* فراس علاوي
أن تكتب لك الحياة مجدداً فهي من المعجزات التي يريها الله لعباده، وأن تعود إلى الحياة يعني كما في الأمثال الشعبية أن عمراً جديداً كتب لك، كما تقول عجائزنا.
ماجرى كان أشبه بالمعجزة، بل بالخيال رغم ضعف الإمكانات والأدوات.
هذه الحوادث جرت في مشفى موحسن الميداني
الساعة 11 ليلاً
الحادثة محاولة تسلل للجيش الحر باتجاه مطار دير الزور العسكري
الاصابة: الشاب محمد من مدينة الميادين يرابط على جبهة المطار أصيب بالكتف بطلقة قناص.
وصل محمد وهو بحالة جيدة لكنة شاحب، تم فحصه من قبل الدكتور عبد الملك حيث قال: “يحتاج إلى مراقبة ونقل وحدتين دم ومن ثم نرى ماسنقوم به إن إستمر الشحوب”.
تم نقل المصاب لغرفة أخرى وتوجه الجميع لغرفة الإقامة لتناول العشاء، ومع اللقمة الأولى للدكتور توقف عن تناولها وقال لأحد الشباب (شوف المريض)، وكأنه أحس به، نداء الممرض كان سريعاً، وعند وصولنا كان قلب المصاب متوقفاً والممرض يجري له تمسيد قلب.
تم نقل المصاب بسرعة إلى غرفة العمليات وتنبيهه تنبيباً رغامياً أثناء نقله، في حين بدأ الجميع بالعمل بسرعة.
كان الفريق أمام خيارين: الأول، التخلي عن المجازفة وإعلان وفاة المصاب، أما الثاني فهو محاولة القيام بعمل ما قد يعيد الحياة له.
القراران يجب إتخاذ أحدهما خلال فترة لاتتعدى الثواني كان خلالها الدكتور عبد الملك يلبس ثوب العمليات ويتناقش مع المخدرين الذين اتخذوا قراراً بالعمل الجراحي، خاصة أن علامات عودة القلب للعمل كانت بدأت تظهر على المونيتور بعد تمسيد وإعطاء عدد من الأدوية المنشطة لعمل القلب.
خلال دقائق من إتخاذ قرار الجراحة كان الدكتور عبد الملك قد قام بفتح الصدر من جهة القلب ليكتشف إصابة بالشريان تحت الترقوة ونزفاً شديداً.
كان الاجراء الواجب إتخاذه هو إيقاف النزف، وتشغيل القلب، وبذات الوقت الحفاظ على حياة المريض ونقل السوائل والدم له.
الدكتور عبد الملك وهو جراح الأوعية استطاع بسرعة السيطرة على النزف وبذات الوقت كان يمسد على القلب بشكل مباشر مع أنه لم يكن جراح قلب.
مضت ساعة كان الوضع تحت السيطرة وقد قام الدكتور بمفاغرة الشريان وعاد القلب لعمله الطبيعي.
الساعات التالية كانت ساعات ترقب، كان المناوبون من طاقم المشفى يراقبون المريض.
الساعة الخامسة صباحا استعاد المصاب وعيه جزئياً وبعد ثلاثة أيام استطاع الخروج من المشفى إلى مشفى الميادين لمتابعته هناك، وهو الآن بخير.
مرة أخرى ذات الحالة تكررت…
المصاب وصل إلى المشفى لكن إصابته لم تكن خطرة، الخطر كان في التأخر بإخلائه بسبب كثافة الاشتباكات وغزارة النيران.
وصل المصاب وتمت معاينته من قبل أحد المناوبين الذي حاول جاهداً، لكنه أعلن وفاته.
أحد فنيي التخدير كان له رأي مختلف، حين طلب تمديد فترة التمسيد والعمل على تشغيل القلب دوائياً، وتمسيد يدوي، وكذلك إعطاء أدوية منشطة. وإعطاء دم والاستمرار بالاكسجة.
بعد مرور عدة دقائق بدأت علامات عودة القلب للعمل تظهر على شاشة المونيتور، مما جعل الطاقم يعمل بصورة أكبر، وأمل.
ولم تمض ساعات حتى كان القلب يعمل بصورة طبيعية مع غياب عن الوعي.
كان الخوف من أذية دماغية يساور الجميع، لكن المريض بدأ بالتحسن في اليوم التالي ولم يمض أسبوع حتى كانت حالته الصحية جيدة وهو الآن متزوج وله ولد بعد هذه الحادثة.
هو الأمل والثقة بالنفس التي يجب أن يتحلى بها الجميع.
عذراً التعليقات مغلقة