قالتها، المرشحة التركية لرئاسة الجمهورية عن حزب “الجيد” ميرال أكشنار علانية: “أعدكم من هنا، بأنه سوف يتناول اللاجئون السوريون الموجودون في تركيا إفطار شهر رمضان في 2019، برفقة إخوانهم في سورية”.
لتعيد إلى الذاكرة ما قاله رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، حول “طرد السوريين من تركيا” خلال الانتخابات البرلمانية السابقة في شباط 2015، معتبراً أن وجودهم سبب استنزاف الاقتصاد التركي وزيادة نسبة البطالة.
وربما تتعالى نداءات طرد السوريين، بل وطرح إعادة العلاقات التركية مع نظام بشار الأسد، خلال بيان مرشح حزب الشعب الجمهوري، محرّم اينجه، الذي لم يصدر بعد، لأن رئيس حزبه، كليتشدار أوغلو، ألمح لذلك فيما لو نجح حزبه، الآن وخلال الانتخابات السابقة.
قصارى القول: ربما من السياسة والحكمة، أن يتم التعاطي وفق أتعس الاحتمالات وأسوأ الظروف، فتجاهل الأحداث المتوقعة والتقليل من شأن أي خصم، لا أظنه من الحكمة أو السياسة.
بمعنى بسيط، تشير معظم استطلاعات الرأي حتى الآن، إلى فوز الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، في انتخابات الرئاسة التي ستُجرى في 24 يونيو/حزيران المقبل، ومن الجولة الأولى.
ولكن، ماذا لو لم تحسم النتائج من الجولة الأولى وتم الدخول بجولة ثانية واتفق تحالف المعارضة “ستة أحزاب” على مرشح واحد، والأرجح سيكون ميرال أكشنار، وزيرة الداخلية بحكومة أربكان عام 1996، فما الذي يمكن أن يحدث لنحو 4 ملايين سوري في تركيا، فيما لو نجحت أكشنار، رغم ضآلة هذا الاحتمال.
على الأرجح، لن تستطيع تنفيذ وعودها الانتخابية، على الأقل ما تعلق منها بـ”طرد السوريين” ليس لأن البيانات الانتخابية “كاذبة” وتهدف لاستمالة الناخب فقط، بل لأن وجود السوريين بتركيا وفق قانون “الحماية المؤقتة” ولا يمكن طردهم أو ترحيلهم أو حتى طلب مغادرتهم، لطالما ثمة حرب في سورية، وخطر على حياتهم من نظام الأسد أو من “المتأسلمين” الذين يسيطرون على بعض المناطق.
وإن يبقى احتمال ترحيلهم، أو بعضهم، لمناطق شمال غرب سورية المحررة، قائما ومتوقعا. كما أن طرد السوريين من تركيا -مجازا- سيضع تركيا بموقع الحرج وعلى صعد كثيرة، سياسية منها وأخلاقية، والأهم، اقتصادية، فالسوريون في تركيا ليسوا متسولين أو عاطلين عن العمل ينتظرون المعونات، بل هم هنا، أو معظمهم على الأقل، يعملون وبأجور أقل من الأتراك وساهموا في زيادة الإنتاج، وليس في رفع نسبة البطالة كما تروّج المعارضة التركية.
وأيضاً، بعض السوريين في تركيا، وهم عشرات الآلاف، أرباب عمل وأصحاب شركات، وساهموا بزيادة الصادرات وتنوع الإنتاج، ونافسوا أهل الأرض وأخرجوهم من حلباتها وبمواقع ومهن عديدة. وخروج هؤلاء، رغم الاستحالة، سيترك آثاراً سلبية وليس إيجابية، كما يروق لأكشنار وكليتشدار، أن يصوّرا.
هذا إن لم نأت على نحو 60 ألف سوري، حصلوا على الجنسية التركية، وإن الاستثنائية، ولا يحق لأحد، سحبها وطردهم، وإن صدر قرار برلماني أو حكومي أو حتى مرسوم رئاسي بذلك، إذ من أبسط حقوق السوريين الأتراك حينذاك، الاستئناف والمقاضاة.. وربما أكثر.
نهاية القول: بصرف النظر عن مدى صحة وواقعية “شعارات” الحملات الانتخابية التي ترفعها أحزاب المعارضة التركية. وعلى الأرجح، لن يكون حال السوريين في تركيا، بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الشهر المقبل، كما كانوا عليه قبلها.
التوقعات تشير إلى “إنهاء” سياسة الباب المفتوح، التي اعتمدها حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، وخاصة رئيسه، رجب طيب أردوغان، بعد عام 2011، من “أنتم المهاجرون ونحن الأنصار” أو الدراسة والطبابة المجانية وعمل وإقامة السوريين وأنى شاؤوا، دون أي قيد أو حتى ترخيص.
بعضهم بدأ يروّج ومنذ الآن، أنه وإن نجح تحالف حزب العدالة والتنمية مع الحركة القومية، بأغلبية برلمانية وفاز الرئيس أردوغان برئاسة الجمهورية، فمن المتوقع، أن يتم تسليم حقيبة وزارة الداخلية لحزب الحركة القومية، الذي يعد بإجراءات مشددة لتدفق العرب إلى تركيا، وتعديل قانون الإقامات ووقف منح الجنسية للسوريين أو تعديل شروط منحها على الأقل.
ما يعني، مرّ شهر عسل السوريين في تركيا، أو يبدو كذلك، ولا بد من العمل وعلى مستويات عدة ومنذ اليوم، ابتداء من إعادة النظر ببعض الأفعال التي أساءت إلى السوريين وصولاً للعمل على فوز “تحالف العدالة والتنمية” والرئيس أردوغان، وإن لمن يحق لهم ذلك على الأقل.
القضية اليوم، لم تعد “لا علاقة لنا بشؤون تركيا الداخلية” ما دام وصول بعض المرشحين يهدد وجود السوريين، وكثير من السوريين في تركيا يحملون الجنسية، ولهم أدوات وطرائق تأثير، تبدأ ولا تنتهي.
Sorry Comments are closed