ياسر محمد – حرية برس
لم يكد يخرج “حزب الله” من هستيريا “الظفر” عقب حصده مقاعد إضافية في الانتخابات البرلمانية اللبنانية قبل نحو أسبوع، حتى بدأت المصائب السياسية تنهال على رأسه ككيان وأفراد، وهو ما يعتبر نتيجة طبيعية لجرائمه التي ارتكبها في سوريا واليمن وبلدان عربية أخرى، استهدف خلالها أمن تلك الدول ومواطنيها خدمة لأجندات إيران التي لم يعد الحزب يخفي تبعيته لها علناً.
ومع أن الرئيس اللبناني ميشيل عون، حليف حزب الله، دافع عن وجود الحزب وتورطه في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد، متعللاً بتورط عشرات الدول دفاعاً عن مصالحها ومكاسبها، ومع أن الحزب حقق عدد مقاعد أكبر في الانتخابات البرلمانية اللبنانية الأخيرة، إلا أن تلك المكاسب بدت محلية ولم تنعكس على الحزب إلا وبالاً، فمحاولة الرئيس عون شرعنة وجود الحزب في سوريا واليمن واستهداف أمن الدول العربية، جاء بمردود عكسي فوري تجلى بفرض عقوبات سعودية وخليجية على رأس “حزب الله”، حسن نصر الله، ونائبه، وثمانية من أكبر قيادييه ومموليه، ما يعني حصاراً أوسع للحزب وإحراجاً أكبر لمن لم يزل يتعاون معه من العرب والحلفاء إن كان على صعيد سياسي أو حتى تجاري.
الضربة الثانية في أقل من أسبوع، جاءت مدوية – وإن كانت غير مباشرة- من أقرب الحلفاء وقائدهم في سوريا، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أكد خلال استدعائه بشار الأسد إلى سوتشي الخميس الفائت، أن القوات الأجنبية غير الشرعية يجب أن تغادر سوريا مع بدء المسار السياسي الذي تستعجله موسكو وتريد إطلاقه من سوتشي في تموز القادم بعد أقل من شهرين من الآن. وإن اختلف المتابعون للشأن السوري على من هم المقصودون بكلام بوتين (تركيا أم إيران أم أمريكا وفرنسا..)، إلا أن الجميع يرى بأن أول المطرودين من الساحة السورية هم الميليشيات الإيرانية وأشباهها.. و”حزب الله” يأتي على رأس القائمة.
وبعد الضربة العربية، والطعنة الروسية، سدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ضربة أممية باسم الشرعية الدولية، لحزب الله، محذراً إياه من “عواقب وخيمة” جراء استمرار تدخله وجرائمه في سوريا.
وطالب غوتيريش الحكومة اللبنانية باتخاذ كل التدابير اللازمة من أجل “منع (حزب الله) من مواصلة الحصول على الأسلحة”. وحذر من “العواقب الوخيمة” لاستمرار تورط الحزب في الأزمة السورية.
وفي تقرير له عن تنفيذ القرار 1559 الخاص بانسحاب القوات الأجنبية ونزع أسلحة الميليشيات، حذر غوتيريش من أن “انتشار الأسلحة على نطاق واسع خارج سيطرة الدولة، بجانب وجود ميليشيات مدججة بالسلاح، يقوض أمن المواطنين اللبنانيين”، معبراً عن “قلق بالغ من استمرار احتفاظ (حزب الله) بقدرات عسكرية كبيرة ومتطورة خارج سيطرة الحكومة اللبنانية”. فيما يعتبر ضربة للمكاسب السياسية التي حققها الحزب في انتخابات البرلمان الأخيرة.
واعتبر غوتيريش أن تدخل حزب الله في الحرب السورية “يظهر فشل الحزب في نزع سلاحه ورفضه أن يكون مسؤولاً أمام مؤسسات الدولة اللبنانية”. وعبر عن “القلق حيال ما يفاد بتورط (حزب الله)، فضلاً عن تورط عناصر لبنانية أخرى في القتال في أماكن أخرى في المنطقة، الأمر الذي يحمل في طياته خطر توريط لبنان في النزاعات الإقليمية”.
وهنا يشير غوتيريش إلى سوريا وغيرها من البلدان العربية، في تمهيد يمكن أن تُبنى عليه لاحقاً محاسبات وملاحقات دولية لمسؤولي الحزب بتهم جرائم حرب، هم ارتكبوها فعلاً في لبنان وخارجه، من اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى المشاركة في اغتيال الثورة السورية، إلى تدريب الحوثيين على تقنيات صاروخية لاستهداف دول الجوار العربي… مع سجل حافل بالجرائم الطائفية العابرة للحدود خدمة لأجندة إيران وإسهاماً في تصدير “ثورتها” باسم المقاومة والممانعة.
عذراً التعليقات مغلقة