في بداية الثورة كان أحد النشطاء الثوريين يتحدث إلى إحدى القنوات التلفزيونية عن الأوضاع الثورية في منطقته، قال بعفوية اللهجة السورية بعد أن خرجنا اليوم في تظاهرات سلمية هجم علينا الجيش والشبيحة وصار ضرب الرصاص “على أبو موزة” قاطعته المذيعة: وأين تقع منطقة أبو موزة.. قال الناشط يعني “على أبو جنب” وقبل أن تسأل المذيعة أين تقع “أبو جنب” استدرك الناشط قائلاً يعني كان الضرب بشكل عشوائي وكثيف وفي كل الإتجاهات.
غريب أمر هذا المثل لدى السوريين، والذي يستخدم فيه “ضرب الموز” للدلالة على الكثرة المفرطة، علماً أن الموز فاكهة نادرة في حياة السوري، ولا يلوكه لسانه إلا عندما يتحدث بذلك المثل.
دخل رجل إلى بيته وكان في يده ورقة، جمع أطفاله حوله ثم فتح الورقة وقال لهم، انظروا إلى هذه الفاكهة وكانت صورة للموز، هذه الفاكهة اسمها موز، وأنا أبرؤ رقبتي أمامكم حتى لا يقول أحدكم في يوم من الأيام “بعمرنا ما شفنا الموز في بيت أبينا” ها قد شاهدتموه جميعكم.
هذه الحادثة حصلت في بداية التسعينيات أيام حكم المقبور حافظ عندما جوّع الشعب السوري لأكثر من عشر سنوات، لا لشيء سوى لكي يثبت لهم أنه مقاوم لإسرائيل ومعادٍ للإمبريالية وأنه محاصر من أجل موقفه من القضية الفلسطينية، صدق الشعب السوري تلك الأكذوبة وصبر على الجوع و الفقر، في حين أن بيت الأسد كانت تتدفق إلى جيوبهم يومياً ملايين الدولارات في تلك الأثناء، بدءاً من النفط ووصولاً إلى كل آخر خيرات الوطن المسلوب، ولعلّ الثروة التي خرج بها المجرم رفعت أخيه، وحدها كافية لكي يعيش الشعب السوري في بحبوحة، بينما كان المواطن السوري يقف في طابور الفرن لساعات طويلة للحصول على ربطة خبز.
أما أيام المجرم الابن بشار، فإن الحصار الذي فرضه على السوريين وصل إلى حد الموت جوعاً، وهذا ما حصل في مضايا والغوطة وكثير من المناطق الثائرة في سوريا. وعندما هجر أهل الغوطة من ديارهم بعد خمس سنوات من الحصار، ووصلوا إلى الأراضي المحررة في إدلب، كثير من الأطفال الذي ولدوا خلال سنوات الحصار ولأول مرة في حياتهم شاهدوا الموز و التفاح، لم يعرفوا شيئاً عن “البسكويت” أو “الشيبس” للأطفال. ثم يأتي المرجفون والرماديون والخونة ويقولون لك: “كنا عايشين”، نعم كنا عايشين من قلة الموت، والدليل انه عندما جاء الموت أصبح السوريون يموتون كل يوم بالمئات وربما بالآلاف وبكلّ الأشكال والألوان.
عذراً التعليقات مغلقة