بعد سبع سنوات على الثورة السورية [3-3]

زكي الدروبي1 يونيو 2018آخر تحديث :
بعد سبع سنوات على الثورة السورية [3-3]

نجحت القوى المعادية للربيع العربي في إلصاق تهمة الإرهاب بالثورة السورية، وإظهارها وكأنها ثورة إسلامية متطرفة، وساهمت هذه التهم في إبعاد الرأي العام الأوروبي عن التعاطف معها، وسمحت للقوى الامبريالية الدولية من الولايات المتحدة الامريكية إلى روسيا بالتدخل في الشأن السوري، وارتكاب المجازر بحق الشعب السوري، وتدمير البنية التحتية للدولة السورية، وتفكيك المجتمع السوري، وزيادة الاحتقان بين مكونات الشعب السوري المذهبية والطائفية والعرقية، ودفعت باتجاه صراعات ما قبل سياسية لتمزيق المجتمع السوري بشكل أكبر، وما زالت ذريعة التدخل لمكافحة الارهاب جاهزة وتشهر كسيف في وجه كل من يحاول انتقاد الاجرام الروسي في سوريا، وهذا ما نراه جلياً في الإجرام غير المسبوق الذي اتبع في قصف الغوطة الشرقية، وقبله في حلب الشرقية، وغيرها من المناطق، ورغم أن القوى العسكرية المحلية في الغوطة الشرقية قد حاربت داعش ومنعت تواجدها، وحاربت النصرة واعتقلت كوادرها وأودعتهم سجونها، ورغم عرض جيش الاسلام إخراج عناصر وكوادر وقيادات النصرة من سجونه وإبعادهم إلى إدلب، إلا أن النظامين الروسي والأسدي رفضا هذا العرض، ولم يسمحا بتنفيذه، لأن تنفيذه يسحب الذرائع التي يستخدمونها لتدخلهم وإجرامهم، ولم يشفع كل ذلك لأهالي الغوطة الشرقية – تلك المنطقة الاستراتيجية بالنسبة لنظام الأسد وللقوى التي تحميه – في حمايتهم من إجرام الأسد وبوتين.

أصبح شعار مكافحة الإرهاب عملة رائجة وناجحة جداً لجميع الحكومات كي تستثمر بها، خصوصاً بعد أفول نجم شعار نشر الديمقراطية، والذي اتخذ ذريعة للتدخل في العراق من قبل الأمريكان، فبعد أن تم تصفية بن لادن وأضعف تنظيم القاعدة الذي أنشأته المخابرات المركزية الأمريكية وانتهى دوره الوظيفي، استثمرت تلك الأجهزة الاستخباراتية بتنظيمات جديدة كداعش وجبهة النصرة في سوريا، ولا ننسى تصريحات السيد وزير الخارجية القطري الذي أكد أن بلاده كانت تمد النصرة “الإرهابية” بالسلاح والأموال بموافقة أمريكية أوروبية، وتم إيقاف التمويل حين وضعت تلك المنظمة على جداول الإرهاب، هذا التمويل الذي اتجه لتنظيمات الإسلام السياسي الراديكالية، وغفل عن تمويل عشرات التنظيمات العسكرية المعتدلة، وبقيادة ضباط محترفون، والتي كان يشارك فيها عدد كبير من الشباب السوري المتنور المنتمي لأطياف متعددة من هذا الشعب، فمنهم العلوي والدرزي والسني ومنهم العربي والكردي والتركماني و(…)، بل تم السعي لتصفيتها عبر اغتيال أو تهجير كوادرها، كما كان مع كوادر تنسيقيات الثورة السورية الأولى، لنصل لهذه النتيجة “استخدام شعار مكافحة الإرهاب ذريعة لتدمير سوريا وقتل شعبها” وها هي حكومات العالم اليوم تنسى البدايات لتركز على النهايات، “الإرهاب”.

فهل نسيت حكومات العالم “المتقدمة” أسباب الربيع العربي، وأسباب الثورة السورية خجلاً من تقصيرها؟ أو لإخفاء المؤامرة على شعب أراد أن يكون حراً صاحب إرادة، فكانت هذه الإرادة خطراً على مصالحها؟ واستطراداً هل تسمح هذه الحكومات التي استثمرت طويلاً في تربية وتدريب هؤلاء المستبدون وهذه الأنظمة بإزاحتها والسماح للشعوب بنيل حريتها واستقلال قرارها؟.

قد تكون صناعة هذه المنظمات الإرهابية كالقاعدة والنصرة وداعش وغيرها، ودعمها مؤامرة ما من أجل خلق ذريعة للتدخل، وقد حصل التدخل فعلاً بذريعة الإرهاب، وكلاً من حكومات العالم قاست تلك العباءة الفضاضة على مقاسها، فروسيا الحريصة على استمرار نظام بشار الأسد المافيوي الشبيه بنظامها، اعتبرت أن كل من يخرج عن الأسد “صاحب الشرعية حسب وجهة نظرها” هو إرهابي، متناسية أن هناك قرار دولي باعتبار الائتلاف هو ممثل الشعب السوري، كما اعتبرت الولايات المتحدة في وجود داعش فرصة للتدخل، فتركته حتى قتل كل القوى الوطنية التقدمية وسيطر على حقول النفط والقمح والمسطحات المائية المهمة في سوريا، ثم دمرت وعلى مدى عامين تقريبا تلك المدن والبلدات فوق رؤوس ساكنيها بحجة طرده لتحل محله وتبدأ بسرقة ثروات الشعب السوري بذريعة إعادة إعمار المنطقة، طبعاً لا يفوتنا التذكير بالتجربة والخبرة الكبيرة لدى نظام الأسد وحلفاؤه في تربية وصناعة الإرهاب، ولنتذكر أن محكمة دولية قد أثبتت أن قتلة رئيس وزراء لبنان هم من قادة حزب الله الذي يقتل الشعب السوري إلى جانب نظام الأسد، ولنتذكر ميشيل سماحة الوزير اللبناني السابق الذي ضبط متلبساً، وهو ينقل عبوات متفجرة من سوريا إلى لبنان بأوامر من رئيس المخابرات السوري ليقوم بزرعها في أماكن مختلفة من لبنان، بهدف تفجيرها في عدة أماكن من لبنان، كي يتم إيقاع الفتنة بين مكونات الشعب اللبناني.

لكن أين دورنا نحن؟ ولماذا خدعنا بشعارات هؤلاء؟ وكيف سمحنا بتمرير هذه المؤامرة؟ وهل سنصحو من هذه الخديعة؟ ألم يحن الوقت لنبعد كل من يتاجر باسم الإسلام من بين صفوفنا، ونسعى لبناء الدولة الوطنية، سوريا الديمقراطية
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل