بسام الحمصي – حمص – حرية برس:
تعاني مناطق ريف حمص الشمالي المحرر من انعدام الأمن الغذائي نتيجة واقع الحصار و احتكار التجار و سوء الوضع الأمني، الأمر الذي أسفر عن عزوف قسم كبير من الفلاحين عن زراعة الأراضي في هذه المناطق، حيث تجاوزت مساحة الأراضي غير المزروعة ما يقارب الخمسين بالمائة من مساحة الأراضي، ومع ذلك فإن جزءا كبيرا من الفلاحين ما يزالون متمسكين بزراعة أرضهم متحملين عبء التكاليف المالية الباهظة لهذه الزراعة.
ويجري الآن في ريف حمص الشمالي حصاد موسم البطاطا، وفي معلومات حصل عليها مراسل “حرية برس” من المهندس الزراعي “عبد المالك كاخيا” مدير المكتب الدولي للتعاون الزراعي قال: “في حمص بلغت المساحة المزروعة من البطاطا لهذا الموسم ما يقارب (2500 دونم)، وهي مساحة تعتبر قليلة مقارنة بالموسم الفائت، علما أن المساحة التي كانت تزرع قبل الثورة في مناطق الرستن و تلبيسة و الدار الكبيرة والغنطو كانت تصل لنحو (6000 دونم)، وقد تقلصت هذه المساحة بشكل ملحوظ وصلت إلى ما يعادل الثلث نتيجة للعامل الأمني و استهداف قوات الأسد للأراضي الزراعية والفلاحين، إضافة إلى قلة البذار الذي دخل إلى مناطق ريف حمص الشمالي ،وتوزع هذه المساحة جغرافيا على مناطق ريف حمص الشمالي حيث زرع في منطقة الحولة (150 دونم)، أما الباقي فيوزع على مناطق تلبيسة و الرستن و محيطها وقد استخدم في عمليات البذار أنواع جيدة من البذار (السبونتا – الهولندي – الدنمركي)”.
و أوضح المهندس كيخيا قائلاٌ : “يبلغ وسطي كلفة الزراعة للدونم الواحد ما يقارب الـ (150 ألف ل.س)، مقسمة على ثمن البذار والسماد والفلاحة وأدوية مكافحة الحشرات، إضافة إلى المازوت من أجل عمليات السقاية، وتختلف هذه القيمة من منطقة إلى أخرى حسب الظروف التي يتم الزراعة بها، فمثلا في منطقة الرستن تتم الزراعة بشكل مبكر على أطراف نهر العاصي، فهو يحتاج إلى سقايات أقل إضافة إلى قربه من البحرة التي تضمن عدم إصابته بالصقيع”.
وعن كمية المحصول المتوقعة يقول المهندس كيخيا: “يبلغ الانتاج للدونم الواحد بشكل وسطي ما يقارب الـ( 2000 كغ)، وقد يصل إلى(3500 كغ) ذلك حسب شروط الزراعة و العناية، وفي حال ضرب الصقيع للمحصول و هو صغير تنخفض هذه الكمية بمعدل ثلاثين بالمئة.”
وأشار “كاخيا” أنه خلال هذا العام لم يكن هناك صقيع فالإنتاج جيد، مؤكدا أن الإنتاج ينخفض في منطقة الحولة إلى ما دون (2 طن )للدونم الواحد، وذلك بسبب طبيعة الأرض الطينية الثقيلة.
ويقدر إنتاج ريف حمص الشمالي من البطاطا لهذا العام حسب المهندس كيخيا : “بما يقارب (500 ألف طن)، يجري الآن تسويقها في أرياف حمص الشمالي وبعض مناطق ريف حماه الجنوبي بأسعار تتراوح بين (135 ل.س) (200ل.س) حسب المنطقة التي يتم تسويقها فيها، إضافة إلى جودة المحصول وهذه الكمية كافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي نوعا من مادة البطاطا”.
والجدير بالذكر أن “منظمة إحسان” قامت مع بداية موسم زراعة البطاطا بتقديم الدعم لمساحة بلغت (ألف دونم) من إجمالي المساحة المزروعة والبالغة (2500دونم)، حيث قدمت كل مستلزمات الزراعة للفلاحين ولم يكن على الفلاح إلا تقديم الأرض والعمالة علما أن خطة المنظمة كانت تقضي بدعم (1500 دونم)، إلا أنها لم تتمكن من ذلك بسبب قلة البذار.
و في تجربة جديدة من نوعها قامت كتيبة “المقداد ابن الأسود” إحدى فصائل الجيش الحر في منطقة الحولة، بإنشاء حقلها الخاص لزراعة البطاطا بمساحة تجريبية بلغت (2500 متر مربع) وذلك بهدف تحقيق كفايتها من هذه المادة، ويقوم “عبد المتين” أحد الفلاحين بالإشراف على تنفيذ هذا المشروع لصالح الكتيبة، حيث صرح لـ “حرية برس” قائلاً: “المساحة المزروعة بالبطاطا نوع سبونتا ومتوقع أن يكون الإنتاج بمعدل(2500 كغ) للدونم الواحد، ويأتي هذا المشروع ضمن خطط الكتيبة لتحقيق الاكتفاء الذاتي”.
وأضاف “عبد المتين”: “إن الكلفة للدونم الواحد بلغت (100 ألف ل.س)، وذلك لوجود مشروع البطاطا في منطقة مكنتهم من الاستفادة من الكهرباء لري هذا المشروع وبالتالي توفير سعر الديزل، وهذا يؤدي إلى أن الفائدة ستكون مضاعفة، إضافة إلى تلبية حاجة الكتيبة من هذه المادة، ونجاح مشروع البطاطا مهد ليكون هناك مشاريع أخرى مشابهة، حيث الآن لدينا مشروع للخضروات لنفس الغاية”.
يذكر أن تأمين البذار هو أحد أهم المشاكل التي تواجه زراعة البطاطا، إضافة الى عدم وجود أسمدة أو مبيدات حشرية، وهو ما يؤثر سلبا على إنتاج البطاطا، ويأتي هذا ضمن سياسة الحصار المتبعة من قبل قوات الأسد وميليشياته على مناطق ريف حمص الشمالي، وبالتالي التضييق على المدنيين في كل شيء حتى في المواد اللازمة للزراعة.
هذا ويستعد الفلاحون لتخزين البذار المحلي لاستخدامه في العروة الخريفية التي تبدأ زراعتها في الشهر الثامن، وذلك بسبب غياب البرادات اللازمة لحفظ وتخزين البذار الربيعي الأجنبي حتى وقت زراعته في الموسم الخريفي.
عذراً التعليقات مغلقة