ياسر محمد – حرية برس
واصلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروعها الرامي إلى الحد من خطورة إيران عسكريا وسياسياً، وإجبارها على العودة إلى داخل حدودها بعدما تمددت في مناطق عدة من الشرق الأوسط واحتلت عدة عواصم عربية بشكل شبه مباشر.
الخطوة الأولى والأكثر تأثيراً على إيران ونظامها الطائفي، جاءت عبر إلغاء ترامب الاتفاق النووي مع طهران قبل أيام، ما شكّل ضربة قاتلة للنظام الإيراني خاصة على الصعيد الاقتصادي، والطموحات العسكرية بعيدة المدى.
وقبل أن تستوعب إيران الصفعة وتحاول امتصاص آثارها والتكيف معها، أعلن وزير خارجية ترامب المعين حديثاً، مايك بومبيو، شروط واشنطن لإبرام اتفاق جديد مع طهران، وشملت استراتيجية بومبيو 12 مطلباً، متوعداً إيران بـ”أقسى عقوبات في التاريخ” إن تهربت من تنفيذ أي من تلك الشروط.
وقد تمحورت استراتيجية بومبيو حول مشروع إيران النووي والصاروخي، وتطويقه ومنع تطويره والحد من إمكانيات طهران العسكرية إلى أقصى حد، وفي الشق السياسي يتوجب على إيران العودة إلى داخل حدودها والتخلي تماماً عن فكرة التمدد في الشرق الأوسط وتهديد دوله.
أما في الشأن السوري، فتقوم خطة بومبيو على طرد إيران وكل ميليشياتها من سوريا، بحيث تعدم أي تأثير مباشر أو غير مباشر في الحالة السورية.
ومن المطالب الأمريكية: أن تسحب إيران جميع القوات التي تخضع لسيطرتها في سوريا، وأن تتوقف عن دعم “حزب الله” الإرهابي.
ولعل توقيت إعلان الاستراتيجية الأمريكية كان له تأثير سيئ مضاعف على إيران، إذ جاء بعد 4 أيام من تلميح روسي إلى ضرورة انسحاب إيران وميليشياتها (القوات غير الشرعية) من سوريا بعد المباشرة بإنفاذ حل سياسي روسي متوقع هذا العام.
يضاف إلى التهديد الأمريكي الجاد؛ والتلميح الروسي، ضربات عسكرية إسرائيلية مستمرة لا تسمح لإيران بالتقاط أنفاسها أو تطوير وجودها العسكري في سوريا، حيث باتت معظم مقدراتها الأساسية مشلولة وفق تأكيدات إسرائيلية وغربية، ووفق ما يقرره واقع الحال بعدم ردها على الاستهدافات المتكررة التي تقلص قدراتها وتقتل عسكرييها في سيناريو شبه يومي.
الرد الإيراني على المطالب الأمريكية جاء شعاراتياً كالعادة، يدلل على عجز ويستجدي الشارع والداخل بشكل عام للوقوف في وجه “قوى الشر”. ففي معرض رده؛ اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن “العالم لا يرضى بأن تقرر الولايات المتحدة عنه، لأن الدول مستقلة”، وسأل الأميركيين “من أنتم لتقرروا عن إيران والعالم؟ ولى زمن هذه التصريحات، سنمضي في طريقنا بدعم من أمّتنا”. أما وزير خارجيته؛ محمد جواد ظريف؛ فكتب على موقع تويتر: “الديبلوماسية الأميركية الزائفة هي مجرد ارتداد إلى العادات القديمة: إنها رهينة الأوهام والسياسات الفاشلة، ورهينة مصالح خاصة فاسدة، تكرر الخيارات الخاطئة ذاتها، لذلك ستجني النتائج السيئة ذاتها، بينما تعمل إيران مع شركائها من أجل حلول ما بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي”.
محللون وسياسيون سوريون وعرب رأوا في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة إعلان حرب على إيران، فكتب الصحفي محي الدين لاذقاني: “لم يقل بومبيو إنها الحرب، لكن المطالب الاثني عشر التي وضعها أمام ايران، وفي مقدمتها انسحابها من سوريا، ووقف البرنامج الصاروخي كفيلان بأن يدرك الملالي أن العصا الغليظة خرجت من جرابها في مرحلة لابد فيها من العودة لاستراتيجية (البازار) بدل التقية، وإلا فإنها الحرب لا محالة”.
أما السياسي السوري المعارض هادي البحرة، فرأى أن مصالح روسيا وأمريكا التقت حول طرد إيران من سوريا، ملمحاً إلى تورط روسيا في الضربات التي تُشن ضد إيران في سوريا، حيث كتب في تويتر: “حرب سياسية معلنة إعلامياً وتشن معاركها العسكرية سرياً غارات وانفجارات وتفجيرات تستهدف مواقع هامة تُستخدم إيرانياً وتصاب بدقة متناهية، بإحداثيات دقيقة سربت وبلغت من قبل نفس الحلفاء، وأنظمة دفاع جوي واستطلاع عبر أقمار صناعية تستطيع معرفة حركة النملة في سورية لكنها تلزم الصمت”!.
Sorry Comments are closed