حرية برس:
هناك.. في مدينة الباب التي أخدت مكانها شمالي سوريا، وبالقرب من الحدود مع تركيا، المضطجعة بين أحضان الطبيعة، أضافت الحياة إلى قائمة المهجرين طفلين آخرين، وسعياً وراء شراء مواد الطهي لتحضّر أمهما وجبة الإفطار خرجا وحبات المطر الرمضانية تنهمر فوقهما قاصدين ذلك.
لم تكن تملك الأخت مظلة لأخيها الصغير، فأثار حبها الغامر له شفقتها عليه فما كان منها إلا أن وضعت إياه تحت ردائها خوفاً عليه من المطر، لتختفي ملامح وجه الطفل الصغير من الصورة خلف حنانها، راسمة ابتسامة في ثغرها تنعش الآمال في نفسك وتخفف عندك مقداراً ولو قليلاً من الألم.
تلك الملامح الخاصة التي ظهرت على وجهها في عنايتها وعطفها على أخيها، وإمساكها لكيس الخضروات باليد الأخرى، هو برهان قاطع أن الظروف مهما كانت صعبة لا تنسيها واجبها وأنها تنحني لأوامر أمها في ساعات الصفو والمرح عندما قالت لها: “اعتني بأخيك واجلبي الخضروات”.
الساعات في يوم رمضان تمر، والسماء تبتسم، والمزن تفيض مما فيها ماءاً طاهراً يمد حولهما لحظات نادرة من الفرح والسرور، وكؤوساً مترعة من السعادة.
هما لا ينقصهما شيء سوى مظلة فوقهما تحميهما من الماء وتزيح الرداء عن وجه ذاك الصغير فتظهر لنا “الابتسامة المخفية”، ونحصل بدل الابتسامة الواحدة.. على ابتسامتين.
عذراً التعليقات مغلقة