأكبر “حافظ الأسد” سعت إلى تشييع تلك المناطق وبذلت المال في سبيل تحقيق ذلك، والبوم تحاول تجنيد هؤلاء للقتال تحت مظلتها وبذلك تكون إيران، وهي النقطة المهمة، امتلكت ولأول مرة أو على الأقل ستمتلك ذراعاً عسكرياً تنفيذياً محلياً من أبناء المنطقة.
ورأى “الخطيب” أن إيران تريد أن تنشئ مليشيات ممولة إيرانياً ومن أبناء البلد والمنطقة، كما فعلت على سبيل المثال مع “الحوثي” في اليمن، محذراً من خطورة الأمر لأنه يندرج في سياسة إيران في سوريا، والرامية إلى إشعال مزيد من الحروب الطائفية وتمزيق النسيج المجتمعي، وهي تستفيد كذلك بامتلاكها ذراعاً عسكرياً يمكنها من إجراء المفاوضات بقوة، وبالتالي ستكون حاضرة ولها كلمتها في الميدان السياسي كما العسكري.
Sorry Comments are closed