نفّذت المليشيات الطائفيّة في محافظة ديالى، عمليّات انتقاميّة في بلدة المقدادية، شمال شرقي المحافظة، على إثر التفجير الذي ضرب ليلة أمس مقهى شعبيا في البلدة، فيما هدّد مسؤولو المحافظة بتدويل القضيّة.
ونقل موقع “العربي الجديد” عن مصدر محلّي في المحافظة، إنّ “المليشيات شنّت، ليلة أمس، حملات خطف وقتل في بلدة المقدادية، شملت خطف وقتل نحو 20 شابا من البلدة، بينهم أربعة من أبناء أحد الشيوخ”، مبيّنا أنّها “أحرقت عددا من المنازل في البلدة والبساتين والمحال التجاريّة”.
وأضاف أنّ “المليشيات لم تكتف بذلك، بل نصبت حواجز وهميّة على أغلب طرق البلدة، لاعتقال أبنائها على الهوية”، مشيرا إلى أنّ “أهالي البلدة اضطرّوا إلى البقاء في منازلهم وعدم مغادرتها”، مؤكدا أنّ “البلدة بدت اليوم أشبه بالمنطقة المهجورة، وأنّ أهلها معتقلون داخل بيوتهم لا يستطيعون الخروج”، مضيفا أنّهم “ناشدوا الجهات الحكوميّة للتدخّل لوقف هذه الانتهاكات، ووضع حدٍّ للمليشيات المنتشرة في عموم البلدة”.
وأفاد مراسل “العربي الجديد” في بغداد إن النائب عن المحافظة، رعد الدهلكي، أكد أنّ “نواب ومسؤولي المحافظة سيلجؤون إلى المطالبة بتدخل دولي لحل أزمة محافظة ديالى”، مشددا، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، على أنّ “المليشيات قامت بعمليّات انتقامية في المحافظة على إثر تفجير أمس، ونفّذت عمليات قتل وخطف وحرق في البلدة”، مبينا أنّ “هذه العمليات استهدفت المدنيين الأبرياء، ولا يمكن السكوت عنها”.
ودعا الدهلكي الحكومة ورئيسها، حيدر العبادي، إلى “إرسال قوات خاصة من بغداد للسيطرة على الوضع في البلدة وتدارك الموقف، وحفظ الأمن وأرواح المواطنين الأبرياء”، مشيرا إلى أنّ “حفظ أمن البلدة والمحافظة من واجب الحكومة ومسؤوليتها، وعليها عدم إهمال هذا الملف الخطير، والذي قد يتسبب في تدهور أمني في عموم المحافظة”.
وهدّد المتحدث ذاته بـ”اللجوء إلى الأمم المتحدة وتدويل قضية المحافظة، في حال أخفقت الحكومة من جديد في السيطرة على الوضع فيها”.
وكانت بلدة المقدادية، المرتبطة بحدود إداريّة مع إيران، قد شهدت أمس تفجيرا نفّذه انتحاري قرب مقهى شعبي، أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 50 شخصا.
من جهته، أوضح الشيخ غضنفر المهداوي أن الوضع في بلدة المقدادية خطير للغاية، وأن “الكثير من العوائل النازحة التي عادت بدأت فعلا بالخروج من البلدة بعد التهديد بالقتل وحرق بساتين تعود ملكيتها للسنّة، والهدف من ذلك بات معروفا، وهو إفراغ البلدة من مكونها السني، الذي يمثل أغلبية السكان”، مشيرا إلى أن “لا أحد يمكنه أن يقف في وجه المليشيات التي وجدت أساسا للسيطرة على المقدادية، وإحداث تغيير في هويتها”، معتبرا أن كل المعطيات السابقة، من تفجيرات ومجازر وهدم المساجد وحرق المنازل، تشير إلى ذلك، ما لم تتم ملاحقة المليشيات والمتسببين في نشر الرعب بين سكان المدينة المنكوبة”، حسب وصفه.
يشار إلى أنّ البلدة تشهد ارتباكا أمنيا خطيرا، وأزمات أمنيّة مستمرّة، تتمثل في عمليّات انتهاكات مستمرة من قبل المليشيات وخطف واعتقال وتهجير قسري.
ونقل موقع “العربي الجديد” عن نعمان الشاكر، أحد وجهاء محافظة ديالى، إن عناصر المليشيات هاجمت مجموعة من الشباب كانوا مجتمعين لمشاهدة مباريات في بيت داخل قرية نهر الإمام، وقتلت وجرحت أكثر من عشرة أشخاص منهم، فيما قام آخرون باغتيال أحد أعيان قبيلة المهدية، يسكن حي بلور، ويُدعى سعد منصور المهداوي، بالإضافة إلى مدير مدرسة ومختار بلدة، فضلا عن حرق بساتين قرية جزيرة وقرية حجي ظاهر، وتفجير عدد من المنازل داخل مركز البلدة.
وتابع شاكر أن “الحياة في المقدادية أصبحت عبارة عن حالة من الترقب، نعيشها يوميا، نسمع فيها أخبار الاغتيالات والتفجيرات والتهديد بالقتل، وعبارة مطلوب دم التي نقرأها على جدران أسيجة المنازل في مركز المدينة شهربان”، مشيرا إلى أن “القوات الأمنية غير قادرة على كبح المليشيات، هذا إن لم تكن متعاونة معها أصلا”، مطالبا، بدوره، بالتدخل السريع لحفظ أمن المواطنين وسلامتهم من الاعتداءات التي يتعرضون لها يوميا، والاستفزاز المباشر وغير المباشر من جهات معروفة تابعة لأحزاب نافذة في الحكومة العراقية.
وكان مصدر أمني قال لـ”العربي الجديد”، إن اجتماعا عقد في مقر قيادة العمليات المشتركة لمناقشة الأوضاع في ديالى والمقدادية تحديدا، مبينا أن هناك اتفاقا أوليا على إرسال قوات عراقية مع فوجين من المهمات الخاصة (لواء العقرب)، لملاحقة أسماء المطلوبين الذين يشكلون خطرا على التعايش السلمي داخل المحافظة، وأن هذه القوات ستبقى لمدة ثلاثة أشهر إلى حين تنفيذ المهمة.
واعتبر المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن وجود فوج الطوارئ الخامس يشكل خطرا على سكان بلدة المقدادية، بعد أن ثبت أكثر من مرة تعاونه مع المليشيات، وتسهيل عملية مرورهم من المنافذ بين الأحياء، فضلا عن التستر عليهم.
عذراً التعليقات مغلقة