ياسر محمد – حرية برس
بعد خمس سنوات على سقوطها بيد ميليشيات “حزب الله”، تعود مدينة القصير بحمص إلى الواجهة مجدداً، من بوابة الخلاف الروسي الإيراني الذي تمدد من ريف دمشق إلى الجنوب السوري ووصلت شظاياه الحدود اللبنانية في واحد من أهم معاقل ميليشيا “حزب الله”، ونقلت وكالة رويترز أمس الثلاثاء عن مسؤولين في التحالف الطائفي الداعم لنظام الأسد، قولهما: إن نشر عسكريين روس في سوريا قرب الحدود اللبنانية هذا الأسبوع أثار خلافا مع قوات مدعومة من إيران ومنها ميليشيا “حزب الله” اللبنانية التي عارضت هذه الخطوة غير المنسقة.
وقال أحد المسؤولين وقناة الميادين الموالية لنظام الأسد إن اتصالات أفضت إلى تسلّم الفرقة 11 في قوات النظام نقاط انتشار الوحدة الروسية في ريف القصير بمحافظة حمص، فيما لم يصدر عن ميليشيا “حزب الله” أي بيان بشأن انسحابه من القصير.
المحلل السياسي السوري العميد أحمد رحال، قال إن “انتشار القوات الروسية على الحدود السورية اللبنانية قرب مدينة االقصير التي يحتلها حزب الله يعني بالقاموس الإيراني الاقتراب من المحرمات.. لحظة الصدام الروسي- الإيراني تقترب أكثر فأكثر”.
أما الكاتب “مصطفى فحص” فيرى أن اختبار الجنوب السوري يضع العلاقات الروسية – الإسرائيلية والروسية – الإيرانية على المحك، وسيكشف قريباً عن الحجم الفعلي لقوة النفوذ الروسي، وعن قدرة الكرملين في إدارة أصعب أزمة بين حلفائه الأعداء، فموسكو العالقة بين خيارين أحلاهما مرّ، باتت تبحث عن مخرج صعب لمعضلتها جنوب سوريا، مخرج يسمح لطهران بالإبقاء على وجودها العسكري في جزء من سوريا، هدفه فقط حماية نظام الأسد، وهو الهدف الذي يشكل القاسم المشترك الأكبر بينها وبين كيان الاحتلال الاسرائيلي، بعيداً عن حدود فلسطين المحتلة والأردن، وهو مطلب “إسرائيل” القلقة على أمنها القومي، وتأمل موسكو- في حال نجاحها- التوصل إلى حل يرضي الطرفين، ويساعد على وضع حدّ للضربات الجوية التي تقوم بها “إسرائيل” ضد القواعد الإيرانية في سوريا.
إلا أن ثمة مؤشرات على تمدد الخلاف الروسي الإيراني إلى معظم المناطق التي يتقاسمان الوجود العسكري فيها، فكما بدا واضحاً فإن القوات الروسية حاولت أن تفرض حضورها وسطوتها في بلدات ريف دمشق وغوطتها من خلال إظهار قواتها بمظهر “المخلص” للشعب حتى من “جيش بلدهم”، ومعلوم أن عشرات الميليشيات الإيرانية والمحسوبة على إيران تنشط في دمشق وريفها وتسيطر على مفاصل الحياة، ما يشي بتنافس أكيد وواسع بين الجانبين للسيطرة على العاصمة.
كما تؤكد أحداث أمس في القصير بريف حمص، وصول الخلاف إلى منطقة حيوية للطرفين، ولكنها عقدة “حزب الله” التي لا يمكن أن يتخلى عنها وهو الذي دفع مئات القتلى لاحتلالها عام 2013، إلا أن رمزية الخلاف تدل على إمكانية وصوله إلى مراحل أبعد من ذلك، خصوصا مع تواصل الضغوط “الإسرائيلية” على موسكو لفك ارتباطها مع إيران بسوريا، وكذلك تضارب المصالح ورغبة روسيا بفرض “حل سياسي” على طريقتها يراعي مكاسبها ويثبت احتلالها على حساب الشعب السوري أولاً، ومن ثم على حساب حلفائها الآخرين وعلى رأسهم إيران المحاصرة من الحلفاء والأعداء في هذه المرحلة.
عذراً التعليقات مغلقة