من حق قنوات بي إن سبورت مقاضاة مقرصني بثها لمباريات مونديال روسيا 2018 بعد أن دفعت أموالاً طائلة للحصول على حقوق البث الحصري للمونديال؛ وقد تحولت لعبة كرة القدم من لعبة شعبية يمارسها الهواة في أزقة وحواري الأحياء الشعبية حول العالم إلى تجارة يمارسها كبار رجال الأعمال؛ كما تؤثر وتبرز التدخلات والتحالفات السياسية في مجرياتها.
شعرت المغرب بالغضب بعد أن تم تعفيش ملف تنظيمها لكأس العالم 2026 لصالح الملف الثلاثي الذي قدمته أمريكا والمكسيك وكندا؛ وزاد من مرارة المغرب تصويت دول عربية على رأسها السعودية ضده؛ مما خلق أزمة ديبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين؛ وحدا ذلك بالمغرب للتفكير بإعادة تقييم علاقاتها ضمن الجامعة العربية والمنظومة العربية بعد شعورها بالخذلان.
يعزو كثيرون أسباب فرض الحصار على قطر من ضمن أسباب أخرى نجاحها في الحصول على شرف تنظيم مونديال 2022؛ حيث شعرت دولة الإمارات بالغيظ والغيرة من تنامي الدور والسمعة الدولية لقطر؛ لكن ذلك تحول لعداوة مباشرة وتشكيل تحالف مع السعودية والبحرين ومصر هدفه الأساسي فرض حصار غير مسبوق على قطر مع وجود نية مبيتة لاحتلالها.
ليست المفاعيل السياسية لكرة القدم جديدة فقد وصل دورها في إثارة العداوات لمرحلة نشوب حروب؛ كما الحرب التي حصلت عام 1969 بين سلفادور وهندراوس والمعروفة بحرب كرة القدم والتي جرت على خلفية مباراة التأهل الفاصلة بين البلدين لنهائيات كأس العالم 1970 في المكسيك؛ لكن تلك الحرب كشفت الأسباب العميقة للخلافات بين البلدين.
جرت مشاركة المنتخب السوري في التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا تحت إشراف ورعاية النظام؛ وأثار ذلك معاركاً على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت عمق وتجذر الخلافات بين السوريين؛ بينما استغل المؤيدون ذلك الحدث للترويج للنظام وسياساته بشكل فجّ ورخيص؛ وجد المعارضون أنفسهم في مأزق غريب فرض عليهم تشجيع المنتخبات المنافسة ضد منتخب بلادهم؛ في مقابل ظهور دعوات لاستغلال الفرصة لإحداث تقارب وطني عبر تحييد الرياضة عن السياسة؛ وبالفعل عاد بعض اللاعبين المشهورين من الخارج وشاركوا مع المنتخب لكن مع ندمهم على دعم الثورة سابقاً وتحولهم لتأييد النظام؛ وجرى استغلال المنتخب بشكل فجّ ورخيص خاصة في مشهد استقبال رأس النظام له؛ وكانت أمنيات كثير من السوريين عدم تأهل منتخبهم الوطني في اللحظة الأخيرة عكس المشاعر الوطنية المفترضة؛ وكان ذلك خياراً أفضل لاستيعاب حدة العداء والاحتقان بين السوريين كما أنه يحرم النظام من استغلال فرصة تواجد المنتخب في المونديال الحدث الأكثر متابعة ومشاهدة على مستوى الكرة الأرضية.
يظهر أن دول الحصار القطري هي من قامت بسرقة وتعفيش حقوق نقل مباريات المونديال كون قطر تمتلك وتدير بي إن سبورت الناقل الحصري للمونديال كما تعتبر أكبر سلسلة من القنوات الرياضية حول العالم؛ لكن الغريب أن يجري ذلك بشكل علني وسافر دون الاكتراث بالقوانين والأعراف الدولية في حماية حقوق الملكية وقيام دول وجهات رسمية بتوفير غطاء لذلك.
ترتبط ثقافة الحفاظ على حقوق الملكية بشكل وأنظمة الحكم السائدة؛ ويجري انتهاك تلك الحقوق باستمرار في بلادنا العربية.
يشعر السوريون أكثر من غيرهم بآلام السرقة والتعفيش وقد عانوا عقوداً من تعفيش الدولة بأكملها لصالح طغم عسكرية حاكمة جاءت بانقلابات متتالية أوصلت بشار الأسد في نهاية المطاف لحكم سورية.
تم تدمير بيوت السوريين وتهجيرهم وتعفيش وأملاكهم جهاراً نهاراً؛ كما جرى التآمر على ثورتهم المشروعة بإشراف مونديالي؛ ولن يشعر السوريون بتأنيب الضمير في متابعة مباريات المونديال بأي وسيلة تتوافر لهم ولن يلومهم أحد لو قاموا بذلك؛ ولا ننسى أن ناشطين سوريين سبق أن أطلقوا حملات عديدة لمقاطعة كأس العالم المقامة في روسيا الشريكة في سفك الدم السوري.
عذراً التعليقات مغلقة