حرب المصطلحات الإعلامية واستباحة الدم السوري

معاذ عبد الرحمن الدرويش9 مايو 2018آخر تحديث :
حرب المصطلحات الإعلامية واستباحة الدم السوري

إنها حرب المصطلحات الإعلامية في ظل استباحة الدم السوري وبشكل معلن وذبحه على مرآى ومسمع العالم أجمع، وإعطاء الضوء الأخضر لنظام الأسد وشركائه بالقتل والإجرام، وبينما كان السوريون منشغلين بموتهم وجراحهم وآلامهم، كان هناك حرب إعلامية خفية، تمرر من تحت أسترة غبار التدمير ودخان البارود.

حرب إعلامية عالمية، تسير بشكل ممنهج ودقيق، هذه الحرب هي حرب التلاعب بالمصطلحات الإعلامية، والتي من خلالها يتم تبرير كل ما يحصل من انتهاكات بحق الإنسانية، وتشرعن كل الجرائم التي ترتكب، وتعفي الدول والحكومات من أي إلتزامات أخلاقية تجاه ذلك. وسوف نتحدث عن أخطر المصطلحات التي استخدمت في الحرب الإعلامية ضد الثورة السورية.

من أخطر المصطلحات الإعلامية التي استخدمت مصطلح تسمية “تنظيم داعش” بالدولة الإسلامية، وكان الإعلام الغربي يركز كثيراً على استخدام هذا التعبير، ويصبغه بألوان براقة وجذابة، تشد اهتمام المتابع، لكي يوصل عدة رسائل إلى الشعوب الغربية من ذلك، أولا: أن ما يحصل في سوريا هو وجود إرهاب وليس ثورة، ثانياً: أن هذا الإرهاب إرهاب لدولة قوية ومنظمة ، وليس مجرد تنظيم بسيط، ثالثاً: إن صبغة هذه الدولة الإرهابية إسلامية، علماً أن داعش عبارة عن كذبة كبيرة، وهي ليست سوى شركة وهمية تم تأسيسها في سوريا والعراق لتبييض الوجوه السوداء، وغسيل الأيادي الملطخة بدماء الأبرياء.

المصطلح الثاني: إلباس الثورة السورية لباس المعارضة، وتغطية حقيقة ثورة شعب ضد حكم ديكتاتوري مجرم ظالم، فالمعارضة حسب العرف العالمي أقصى ما تصل إليه أن تتقاسم مع الحكومة الموجودة عدة وزارات لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما الثورة تعني اقتلاع النظام القائم من أعمق جذوره، أضف إلى أن المعارضة لا يحق لها أن تطالب بحقوقها بقوة السلاح، فالمعارضة المسلحة مرفوضة بالعرف الشعبي الغربي والدولي.

المصطلح الثالث: تسمية الحرب الدائرة في سوريا بحرب أهلية، وهذا يعفي الدول الأخرى من أي التزامات أخلاقية أو إنسانية تجاهها، والمساواة بين القاتل والضحية ، ففي الحروب الأهلية لا يوجد طرف مجرم على حساب طرف آخر، بل الجميع مدان، وبالتالي إعفاء نظام الأسد وروسيا وإيران من جرائم الإبادة بحق الشعب السوي البريء من خلال هذا المصطلح.

المصطلح الإعلامي الرابع: وهذا يخص الإعلام العربي، تسمية شهداء الثورة السورية بالقتلى، فتسمية الشهيد هي مصطلح إعلامي قبل أن يكون دينياً، فكل الأمم تسمي الذين يضحون في سبيل حياتها بالشهداء، لكن إطلاق تسمية قتلى على شهداء الثورة السورية هو تجريدهم من أنهم قتلوا ظلماً في الدفاع عن حق مشروع لشعبهم، أضف إلى أن تسميتهم شهداء – أسوة بأخوانهم شهداء فلسطين المحتلة – هو اعتراف صريح بأنهم قتلوا على يد عدو، وهذا ينافي الحقيقة أنه لا يوجد قناة إعلامية واحدة، إلا و كانت تخدم نظام الأسد وكل من معه، بطريقة أو بأخرى.

كثير من القنوات الإعلامية العالمية، كانت تدعي وقوفها إلى جانب ثورات الشعوب العربية عامة وثورة الشعب السوري خاصة، وتقدم نفسها كقنوات حرة ديمقراطية تدعم حق الشعوب بالمطالبة بالحرية والديمقراطية، لكن لو نظرت ودققت في المصطلحات الإعلامية التي تستخدمها لعرفت دجل تلك الدعاية الكاذبة، وأن الحقيقة ليست سوى خدعة كبيرة.

بالمقابل فإن السوريين أبدعوا بالحرب الإعلامية، وذلك من خلال إعلاميين أبطال نقلوا ووثقوا كل الجرائم التي كانت ترتكب بحق أهلهم، وحاولوا أن يوصلوها إلى العالم، لكن الماكينة الإعلامية العالمية كانت تفلتر كل تلك المشاهد وتتلاعب بالكلمات والمصطلحات بما يخدم حربها الممنهجة ضدهم، فكانت تأخذ ما يخدم توجهاتها، وتتجاهل ما دون ذلك.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل