جديد بوتين: سوريا جديدة برئاسة بشار جديد

ياسر الأطرش27 مايو 2018آخر تحديث :
جديد بوتين: سوريا جديدة برئاسة بشار جديد

حقق العرض المسرحي الروسي (ليلة القبض على المُعفشين) والذي شهدت بلدة ببيلا جنوب دمشق أحد فصوله أمس، حقق الغاية عند كل الأطراف السورية (موالاة ومعارضة ومحايدين)، وكذلك وجَّه رسائل للخارج تحمل أكثر من معنى السيطرة، فبعد الهيمنة السياسية على الملف السوري ومنع العالم بأسره من إحداث خرق فيه، يستعرض جنود بوتين فاعليتهم الحقيقية على الأرض السورية، بالدوس على رقاب جنود جيش الأسد وبطحهم أرضاً ومعاملتهم معاملة المجرمين، أما بقية السيناريو فتقول إن ذلك كان انتصاراً من الجنود الروس للأهالي والسكان العزل الذين همَّ جنود الأسد بسرقة (تعفيش) بيوتهم وممتلكاتهم.. ويقول الراوي في نهاية القصة يا سادة يا كرام: هكذا حمى جنود بوتين الشرفاء السكان الأبرياء الضعفاء من سطوة وجبروت جنود جيش بلدهم!..

المشهد تكرر سياسياً مرات عدة، عندما استدعى بوتين بشار الأسد إلى سوتشي وشحنه مرة أخرى بطائرة شحن، وساقه إلى قاعدة “حميميم” دون أن يعرف إلى أين هو ذاهب، ودون مرافقة أحد من أركان دولته، ولا حتى مرافقه الشخصي.

هذه الأفعال كلها لا تبدو عبثية أو غير مقصودة سياسياً، بل هي رسالة فجة ووقحة للسوريين والعالم، مفادها أننا نحن أسياد هذه البقعة التي تحت أرجلنا في سوريا.

لكن؛ في المقلب الآخر؛ تشير هذه التصرفات إلى فشل روسي عريض في سوريا، يتمثل بالإقرار بالعجز في السيطرة على كامل البلاد كما كان مأمولاً، لذا حثَّت روسيا الخطى سياسياً وعسكرياً لشرعنة سيطرتها على ما في يدها من سوريا (سوريا المفيدة) وترك مناطق التوتر والنزاع للأطراف الأخرى.

وما جعل أحلام روسيا تنمكش جغرافياً في سوريا هو تداخل المصالح وتضاربها في مناطق معقدة مثل درعا جنوباً، التي لن يتركها الإسرائيليون والأمريكان لروسيا، وإدلب وأرياف حلب شمالاً، والتي لن تسمح تركيا بخروجها عن مسار ومصير يخدم مصالحها أولاً، فيما لا تدخل مناطق شرق الفرات والجزيرة في حسابات روسيا، إذ هي محمية أمريكية أوربية معلنة، وقد كان مقتل جنود ومستشارين عسكريين روس اليوم في دير الزور، رسالة واضحة لروسيا بأن لا مكان لكم شرق الفرات.

ويبدو أن القيصر رأى أن يكتفي بالجزء الأهم من سوريا، والذي فرض سيطرته عليه فعلياً متمثلاً بكامل الساحل السوري ودمشق وريفها وحمص وحماة، تاركاً الشريك الإيراني في مهب العاصفة الأمريكية الإسرائيلية، حيث سيتكفل هؤلاء بطرد إيران، وما على بوتين إلا أن يغض الطرف ويُخرس ردة فعل الصواريخ المضادة، ليفوز وحده بالغنيمة.

ولعلم بوتين أنه لا بدّ من شرعنة سياسية لهذا الاحتلال، فقد سعى وعلى مراحل إلى نقل الملف السياسي السوري من جنيف إلى أستانا وصولاً إلى سوتشي نهاية المطاف، وهناك سيناقش الشهر بعد القادم قضية التعديلات الدستورية التي خرج بها مؤتمر سوتشي، ووجدت من يخوض فصولها من “المعارضة”، لتكتمل أركانها برعاية ومشاركة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا دي مستورا، وبذلك ربما يحصل السوريون في (سوريا المفيدة)، قبل نهاية العام الحالي، على “وطن” جديد بدستور جديد، رئيسه بشار الأسد الجديد.. وطن مركب من نفس أحرف الوطن الأصلي، ولكن الحرب غيرت أمكنة ومقامات ومسارات الحروف، فحصل خطأ بسيط قلب الاسم من سوريا إلى روسيا..

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل