ياسر محمد – حرية برس
قال رئيس “هيئة التفاوض” المنبثقة عن مؤتمر “الرياض2″، نصر الحريري، أول أمس الأربعاء، إن اللجنة الدستورية التي ستشكلها الأمم المتحدة من أجل الحل السياسي سوريا، تتكون من النظام والمعارضة والخبراء بنسبة الثلث لكل طرف.
كلام الحريري، جاء في إفطار نظمته هيئة التفاوض في إسطنبول، حيث أفاد أن اللجنة الدستورية “تم الحديث عنها في جنيف، وازداد زخمها بعد مؤتمر سوتشي الروسي، وخف الحديث عنها لاحقاً لرفض النظام لها”.
وأوضح أنه “بعد قرار إرسال الأسماء للأمم المتحدة زاد الزخم، والدول الضامنة (تركيا روسيا إيران) يتم التشاور معها للوصول إلى 150 عضواً لمرشحين، وهناك سعي أممي للتواصل مع دول أستانة، والتواصل مع الدول الغربية للتوصل إلى تصور بشأن اللجنة”.
وعلى الرغم من التحذيرات المتصاعدة من معظم أطياف ومكونات الثورة السورية، يمضي الحريري و”هيئة التفاوض” في الانخراط بما يسمى “اللجنة الدستورية”، ليوقع في النهاية – باسم الثورة السورية- على حل روسي يضمن مصالح النظام والمحتل الروسي بمشاركة هزيلة للمعارضة التي ستقبل بنظام الأسد، فيما يراه المعترضون على خطوات الحريري تنازلاً عن تضحيات الثورة وتحدياً للشهداء وأولياء الدم.
الناشط وائل عبد العزيز رأى أن ثلاثة أوهام تباع اليوم إلى السوريين يشارك في بيعها ما يسمى “هيئة التفاوض السورية” (أولاً: هزيمة الثورة، ثانياً: روسيا تريد إخراج إيران من سوريا، ثالثاً: اللجنة الدستورية تمثل الحل السياسي).
ليردف بالقول: الثورة لم تهزم، روسيا لاتريد إخراج إيران، اللجنة الدستورية تماهٍ مع النظام والروس لنسف عملية الانتقال السياسي.
أما الصحفي رائد فقيه، فلفت إلى “السؤال الأهم”برأيه، وهو: ما هي نسبة مؤيدي النظام من “المعارضة” ضمن الثلث الخاص بالمعارضة.. والأهم من الأهم، ما المقصود بالخبراء؟
ويشير فقيه إلى تحدي “اللجنة الدستورية” للشهداء، فيختم بالقول: جدلية المليون شهيد لتعديل الدستور واختصار الثورة بجغرافية التواجد الإيراني!.
فيما ذهب الصحفي المعارض محي الدين لاذقاني إلى التذكير بالقرار الأممي 2254 واتهام متواطئي اللجنة الدستورية بمحاولة تبرئة بشار الأسد من جرائمه، فكتب: “ذكروا نصر الحريري المتباهي بتشكيل اللجنة الدستورية أن المادة الرابعة من القرار الدولي 2254 تضع صياغة الدستور بعد المرحلة الانتقالية، ومن يقبل بتجاوز هيئة الحكم الانتقالي يبرئ بشار الكيماوي من كل جرائمه”، وختم ساخراً: وهذا إما أن يكون “ضفدعا” أو حماراً دخل السياسة من حقل البرسيم.
وكان وفدا النظام والمعارضة توصلوا في محادثات “جنيف4” إلى التوافق على أربع سلال فصلها المبعوث الدولي دي مستورا على النحو الآتي:
السلة الأولى: القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.
السلة الثانية: القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر.
السلة الثالثة: كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهراً، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.
السلة الرابعة: إستراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية، وبناء إجراءات للثقة المتوسطة الأمد.
إلا أن مخرجات محادثات جنيف كلها بقيت حبيسة الأوراق ولم ينفذ شيء منها، لتلتف روسيا على بعض أطياف المعارضة في مؤتمر “سوتشي” والذي كان يمثل النظام بأوجه مختلفة، لتختفي بعد سوتشي ثلاث سلال وتبقى سلة الدستور فقط، والتي وفق كلام “الحريري” نفسه ستكون الغلبة فيها للنظام، إذ أن الثلث المخصص للمعارضة سيضم قسماً من “المعارضة الوطنية بدمشق” والتي تناصر الأسد أكثر من مؤيديه، وكذلك سيسيطر النظام على الثلث المخصص لـ”الخبراء”، وبالتالي لن يتوقع أشد المتفائلين إصلاحات دستورية حقيقية تطيح حكم نظام الأسد وتحقق العدالة للسوريين، بل دستورا يكسب شرعية دولية بتوقيع “المعارضة” عليه، ويسلم مفاتيح دمشق لآل الأسد ونظامهم وأشباههم فيما يخدم مصلحة المحتلين الذين وضعوا عملياً هذا “الدستور”.
Sorry Comments are closed