يمثل عمى الألوان اضطراباً وراثياً يسبِّب صعوبة التمييز بين بعض الألوان، وليس له حل شافي حتى الآن، ولهذا استخدمت عدة وسائل لزيادة قدرة المرضى على مشاهدة الألوان، منها نظارات تصفية الألوان، إلا أنها كبيرة الحجم وباهظة الثمن ولا تصلح للاستخدام مع نظارات تصحيح أخطاء الرؤية الأخرى.

تتشكل رؤية الألوان لدى الأصحاء من ثلاثة ألوان رئيسة، وتنتج بقية الألوان بالدمج بين درجات الأزرق والأحمر والأخضر، وتتلقاها مخاريط الشبكية الموجودة في مؤخّرة العين.

وتنقسم المخاريط إلى ثلاث مجموعات: مجموعة مسؤولة عن الأمواج القصيرة «للون الأزرق»، ومجموعة للأمواج متوسطة الطول «للون الأخضر»، ومجموعة للأمواج الطويلة «للون الأحمر».

وتوجد هذه المجموعات لدى عموم البشر، وعندما يفقد شخص أحد هذه المجموعات المخروطية، يتلقَّى الدماغ معلومات خاطئة تؤدّي إلى عدم التعرف عى بعض الألوان.

تبيع عدة شركات نظارات وعدسات مخصصة لتصحيح عمى الألوان، لكنها باهظة الثمن عادة، ولهذا استخدم العلماء في هذا البحث عدسات رخيصة صُبِغت بصبغة حمراء فلورية غير سامة مشتقة من مادة الرودامين.

واختار الباحثون هذه المادة المشتقَّة من الرودامين لقدرتها على امتصاص أمواج ضوئية بأطوال معيَّنة. ووجدوا أنَّ الصبغة حجبت الحزمة الضوئية التي تقع بين أمواج اللون الأحمر واللون الأخضر التي تتلقَّاها مجموعتين مختلفتين من المخاريط في الوقت ذاته. أدَّى حجب هذه الحزمة إلى عدم تنبيه المخاريط المسؤولة عن تلقِّي اللونين الأخضر والأحمر، ما أتاح التمييز بين اللونين بشكل أفضل.

واختُبِرت العدسات المصبوغة على أشخاص مصابين بعمى اللونين الأحمر والأخضر «وهو عمى الألوان الأكثر شيوعاً» طُلِب من المشاركين النظر إلى عدَّة أرقام مطبوعة من خلال العدسة المصبوغة لمراقبة التحسُّن أو الوضوح في الرؤية، وطُلِب منهم أيضًا إطلاق النظر حولهم لملاحظة أيّ تحسُّن في إدراك الألوان.

أكَّدت النتائج أنَّ العدسات المصبوغة تسهم في تحسين إدراك الألوان لدى المصابين بعمى الألوان. ويسعى الباحثون الآن إلى إجراء دراسات سريرية أكثر على المرضى.

وقال الطبيب “حيدر بوت” الباحث في جامعة “برمنجهام” في معهد الهندسة الميكانيكية والتقنية الطبية «تمثِّل العدسات اللاصقة حلاً مرغوباً لعمى الألوان لأنَّها أسهل لتصحيح مجال الرؤية كاملاً، ولا يحتاج إنتاج الصبغة إلى عمليَّات معقَّدة، وهي غير مؤذية للعين، ويمكن استخدام هذه الطريقة في النظَّارات والعدسات اللاصقة بتكلفة بسيطة… إنَّنا نسعى الآن إلى استخدام طريقة مشابهة لتصحيح عمى اللونين الأزرق والبنفسجي. وسنتمكَّن من إجراء تجارب سريرية بشرية في المستقبل القريب.